بالكثير من الغصة والدموع المخنوقة تمر علينا الذكرى الخامسة لذكرى جريمة مجزرة الكرامة التي غادرتنا فيها 43 روحاً خرجت بحثاً عن المستقبل فالتهمها الماضي.
الجدران التي دمرها الشباب بأكفهم لمنع استمرار احتكار البلاد من قبل ثلة الحكم الفاسدة التي نهشت اوصاله ونشرت في الجسد اليمني كافة الامراض والاوبئة، كانت هي البوابة الفاصلة بين الماضي والمستقبل.
18 مارس يوم فاتحة الحرية وسورة الكوثر وأية الكرسي، أطول صلاة في حياة اليمنيين لم تنتهي صلاة الجمعة التي بدأت في الأرض ومازالت قائمة في السماء.
خمس سنوات والعدالة عبارة عن حلم مؤجل قايضها السياسة بالحصانة التي منحت القاتل فرصة ثانية وثالثة وعاشرة لممارسة المزيد من الجرائم التي وصلت لكل شبر في البلاد.
انتظار العدالة من القاتل كذبة كبرى سوقتها جميع الأطراف التي تقاسمت أرواح اليمنيين وحياتهم خلال عقود طويلة من الفساد، فالعدالة مثل الحرية لا توهب بل تنتزع انتزاعا.
وجوههم تحاصرنا ودمائهم مازالت طرية نتذكر تلك الملامح البريئة التي استفزت احلامها واصواتها الجلاد فقرر سرقة ارواحها.
تسربت أدوات الجريمة التي تم القاء القبض عليها من قبل الشباب، مثلما تم تهريبهم عبر النيابة وعبر شركاء القاتل الأكبر، تم منح القاتل الحصانة وقاموا بمحاولة طمس معالم الجريمة وتغيير ملامح المكان.
منح الشهداء للمكان أهمية وجعلوا للزمن معنى لن تفلح كل محاولات القتلة في القفز على دلالة المكان والزمان، حتى وان افتعلوا جريمة جديدة ستضاف الى رصيد الحساب الجرح المفتوح وان غيروا اسم الشارع وانتزعوا بقايا الاثار وغيروا ألوان الأرصفة ستبقى الأماكن وفية للدماء التي انسكبت في جنباتها.
شهداء الكرامة لم نكن بقوتكم ولا بشجاعتكم ولا بجسارتكم، تشاركنا جميعا في خذلان ارواحكم حين تراجعنا عن الطريق الذي رسمته ارواحكم، وحين قررنا منح القاتل فرصة أخرى لقتل ذكراكم في ارواحنا.
نستذكر اليوم قليلا من رائحة الكرامة وصورها العالقة في جدران الروح في انتظار فرصة لإنصاف الضحايا ومنحهم تكريما يليق بما قدموه من تضحيات في درب الحرية.