أسباب استماتة الحوثيين في مديرية المتون بالجوف (تقرير)
- علي العنثري - خاص الجمعة, 20 يناير, 2017 - 08:32 مساءً
أسباب استماتة الحوثيين في مديرية المتون بالجوف (تقرير)

[ قوات الجيش الوطني في المتون بالجوف ]

يواصل الجيش الوطني مسنودا بالمقاومة الشعبية، وبغطاء من مقاتلات التحالف العربي، تقدمه في الجبهة الغربية بمحافظة الجوف، باتجاه محافظة عمران.
 
وتمكن الجيش الوطني من إحراز تقدم كبير في مديرية المتون، غرب الجوف، حيث استولى على 70 بالمائة منها، مقتربا بذلك من مديرية حرف سفيان بمحافظة عمران، شمال العاصمة صنعاء.
 
لماذا يستميت الحوثيون في المتون؟
 
أطلق الجيش الوطني في 14/1/2016 عملية عسكرية واسعة في المتون، تمكن خلالها من السيطرة على مناطق واسعة فيها، وهو ما أثار جنون الميليشيات، وجعلها تحرك كتائب التعزيزات من عمران والمديريات المجاورة لها، وتدفع بها إلى المتون بالجوف في محاولة منها لاستعادة ما خسرته من مواقع.
 
وفعلا نجحت الميليشيات بعد وصول تعزيزاتها في استعادة سوق الإثنين وبعض المناطق المجاورة بعد وقت قصير من سقوطها بيد الجيش الوطني، بعد معارك شرسة قتل خلالها 40 فردًا من الميليشيات الانقلابية، بينهم قيادات حوثية لم تشارك منذ الحروب الست في أي حرب، وهو ما يثير علامات الإستفهام حول أهمية المتون بالنسبة لهذه الميليشيات.
 
أهمية مديرية المتون للميليشيات
 
لم تكن المعلومات المتوفرة كافية لتبرير استماته وانتحار المليشيات الانقلابية على مديرية المتون بالجوف، وهذا ما دفعني للبحث عن تفاصيل ومعلومات أكثر لمعرفة أسباب هذا الانتحار.
 
الشيخ (ع أ)، أحد وجهاء حزب المؤتمر الشعبي العام، وانضم مؤخرا للشرعية، من أبناء مديرية المتون، يكشف عن جانب من تلك الأهمية التي تجعل الحوثيين يستميتون على عتباتها.
 
يقول الشيخ المذكور إن مديرية المتون تغطي نصف ميزانية الحوثي في الجوف تقريبا، حيث تصدر لهم الملايين سنويا، كونها تتمتع بأراضٍ زراعية خصبة، وشجرة القات لوحدها تتصدر 60% من مساحتها، وتصدر القات لمختلف المحافظات، الأمر الذي جعلها مصدر دخل للميليشيات من خلال الخُمس الذي يأخذونه من المواطنين والمزارع التابعة لهم.
 
وأضاف الشيخ (ع أ) "الأمر الآخر أن المتون تعتبر حاضنة لجماعة الحوثي وفيها قيادات ميدانية في الجماعة شاركت في الحروب الست، حتى قتل البعض منهم في الحرب الأولى والثانية، وكذا الرابعة والسادسة".
 
ولفت إلى أنه يتواجد في المتون معسكر حام الإستراتيجي الذي يقع شمال المديرية، وهو النقطة الأهم، حيث تأسس هذا المعسكر في عام 1992 على أيدي أبناء المديرية، ويطلق عليه معسكر "الصابرين"، نظرا لشدة وصعوبة التدريب الذي يتلقاه أفراد الميليشيات الانقلابية على يد مدربين إيرانين وعراقيين.
 
ولفت إلى أن المعسكر كان يصدر المقاتلين لكل جبهات الحوثي في اليمن، ويبعث منه الطلاب للدراسة في إيران وغيرها.
 
وقال الشيخ (ع أ) "ليس ذلك فحسب، ففي مديرية المتون سوق الإثنين وهو يعتبر السوق الثاني بعد سوق الحزم مركز المحافظة، وبعد سيطرة الجيش الوطني على مدينة الحزم أصبح ملجأ جميع عناصر الانقلاب في الجوف لقضاء حوائجهم، وأيضا مصدر دخل آخر للحوثيين، فبحسب مصادر معلوماتية أكدت توريد أكثر من مليون ريال شهريا لخزينة الحوثي من الضرائب وبند الخُمس والمجهود الحربي... إلخ".
 
