مهاجمة المخلوع للإصلاح انتقام أم بحث عن مصالح؟ (تقرير)
- وئام عبدالملك الأحد, 05 مارس, 2017 - 10:07 مساءً
مهاجمة المخلوع للإصلاح انتقام أم بحث عن مصالح؟ (تقرير)

[ دأب صالح على مهاجمة الإصلاح في أكثر من مناسبة ]

عاد المخلوع علي صالح ليصفي حسابه مع حزب التجمع اليمني للإصلاح، الذي شكل القاعدة العريضة لثورة فبراير/شباط 2011، التي اطاحت به، وبالتوريث الذي بدأ يتجه نحوه منذ عام 1999.

وحرض في خطابه الذي ألقاه في الثاني من الشهر الجاري، وبشكل صريح ضد أتباع حزب الإصلاح خاصة في الحزام القبلي لصنعاء، داعيا إلى تصفيتهم من تلك المناطق واعتقالهم.

كما حمَّل الإصلاح ثاني أكبر الأحزاب اليمنية، مسئولية الأزمة الراهنة في البلاد، والتي بدأت عقب رفض المخلوع صالح مغادرة المشهد السياسي، وبدء حروبه ضد خصومه في الثورة الشبابية.

يكشف المخلوع صالح عبر تحريضه ذاك، عن رغبته في إشعال الحرب بشكل أكبر، خاصة أن الحزب الذي يتمتع بخلفية دينية ينتشر في كل المدن اليمنية، وهو ما يجعل فرص السلام في البلاد في مهب الريح.

ومنذ ثورة فبراير تم اغتيال المئات من قيادات الإصلاح في مختلف المحافظات وبشكل لافت، لكن الجديد هذه المرة هو تحريضه وبشكل علني ضدهم، ليثبت أنه من وقف وراء التصفيات التي استهدفت قيادات الحزب.

المحاولة قبل الغرق

ويقول المحلل السياسي عبدالهادي العزعزي إن المخلوع صالح يعتقد أن الإصلاح وتعز هم النواة الصلبة التي يجب أن تستنزف حتي وإن انتصروا عليه.
 
 وتوقع في حديثه لـ"الموقع بوست" أن صالح سيخسر في هذه الحرب، خاصة بعد تفوق القوات الشرعية في مختلف الجبهات، وخسارته للعديد من قياداته الميدانية، وبعد أن أنهكوا بالحرب الانتقائية في القتل، حد تعبيره.
 
ويعمل المخلوع -وفقا للعزعزي- بنظرية هانيبال حاكم قرطاج، التي تركز في الهجوم على مركز الرعب في الثورة وهو (الإصلاح) كحزب سياسي، باعتباره الأبرز في مناجزة الانقلاب الذي يقوده صالح، إضافة إلى تعز كونها النواة الصلبة للثورة في اليمن ديموجرافيا.
 
 ومن ضمن أسباب التحريض ضد الإصلاح، يذكر العزعزي أن "صالح يريد تفكيك جبهة الثورة، وهو عمل يائس، ومقدمة الهزيمة التي بدأ يشعر بها"، مشبها إياه بمسيلمة الكذاب الذي أعطى أوامر بقتل ذوي العمامات البيضاء، وهم حفاظ القرآن في جيوش حروب الردة.
 
 طور جديد من المواجهة
 
 ويرى المحلل السياسي ياسين التميمي أن ظهور صالح مرتين متتاليتين خلال أسبوع واحد فقط، محرضا على القنص، وفي الثانية على الإصلاحيين، يؤكد أن المخلوع بدأ يشعر بالقلق واليأس معاً، ويدفع بالمواجهة إلى طور خطير من أساسها التصفية على أساس الهوية السياسية، والتي قد تتطور إلى التصفية على أساس الهوية الجهوية للخصوم.
 
 وأضاف لـ"الموقع بوست" أن صالح يستنفد أسلحته ويظهر أن القتال بالوسائل المعروفة في معركة طويلة الأمد تواجه صعوبات، وترسخ جذور الحوثيين وسلطتهم، وهو يمنح الحوثيين في الواقع فرصة جديدة لتصفية خصومهم الأقوياء من الإصلاحيين تحت غطاء التحريض الذي يمارسه اليوم.
 
