صنعاء تعود إلى أيام الحطب
- الجزيرة نت الثلاثاء, 06 مارس, 2018 - 09:23 صباحاً
صنعاء تعود إلى أيام الحطب

[ سكان صنعاء مع أسطواناتهم الفارغة وقد أعياهم الانتظار - الجزيرة ]

بقايا قطع خشبية وقراطيس وكرتون هو كل ما توفر للأستاذة الجامعية أم نصر البكيلي لطهي ما تيسر من خبز وطعام لأطفالها، بعد أن أصبحت أسطوانة الغاز الواحدة سلعة نادرة غلا ثمنها في العاصمة اليمنية صنعاء.
 
ورغم ما أبدته أم نصر من نقمة على المتسببين في أزمة الغاز، خصوصا في ظل حالات الفقر والعوز التي تتفاقم في المجتمع اليمني بالنظر إلى حالة الحرب التي تعيشها البلاد منذ سنوات والحصار الذي يفرضه التحالف العربي بقيادة السعودية؛ فإنها تبدو عازمة على مواجهة الصعاب وتوفير ما يشبع أفراد أسرتها.
 
البكيلي وهي تقارن الماضي بالحاضر ترى أن الحرب والانقلاب الحوثي في صنعاء قلبا حياتها رأسا على عقب، وأعاداها عقودا للوراء، إذ يعيش اليمنيون اليوم واقعا شبيها بما عاشه الآباء والأجداد قبل ثورة 26 سبتمبر/أيلول 1962.
 
التلاعب بالأسعار
 
واعتبرت أن أزمة الغاز المنزلي الذي يتلاعب بأسعاره التجار ومن ورائهم قادة الحوثيين، لن يكسر إرادة اليمنيين في مقاومة الواقع المرير بل سيزيدهم إصرارا على المزيد من الصبر والصمود والتفاؤل بغد أفضل ومستقبل زاهر.
 
لكن في انتظار أن يتحقق ذلك، تباع أسطوانة الغاز في صنعاء -سعة 20 كلغ- بسبعة آلاف ريال يمني (28 دولارا)، في حين أن سعره الرسمي يصل إلى 1250 ريالا (خمسة دولارات) في مناطق الحكومة الشرعية، كما أن شركة الغاز في مدينة مأرب تزود المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين بشكل مستمر وبالسعر الرسمي نفسه.
 
وأرجع تجار وبعض العاملين في محطات بيع الغاز أسباب ارتفاع أسعاره للابتزاز الذي يمارسه الحوثيون على موردي الغاز، وفرض رسوم وضرائب غير قانونية على شحنات الغاز الآتية من مأرب.
 
وتتهم السلطات الحكومية في منشأة صافر بمحافظة مأرب الحوثيين في التسبب بأزمة الغاز المنزلي، وتؤكد أنها تورد كميات كافية يوميا إلى صنعاء والمحافظات الأخرى الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.
 
مخابز الحطب

وصار لجوء كثير من الأهالي إلى شراء الحطب للطهي ظاهرة مجتمعية في صنعاء، سرعان ما انضم إليها أصحاب المخابز والمطاعم الذين أضحوا يعتمدون عليه في تشغيل محالهم، وصارت أكوام الحطب بارزة للعيان أمام المخابز بديلا عن الغاز والديزل.
 
من هؤلاء محمد الصبري، صاحب المخبز الذي كان يتزود بكميات كبيرة من الحطب من أحد التجار، ويبحث عن شاحنة يستأجرها لنقله إلى مخبزه.
 
وبحسب صبري، فإن أسعار الحطب ارتفعت بشكل لافت وصار له سوق رائجة بعد إقبال المواطنين على شرائه واعتمادهم عليه في تشغيل التنور المنزلي للطهي.
 
وبسخرية يضيف أن الناس صاروا يتنافسون على التقاط بقايا الخشب وقطع الحطب من الطرقات، كما باتت الأشجار الوارفة في بعض شوارع صنعاء مهددة بانقضاض المواطنين عليها وتحطيبها، في حال زادت أزمة الغاز عن حدها.
 
تعطل الحركة

ورأى صاحب المخبز أن ثمة سوقا سوداء أنشأها الحوثيون في صنعاء والمدن الأخرى تحقق لهم ثراء شخصيا، حيث يرفعون أسعار الغاز والمشتقات النفطية متاجرين بمعاناة الشعب اليمني.
 
وبالإضافة إلى أزمة الطهي، امتدت الأزمة لتشمل وسائل النقل العامة، حيث ارتفعت أجور نقل الركاب بين شوارع صنعاء إلى مئة ريال (نصف دولار) للشخص الواحد، وهو ما يمثل ضعفي الأجرة المقررة رسميا.
 
وبارتفاع أسعار الغاز الذي تستعمله أيضا كثير من المركبات في صنعاء خصوصا سيارات الأجرة، تراجعت بشكل واضح حركة النقل الداخلي بين أحياء العاصمة.
 
ويروي الطالب الجامعي خالد العامري أن أزمة الغاز انعكست عليه مباشرة، حيث ارتفعت أجور الحافلات العامة، وصار يقطع نحو عشرة كيلومترات مشيا على الأقدام للوصول إلى جامعته والعودة منها نظرا لفقر عائلته وعدم قدرتها على توفير خمسمئة ريال (دولارين) يوميا أجور مواصلاته.


التعليقات