المليشيا تمنع منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة من دخول تعز.. ماذا يعني ذلك؟ (تقرير)
- وئام عبدالملك الاربعاء, 01 مارس, 2017 - 11:59 مساءً
المليشيا تمنع منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة من دخول تعز.. ماذا يعني ذلك؟ (تقرير)

[ انتهاكات الانقلابيين تطال المسؤولين الأممين ]

على أبواب تعز المحاصرة منذ قرابة عامين، منعت مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة ستيفن أوبراين، الثلاثاء الماضي، من دخول المحافظة للاطلاع على الوضع الإنساني في المحافظة التي ذاقت صنوف العذاب على أيدي الانقلابيين.

لم تكن هذه المرة الأولى التي تقوم فيها المليشيا بمنع الوفود الأممية من زيارة تعز، إذ سبق وأن منعت خلال العام 2016 العديد منهم من معاينة الوضع الإنساني على أرض الواقع، في محاولة لإخفاء انتهاكاتها التي ستظل لعقود طويلة شاهدة على القُبح الذي حلّ بالمحافظة.

قوبل ذلك السلوك المليشياوي بإدانات واسعة من قِبل المسؤولين والحقوقيين اليمنيين، إذ رأى نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية عبد الملك المخلافي أن إطلاق الحوثيين النار على موكب أوبراين والوفد المرافق له، أنه يقتضي موقفا قويا منه ومن الأمم المتحدة، فضلا عن فضح مواقف منسق الشؤون الإنسانية في اليمن جيمي ماكغولدريك المتواطئة معهم.

ويتهم عديد من الحقوقيين بعض المنظمات التابعة للأمم المتحدة بعدم المهنية والحياد، كونها تستقي معلوماتها من جهات تابعة للانقلابيين.

وأواخر العام 2016، بدأت بعض مكاتب الأمم المتحدة بالانتقال إلى العاصمة المؤقتة عدن، وهي الخطوة التي رحبت بها الحكومة والحقوقيين، والتي ستسهل عمل تلك المنظمات بكل شفافية.

ومنذ انقلاب سبتمبر/أيلول 2014، مارس الحوثيون أبشع الانتهاكات بحق المدنيين، إذ بلغ عدد الانتهاكات التي قاموا بها خلال العام 2016، أكثر من 17 ألف انتهاكا، تنوعت بين القتل والإصابات والاختطاف والاعتقال وتدمير الممتلكات العامة والخاصة، وفقا للتحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان.

 ومطلع الشهر الجاري، كشف مدير عام مكتب الصحة في محافظة تعز، عبدالرحيم السامعي، لصحيفة "عكاظ" عن ارتفاع حصيلة القتلى في أوساط المدنيين جراء قصف مسلحي الحوثي وقوات صالح إلى 3400 قتيلا و16600 جريحا بينهم نساء وأطفال منذ بدء الحرب في أبريل/نيسان 2015، واصفا الوضع بـ"المنكوب والمنهار".

التستر على الحوثيين 

ولم يستغرب المحلل السياسي همدان العليي منع الحوثيين للموفد الأممي من دخول تعز، وقال "لم يحدث ذلك للمرة الأولى، فهم يحرصون على عدم إطلاع المجتمع الدولي على ما يجري من مآسٍ وأوجاع، في الأماكن التي تتعرض للقصف والتهجير من قِبلهم".

ويرى في حديثه لـ"الموقع بوست" أن الإشكالية تكمن في تعامل المنظمات الدولية مع مثل تلك الممارسات، مستنكرا البيان الصادر من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، والذي تحدث عن منع دخول المسؤول الأممي، دون أن يحمل الحوثيين مسؤولية ما قاموا به.

واتهم العليي المنظمات الإغاثية التابعة للأمم المتحدة بالتستر على جرائم الحوثيين المستمرة، مستغربا من قدرة العاملين في تلك الجهات على الوصول إلى صعدة، فيما تعز يزعمون أنها غير آمنة، برغم أنها تعيش ظروف الحرب كمعقل الحوثيين، بل تعد أكثر استقرارا منها في بعض المناطق.