موقع المتون الإستراتيجي
 
تقع المتون غربي محافظة الجوف "شرقي اليمن"، متوسطة لخمس مديريات (الحزم، المصلوب، المطمة، الزاهر، وخب الشعف)، وهذا ما يجعلها منطقة عسكرية مهمة، حيث تعتبر استعادتها بداية سقوط ثلاث مديريات أخرى وبسقوط مديرية المصلوب الواقعة جنوبها تدخل المواجهات لمديرية أرحب بالعاصمة صنعاء، وبتحرير مديرية الزاهر الواقعة غربها تدخل المواجهات لمديرية المطمة التي تعد تصفيتها بداية المواجهات في حرف سفيان بمحافظة عمران ومنطقة أرحب من جهة الشمال.
 
كما أن دخول المواجهات إلى منطقة الحميدات شمال غرب المديرية التي لا يفصل عنها ومحافظة صعدة غير مديرية برط المراشي التي تعد من أصغر مديريات الجوف وأقلها سكانا.
 
المتون وتأثرها بالفكر الشيعي
 
إلى جانب ما سبق، تمثل المتون حاضنة شعبية لميليشيات الحوثي، كونها منطقة زيدية قديما، كما أن الحوثي استخدم المذهب الزيدي للتأثير على المجتمعات الجاهلة تماما، وبهذا فإن توسعهم داخلها يزيد يوما بعد يوم، حتى تمكنوا من نشر التشيع والإثنى عشرية داخل المنطقة.
 
يقول الحاج (محمد ع) عن تحريف الزيدية "في العام 1989 دخل الفكر الجارودي وسط الفكر الزيدي المعتدل في المتون، باستخدام معلمين جاؤوا من صعدة، وأول ما بدأوا به من تحريف يتمثل في إشعال النار في المناسبات مثال المولد النبوي... إلخ، وأيضا الاحتفال بيوم عاشوراء، وبحكم الجهل فإننا تماشينا معهم حيث كنا نقدس أولئك المعلمين بطابعنا الفطري الذي يلزمنا باحترام المتعلمين".
 
ويضيف الحاج (محمد) أن 90 بالمائة من الزيدية تماشوا مع أولئك المدرسين، وبنيت لهم المعاهد والمدارس وكانوا يأخذون الشباب لدورات تعليمية في صعدة وصنعاء، وبالنسبة لـ10بالمائة ظلوا متمسكين بالمذهب الزيدي المعتدل، وفي التسعينيات جاء أهل السنة من الإصلاح وعرفنا أن ما نقوم به هو باطل، وأن الدين يُحرم البدع والضلالات وكان ذلك دافعا لبعضنا لترك أولئك المعلمين القادمين من صعدة.
 
الشاهد في ذلك أن المعلمين أولئك الذين جاؤوا في الثمانينيات كانوا هم الخطوة الأولى لنشر الفكر الجارودي الذي هو اليوم فكر جماعة الحوثي التي جلبت هذا الفكر لأرض اليمن.
 
تواجد السنّة
 
يتواجد المنتمون لأهل لسنة في مديرية المتون، بنسبة 50 بالمائة، غير الزيدية المعتدلة، الأمر الذي جعل الحوثي يجرعهم الويلات، حتى قام بإخراجهم من ديارهم وتهجيرهم جميعا لكي تكون المنطقة حصرية لهم وخالية من المعارضين لهم.
 
وتشير المصادر إلى أن أبناء السنة في المتون أصبحوا حاليا مهجرين في المديريات الأخرى المحررة من ميليشيات الحوثي، وغالبيتهم التحقوا بصفوف المقاومة ويقارعون الميليشيات ليل نهار لاستعادة أراضيهم.
 
وكما يبدو فإن المتون على وشك العودة إلى وضعها الطبيعي، بعيدا عن هذا التوحش الطائفي، الذي بدأه الحوثيون منذ عقود ربما، مستهدفين هذه المديرية الإستراتيجية، والواقعة بين محافظات عمران وصنعاء وصعدة، المعاقل الرئيسية للميليشيات الانقلابية.
 


التعليقات