تصريحات الجنرال الإيراني سليماني.. بين نشوة الانتصار وتهديد السعودية
- خاص - عدنان هاشم الجمعة, 27 مايو, 2016 - 09:33 مساءً
تصريحات الجنرال الإيراني سليماني.. بين نشوة الانتصار وتهديد السعودية

[ الجنرال الايراني قاسم سليماني ]

لا تأتي دلالات تصريحات قاسم سليماني قائد فيلق قدس الإيراني، حول دعم الحوثيين في اليمن، كبادرة أولية لدعم مستمر منذ عقدين، هو تأكيد لاعترافات سابقة اشتعلت بوتيرة أسرع منذ اجتياح الحوثيين صنعاء في سبتمبر/ أيلول 2014م.

هذه المرة أتت التصريحات الإيرانية تحمل نشوة "الإنتصار" ففي خطابه، الاثنين الماضي في مؤتمر عقدته الحوزة العلمية في مدينة قم تحت عنوان "الحوزة الثورية، الهواجس والآمال"، وقال فيها الحرب التي يشنها من سماهم الأعداء أدت لهزيمتهم وتعزيز قوة الحوثيين.

هذه التصريحات تُقرأ في ناحيتين الأولى داخلياً وخارجياً، حيث لاتنفك قراءة تصريحات "سليماني" عن تصريحات المسؤولين الإيرانيين الآخرين، وحالة القطيعة الدبلوماسية بين الرياض وطهران، والتي تحولت إلى حرب بالوكالة تستثمر إيران الحوثيين في اليمن إلى صالحها المعادي للعرب، والتي ترى فيها إيران، الحرب غير المُكلفة والتي لا تدفع فيها كما تدفع في سوريا والعراق ولبنان، وتحقق الكثير من السياسات لصالح "طهران".

وهو ما عبر عنه قال قائد فيلق حمزة سيد الشهداء محمد تقي اوصانلو  شمال غرب البلاد يوم الأربعاء (25مايو) بالقول إن "ثقافة المقاومة في سوريا والعراق واليمن تمكنت من الحصول على أفضل النتائج". وقاله رئيس الاركان العامة للقوات المسلحة اللواء سيد حسن فيروزآبادي يوم (23 مايو) بأن "نفوذ إيران في العالم الإسلامي يقوم على أساس رؤية واضحة وليس على العمل العسكري".

الممانعة في الاعتراف

سبق أن قال الإيرانيون عقب اجتياح الحوثيين صنعاء أنها تمثل العاصمة الرابعة بل زادوا وقالوا إن حدود إيران يمتد حتى باب المندب، وأظهر الإيرانيون امتعاضاً شديداً من حديث محمد عبدالسلام-المتحدث باسم الحوثيين- وحديث "أبو يوسف الفيشي"- القيادي في الجماعة- الذي دعاهم إلى عدم استخدام اليمن في سياستهم؛ لكن تصريحات هؤلاء وغيرهم من القيادات للصحافة الفارسية مختلفة حيث يثمنون دور إيران في مساندتهم السياسية-في العادة لا يعترفون بالدعم العسكري- ويأتي حديث قاسم سليماني المسؤول الأول في إيران عن ملف "اليمن" و "سوريا" و "العراق" والذي يقدم تقرير دوري لمجلس الخبراء والبرلمان الإيراني يأتي مؤكداً للعلاقة العضوية والاستراتيجية بين الحوثيين والنظام الإيراني.

وقد يرتبط، حديث "سليماني"، بمحاولة إفشال "مشاورات الكويت" التي ترى في "حرب اليمن" فرصة للضغط على "السعودية" و "تركيا" لتقديم  تنازلات في ملفات أخرى منها الملف السوري، ويعني إطالة الحرب في البلاد تنفيذ إشارة العميد مسعود جزائري، نائب رئيس هيئة أركان القوات المسلحة في (مارس الماضي) أن إيران قد ترسل مستشارين عسكريين لليمن لمساعدة الحوثيين؛ وقد تدعمهم بنفس أسلوب دعمها للقوات الحكومية في سورية؛ كمال قال هذا المسؤول البارز.