وطالب المحلل السياسي العليي المنظمات الدولية الإغاثية والإنسانية أن تتحرر من سيطرة الشخصيات التابعة للحوثيين، والتي تعمل ضمن مكاتب الأمم المتحدة في صنعاء، وأن تقوم بتوضيح الانتهاكات التي تتعرض لها بكل شفافية، وتكشف عن من يعرقل وصول المساعدات، كون الأمر مرتبط بأوضاع المدنيين.

وأكد أن الحصار ما زال قائما في تعز، ويعيش المدنيون وضعا سيئا، ومن واجب تلك المنظمات أن تقوم بواجبها الإنساني والأخلاقي ومساعدة أهالي المحافظة.

تاريخ من الانتهاكات

واعتبر الناشط الحقوقي سليم علاو أن إعاقة المليشيا وصول الوفد لتعز دليل على أنها جماعة لا تلتزم بأي قوانين أو مواثيق، سواء على مستوى القانون الدولي الإنساني الذي أوجب حماية المدنيين في النزاعات المسلحة، أو ميثاق الأمم المتحدة الذي ألزم جميع الشعوب والدول بالالتزام بالإجراءات الإنسانية التي تقوم بها الأمم المتحدة في هذه المجالات.

وأكد لـ"الموقع بوست" أن الحوثيين نكثوا كعادتهم بوعدهم، ولم يسمحوا للمسؤول الأممي بالدخول إلى تعز للاطلاع على الأوضاع فيها.

ويعد حرص الانقلابيين على منع المسؤولين الأممين من زيارة تعز، دليل قاطع يدين الانقلابيين، ويؤكد أن أهالي تعز محاصرين من قِبلهم، ويتعرضون لصنوف من الانتهاكات التي تقوم بها جماعة الحوثي وصالح الانقلابية ضدهم، كما يقول علاو.

وعن تأثر الحقوق والحريات في اليمن عقب سقوط الدولة، أكد أن الوضع في أسوأ حالاته، بعد أن بدأت المليشيا بإغلاق ومصادرة بعض المنظمات الحقوقية، وكذا تشريد ومضايقة العاملين في هذا الحقل، إضافة إلى تكميم الأفواه ومضايقة الرأي العام باحتلال ونهب بعض القنوات، وإغلاق الصحف ومصادرة ممتلكاتها، واعتقال بعض الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وتشريد الآخرين.

وأشار الناشط الحقوقي في ختام حديثه إلى أن الانقلابيين قاموا بممارسات لا إنسانية لم يكن الشعب اليمني يتوقعها، كتفجير المنازل، وقتل الأبرياء، وتعذيب بعض المعتقلين حتى الموت، وكذا اعتقال النساء والاعتداء عليهن في بعض الحالات، وانتهاك حرمة المنازل، ونهب الممتلكات العامة والخاصة، وعدم الالتزام سواء بالقانون أو بالعرف القبلي أو مراعاة للحقوق والحريات التي ظلوا ولا زالوا إلى الآن يتشدقون بها.

تواطؤ لاستمرار الوجع

فبما لم يستبعد الناشط الحقوقي شعيب القديمي أن يكون مكتب الأمم المتحدة في اليمن على تنسيق مباشر مع المسلحين الحوثيين، في قضية منع المسؤول الأممي من الوصول إلى مدينة تعز، للاطلاع على وضعها الإنساني البائس.

وستعود نتائج منع الوفد من دخول تعز لصالح الحوثيين، حيث ستقصر إداناتهم على إعاقة دخولهم المحافظة، وسيبقى وضع المدينة كما هو دون تغيير، إلا من إشارات عابرة لا تقدم ولا تؤخر، كما يؤكد القديمي لـ"الموقع بوست".

وعلق ساخرا على ذلك بالقول "منع الوفد الأممي من قبل المليشيا، يستدعي التضامن مع الأمم المتحدة بجانب تعز"، لافتا إلى وجود تواطؤ خفي بين بعض المنظمات في اليمن مع المليشيا الانقلابية.


التعليقات