بين الدوافع والمعوقات.. لماذا إيران عاجزة عن التدخل العسكري المباشر في اليمن؟
- عبدالسلام قائد السبت, 28 يناير, 2017 - 04:54 مساءً
بين الدوافع والمعوقات.. لماذا إيران عاجزة عن التدخل العسكري المباشر في اليمن؟

[ سفينة ايرانية في المياه الاقليمية لليمن ]

رغم تدخل إيران العسكري المباشر في العراق وسوريا، من خلال ما يعرف بـ"الحرس الثوري الإيراني"، وغيره من التشكيلات العسكرية الإيرانية، لنصرة حلفائها هناك، إلا أنها في الحالة اليمنية تبدو عاجزة عن التدخل العسكري المباشر لنصرة حلفائها الحوثيين، واكتفت بتقديم أشكال محدودة من الدعم، تتمثل في تهريب الأسلحة، وإرسال عدد محدود من الخبراء العسكريين، بالإضافة إلى الدعم الدبلوماسي في المحافل الدولية، وأيضًا الدعم الإعلامي.
 
وبما أن أشكال الدعم المذكورة لم تعد مجدية، خاصة بعد عملية "الرمح الذهبي"، وسيطرة الجيش الوطني على منافذ تهريب السلاح الإيراني للحوثيين، وأيضًا هزائم الحوثيين وحليفهم المخلوع علي صالح في عدد من الجبهات، فإن دوافع إيران للتدخل العسكري المباشر ستزداد، وأيضًا فإن الحوثيين سيطلبون في اللحظات الأخيرة من إيران أن تتدخل عسكريًا لخلط الأوراق وإنقاذهم، لكن في كل الأحوال إيران غير قادرة على التدخل العسكري المباشر في اليمن لأسباب كثيرة.
 
دوافع التدخل
 
هناك عدة أسباب تدفع إيران للتدخل العسكري المباشر في اليمن، لكن دوافع التدخل تواجهها العديد من المعوقات، وفيما يلي أهم دوافع التدخل العسكري المباشر:
 
- تدرك إيران أن هزيمة الحوثيين في اليمن تمثل بداية انحسار مشروعها التوسعي، ونهاية حلم عودة الإمبراطورية الفارسية، وأيضًا نهاية حلم تصدير الثورة الخمينية.
 
- هزيمة الحوثيين ستؤثر على النفوذ الإيراني في المنطقة، وستفقد إيران أحد وأهم أدواتها في جنوب الجزيرة العربية، وهم الحوثيون، وسيؤثر ذلك على الصراع الطائفي في سوريا والعراق ولبنان.
 
- تدرك إيران جيدًا أنه بسبب عدم تدخلها العسكري المباشر في اليمن فإن ذلك سيؤثر على الطوائف الشيعية في بعض البلدان الخليجية، كون هذه الطوائف لن تقدم على ارتكاب أعمال تخريبية، خشية قمع السلطات المحلية لها، وأن إيران لن تتدخل لإنقاذها.
 
- تخشى إيران أن تحقق قوات الجيش الوطني بمساندة طائرات التحالف العربي نصرًا حاسمًا ضد الحوثيين في اليمن، وذلك خوفًا من أن تكرر دول التحالف العربي هذه التجربة في مناطق أخرى، مثل سوريا والعراق ولبنان، وتقضي على نفوذها وأدواتها التخريبية تمامًا.
 
معوقات التدخل
 
هناك الكثير من المعوقات التي تحول دون التدخل العسكري الإيراني المباشر في اليمن، لإنقاذ حلفائها الحوثيين من هزيمة مؤكدة، والمسألة بخصوص ذلك ليست سوى مسألة وقت، وفيما يلي أهم المعوقات:
 
- تدرك إيران أن أي تدخل عسكري مباشر من قبلها في اليمن سيمثل استفزازًا مباشرًا لعشر دول عربية على الأقل، وهي دول التحالف العربي المشاركة في عملية "عاصفة الحزم"، وسيكون ذلك التدخل بمثابة إعلان حرب بشكل رسمي من قبل إيران الشيعية على الدول العربية السنية، وبالتالي، فإيران تخشى أن يتوسع التحالف العربي، ويعلن بدوره حربًا شاملة على إيران وحلفائها من جماعات شيعية في بعض الدول العربية، وسيؤثر ذلك -بلا شك- على إيران وحلفائها، وسيكون حجم الخسائر باهظًا، ولن تقوى إيران على تحمله.
 