وهو أيضاً ما يرتبط بزيادة حملة التبرعات التي يقيمها النظام الإيراني عبر جمعياته لدعم اليمن، والتي تستهدف عادةً "الحوزات" مكان الخطاب الذي ألقاه سليماني، ويرتبط أيضاً بما بنتائج "لجنة الشعب اليمني في إيران" التي يرأسها الجنرال في الحرس الثوري وقائد شرطة طهران السابق إسماعيل أحمدي مقدم، والذي قدم في يناير الماضي تقريره إلى البرلمان مطالباً باعتماد موازنة لجنته، والتي ترتبط أيضاً بتصريحات قيادي في "الباسيج"-قوات التعبئة- بأن طلاب الجامعات على استعداد للذهاب والقتال في اليمن.

ويستبعد أن تقوم إيران بدعم "الحوثيين" بكيفية "دعم نظام الأسد في سوريا" لعدة أسباب تقع أغلبها في إطار "الجغرافيا"، لكن من الممكن إرسال مستشارين، وسبق أن حاولت إيران ذلك مع "عاصفة الحزم" فكانت السفن التي يتحدث عن مساعدات تحوي قيادات سابقين في الحرس الثوري.

في الجهة المقابلة -إذا ما استثنت إيران استمرار الحرب- فهي ترى أن اليمن يمكن أن يحكم توافقياً لفترة معينة فقط، لكن لا يمكن أن يحكم طويلاً بحكومة وحدة وطنية، فحسب دراسة (نشرت أواخر ابريل 2016)،  لمهدی ذوالفقاری رئيس معهد الدراسات الاستراتيجية للخليج والشرق الأوسط، لا يحكم اليمن إلا عبر مكون واحد فقط، وستكون جماعة الحوثي بحاجة إلى كسب "الرضا" القبلي، والتأييد "السعودي" كما يرى ذوالفقارى، من أجل البقاء في السلطة، لذلك يحتاج الحوثيون اتفاق يشبه "اتفاق الطائف" بين القوى اللبنانية 1989م والذي سمح ببقاء سلاح "حزب الله" بحجة مواجهة "إسرائيل" وبجانب ذلك الحصول على الثلث المُعطل.

الحاجة الداخلية

من زاوية أخرى عادة ما يتعلق تصريحات المسؤولين الإيرانيين والتي تبدو للوهلة الأولى أنها تختص بالخارج، لكنها تخاطب الداخل أيضاً، في وقت يرفع الإعلام الإيراني وتيرة دعايته الإعلامية في محاولة لصنع رمز ثوري جديد تلتف حوله الجماهير؛ وهو ما يروج لـ"سليماني" أنه ذلك الرمز، فلا غرابة أن يستمر الرجل بالظهور بشكل دوري إما في لقاءات المرشد أو في العراق وسوريا، ومع حالة السخط في إيران من تعثر الإصلاحات الاقتصادية، وزيادة عدد العاطلين عن العمل، وحالة التردي في الخدمات داخل إيران، فإيران تحتاج لـ"الوهج الثوري" لترد كل الفساد الذي يديره الحرس الثوري والمرشد إليه، وأن مواجهة هذا "الخارج" "الأمريكي- الخليجي" هو حماية لإيران من "الدواعش" و"التكفيرين".

فعلاوة على حديث المسؤولين العسكريين والسياسيين بشكل شبه يومي في الإعلام أن القتال في سوريا والعراق حماية لحدود إيران من "الدواعش" و"التفجيرات"، وأن "سليماني" يقود حماية الإيرانيين من الاعتداء، إلا أنها توجه الطلاب الإيرانيين إلى المزيد من الانخراط فيما يسمى "ثقافة المقاومة" و"حماية إيران" من العرب، فبهذه الطريقة تستطيع إيران تحويل الأزمات الداخلية والخارجية إلى مكاسب تحافظ على بقاء حكم نظام الملالي مُده أطول.

لذلك مع حالة الاحتقان في إيران كان النظام بحاجة للتأكيد أنه أيضاً لا يتدخل ويدافع  عن الجمهورية فحسب بل "ينتصر" ليزيد من مشاعر القومية "الفارسية" ويدس "السم" بالتهرب من الإصلاحات ومكافحة الفساد، في "عسل" وهّم الانتصار، وهو ما فعله "سليماني" في حديثه عن الحوثيين في اليمن.
 


التعليقات