 وأشار التميمي إلى أن تصريحات صالح قوبلت باستهجان من أبرز أنصاره، ما يعني أنه يستهلك نفوذه ويستنزف معنوياته لا أكثر، ويحاول في الوقت نفسه  أن يلعب في ساحة الخصومة المطلقة مع الإسلاميين والذين يندرج من ضمنهم الإصلاحيون.
 
وبيَّن أن المخلوع يعتمد في صراعه مع خصومه منذ فترة، بأن يجعل أهدافه تتقاطع  مع هدف دولة الإمارات (ثاني أكبر دولة مشاركة في التحالف العربي)، التي لا تخفي عداءها للإصلاح وللإخوان المسلمين.
 
ويريد أيضا صالح أن يعطي انطباعاً بأن ثمة تفاهم سري يقيمه مع أبوظبي في سياق المعركة الدائرة حالياً في اليمن، خصوصاً بعد أن تسربت معلومات عن أن الإصلاح والرئيس هادي هما من رفض تسوية تبقيه لاعباً مهما على حسابه حلفائه الحوثيين، وفق المحلل السياسي التميمي.

اعتذار صالح

قوبل خطاب صالح باستياء واسع من قِبل أعضاء الإصلاح وشريحة واسعة من المجتمع، وأنصاره أبرزهم عضو اللجنة العامة في حزب المؤتمر الشعبي العام عادل الشجاع، الذي وجه رسالة لصالح ذكر فيها أن اليمن ليست بحاجة لإثارة الأحقاد البغيضة، وأن بناء الدولة يتطلب أعمدة من بينها الإصلاح.

ونشر المخلوع صالح تدوينة في صحفته بموقع فيسبوك اليوم السبت 4 مارس/آذار، كتب فيها أن هناك من فسر كلمته خطأ، وأنها واضحة لا لبس فيها.

وأوضح أنه قال في كلمته أن من اختار طريق الخيانة الوطنية وانضم إلى صفوف داعش والقاعدة المتفرّعة من عباءة تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي وبالذات من الجناح المتطرّف لحزب الإصلاح، هم الذين يجب أن يُقدّموا إلى العدالة لينالوا ما يستحقونه من جزاء جراء ما اقترفوه من جرائم في حق الوطن والشعب.

ووجه رسالة إلى من وصفهم بإخوانه وأبنائه المنتمين إلى حزب الإصلاح أو غيره من الأحزاب والمكوّنات السياسية الذين لم يختاروا طريق الخيانة ولم يرتبكوا الجرائم في حق الوطن والشعب، أكد فيها بأن "الدستور والقوانين قد كفلت لهم سلامتهم وحمايتهم وصون كرامتهم وحقوقهم المادية والمعنوية".

وطالب أعضاء الإصلاح أن يكونوا على قناعة كاملة وراسخة بأنهم ليسوا هم المستهدفين، وإنما أولئك الذين يعتدون على الوطن والشعب.

وبرغم رسالته تلك لكن ما تزال تفوح منها رائحة التهديد، خاصة أنه نسب المتطرفين إلى تنظيم الإخوان المسلمين، من بينهم الإصلاح.

دور الإصلاح في المشهد اليمني

انتقل الحزب الذي تأسس عام 1990 إلى مربع المعارضة منذ 1993، وشارك في الحياة السياسية وفي عدة حكومات ائتلافية، وعقب ظهور تكتل أحزاب اللقاء المشترك المعارض كان أحد أبرز من انضم إليه.

لعب الإصلاح دورا بارزا في المشهد اليمني، وذلك عقب ثورة فبراير التي كانت امتدادا للمد الثوري الذي شهدته عدد من البلدان في المنطقة العربية.

بدأ صالح معركته ضد الإصلاح منذ وقت مبكر، فعمل على دعم الحوثيين من أجل التخلص من منافسه الذي اتسعت قاعدته الجماهيرية بشكل واسع، واشتدت خصومته معهم  مع بزوغ شمس ثورة 2011.

ونتج عنها حروب في عدة مدن، لتكبر رقعتها بعد انقلاب سبتمبر/أيلول 2014، فكان أعضاء الإصلاح من أكثر الأحزاب مشاركة في الحرب ضدهم، بعد أن توجه الآلاف منهم إضافة إلى جموع الشعب اليمني إلى جبهات القتال في مختلف المحافظات.

يُذكر أن عديد من قادة وأعضاء الإصلاح ما زالوا محتجزين في سجون الانقلابيين، وأبرزهم القيادي في الحزب محمد قحطان.

 


التعليقات