- تخشى إيران من أن يؤدي تدخلها العسكري المباشر في اليمن إلى إشعال حرب طائفية ومذهبية تتجاوز العالم العربي إلى العالم الإسلامي، ولن يكون بمقدور إيران تحمل تكاليف المواجهة، فضلًا عن القدرة على الصمود، خاصة إذا شاركت دولًا إسلامية في الحرب ضد إيران، مثل تركيا، وباكستان النووية، ذلك أن السعودية تحالفاتها العربية والإسلامية قوية، على العكس من إيران الشيعية التي ليس لها حلفاء في العالم العربي والإسلامي سوى جماعات وميليشيات شيعية لن تقوى على مواجهة الجيوش النظامية.
 
- البعد الجغرافي لليمن عن إيران سيجعل من محاولة التدخل العسكري المباشر مهمة مكلفة جدًا، خاصة في ظل الحصار الذي تفرضه دول التحالف العربي على عملاء إيران في اليمن، وأي محاولة للتدخل العسكري المباشر ستبدأ أولًا بالاصطدام المباشر مع دول التحالف العربي في الجو والبحر، وستنتقل المعركة من اليمن إلى دول الخليج وداخل إيران ذاتها.
 
- إيران غير مستعدة للتدخل المباشر من أجل الحوثيين كونهم أقلية سكانية صغيرة جدًا، قياسًا بإجمالي عدد سكان اليمن، ما يعني أن كلفة التدخل المباشر لا تتناسب مع حجم الحوثيين السكاني، وأيضًا حجمهم السياسي والعسكري، أي أنه ليس مضمونًا أن يكون لهم دور سياسي مؤثر في اليمن مستقبلًا من شأنه خدمة الأطماع الإيرانية.
 
- تدرك إيران أن من نفخ في بالونة الحوثيين هو المخلوع علي صالح، وأن السبب الرئيسي للصراع في اليمن يكمن في محاولة عودة المخلوع صالح للسلطة ولكن على ظهر الحوثيين، وأن الحوثيين يحاولون استغلال ذلك لاستعادة نظام حكم الإمامة البائد، كما أن المخلوع صالح حليف غير موثوق به لدى طهران، لاسيما وأنه حريص على تضخيم قوة الحوثيين من جانب، وحريص على أن لا يكون القضاء عليهم إلا من خلاله هو من جانب آخر، بغرض استعادة علاقته مع السعودية ودول الخليج، وبالتالي العودة للسلطة تحت لافتة القضاء على الحوثيين.
 
تحولات العلاقات الدولية
 
وأخيرًا، تدرك إيران أن تحولات الصراع في المنطقة وتحولات العلاقات الدولية تسير في غير صالحها، خاصة بعد حالة الجمود التي انتابت علاقتها مع روسيا مؤخرا، بسبب ما بدا أنه استحواذ موسكو على الملف السوري، والتقارب بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية بعد تسلم دونالد ترامب للسلطة، المعروف بتشدد مواقفه تجاه إيران.
 
والأمر المفاجئ لإيران، أن روسيا باركت لقوات الجيش الوطني انتصاراتها الأخيرة في الساحل الغربي لليمن، وهو ما بدا وكأنه رسالة سياسية من موسكو موجهة إلى طهران، مفادها أن موسكو لن تكون شرطي طهران في المنطقة.
 
وكل ذلك يعني أن إيران هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي ليس لديها دولًا حليفة مستعدة للتدخل العسكري من أجلها، ولكنها متحالفة مع الميليشيات الشيعية في عدة بلدان عربية، وهذه الميليشيات ستظل مجرد ميليشيات فقط، ولا يمكن أن تتحول إلى دول، أو تسيطر على الحكم بشكل مطلق في هذا البلد أو ذاك، لأن إرادة الشعوب العربية تقف لها بالمرصاد.
 
 


التعليقات