جولة في العاصمة صنعاء بعد إعلان التحالف إغلاق منافذ اليمن: رعب وهلع ومجاعة على وشك الوقوع (استطلاع)
- صنعاء - خاص الجمعة, 10 نوفمبر, 2017 - 04:17 مساءً
جولة في العاصمة صنعاء بعد إعلان التحالف إغلاق منافذ اليمن: رعب وهلع ومجاعة على وشك الوقوع (استطلاع)

[ محطات النفط أغلقت ابوابها في وجه المواطنين ]

أضاف اغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية من قبل التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، معاناة جديدة لليمنيين، تقول كل مؤشراتها ان المجاعة صارت واقع، ولم تعد تأكيدات المنظمات الإنسانية والأمم المتحدة، بان اليمن على مشارف مجاعة، أكثر من التأكيدات التي صارت واضحة على الأرض.
 
رواتب منقطعة أكثر من عام، وانهيار كبير ومتسارع للريال اليمني مقابل العملات الأجنبية، وحصار من قبل التحالف العربي، ماذا عساها ان تكون النتائج لهذا الثالوث الذي لم يسبق ربما ان عاشها شعب او دولة على وجه الأرض حسب تعبير الأهالي، الذين تحدثوا عن جزء من معاناتهم لـ "الموقع بوست".
 
لليوم الرابع على التوالي تعيش العاصمة صنعاء ازمة في المشتقات النفطية ومادة الغاز، وعلى الرغم من اعلان شركة النفط عن وجود كميات كافية من المشتقات، ومطالبتها الشارع اليمني عدم الانجرار وراء الشائعات الا ان كل ذلك التطمين لم يلمسه المواطن اليمني الذي يقول انه تعود على مثل هكذا تطمينات واعلانات وبيانات يتضح في الاخير انها كاذبة.
 


"الموقع بوست" تجول في شوارع صنعاء، والتقط صورا ومقطع فيديو لجزء ما يحصل، الظاهرون في الصورة هم اصحاب الدراجات النارية، وسيارات على الجانب الاخر، وعلى الجانب المقابل طابور طويل لمواطنين باحثين عن غاز امام محطة تعمل ساعة وتغلق ست ساعات بطريقة تلاعب ومتاجرة وغير واضحة.
 
تلاعب بمشاعر الناس
 
يقول الشاب مهند الحميدي، لـ "الموقع بوست" "لنا يومين في هذا الطابور الذي يزداد ويكبر كلما اشتغلت المحطة وينقص كلما توقفت، وما بين حين واخر تقوم المحطة بالإغلاق وتوقف التعبئة، وتقول ان الكمية خلصت وبعد ساعات تستأنف العمل لنكتشف انه ما زال فيها، ومش عارفين صراحة سبب هذا التلاعب بالمشتقات وبالغاز من قبل اصحاب المحطات والتلاعب بمشاعرنا، وبمشاعر مواطنين صاروا على حافة الجوع".
 
ويضيف الشاب مهند "اقسم بالله ان امي باعت خاتم ذهب من فوق يدها عشان تعبئة انبوبتين غاز وشراء كيس دقيق، ومع ذلك لنا يومين ولم نحصل على الغاز".
 
65% من المحطات مغلقة والبقية يسودها الفوضى
 
ومن خلال جولة "الموقع بوست"، يبدو بان 65% من المحطات مغلقة، فيما 35% تعمل لساعات قليلة، وتشهد ازدحاما كبيرا، وهذا الطابور الذي يظهر في مقطع الفيديو تم الوقوف عليه والمحطة تبدو متوقفة.
 
 بعض المتواجدين قالوا ان هذا الطابور يتضاعف مرات اثناء تشغيل المحطة ومن ثم تبدأ حركة الفوضى والمشاغبات والمشاجرات.
 
في حديثه لـ "الموقع بوست" يقول عصام القدسي: "من الساعة التاسعة مساء الى الساعة الرابعة فجرا، بين برد صنعاء، وليلها المرعب بالحرب والأزمة، ظللت ابحث عن البترول، طوابير طويلة في محطات تعبئة المشتقات، وسلوك ممنهج وعبث.
 


وبضيف: "طوبرت في المحطة الاولى لمدة ثلاث ساعات، اغلقت لنصف ساعة بسبب طقم تابع للحوثيين أتى واشتبك بالألفاظ مع عمال المحطة، وعندما كنت على مشارف الوصول الى داخل المحطة اوقفها المشرف وقال لنا، الوقت متأخر، ومخزون البترول نفذ كاملا، بعدها اضطررت الذهاب الى محطة اخرى، كانت تقوم بالتعبئة بسعر 6500 ريال يمني، كنت مضطر كغيري من الكثيرين."
 
ازمة بمثابة الرصاصة الأخيرة
 
ويضيف عصام، وهو طالب بكلية الاعلام بجامعة صنعاء: "هذه الازمة أتت لتنهي ما بقي من روح في جسد اليمني المنهك بالحرب منذ 3 سنوات، وبأخطاء الساسة الذين تلاعبوا بحياة شعب كامل، لا يمكن وصف الاستياء الشعبي من الازمة الاخيرة، التي سمع التجار طرفها حتى أفرغوا جشعهم على المواطن المعذب".
 
وزاد القدسي "هناك تلاعب واضح وعمل ممنهج من قبل تجار المشتقات النفطية، محطات تفتح في اوقات، لتغلق في اوقات اخرى، وتلاعب المواطنين، انا اتسأل مثل غيري لماذا اختفت المشتقات النفطية من المحطات في وقت واحد؟ ومن اين اتو بهذا المخزون خلال يوم واحد من اغلاق المحطات؟ تقديرات اقتصادية تؤكد ان كمية المشتقات التي دخلت خلال الاشهر الماضية ستغطي العاصمة صنعاء واحتياجات الناس لمدة 4 أشهر، فلماذا يتم اخفاء المشتقات؟ ومن يقف خلف تلك الممارسات؟".
 
شوارع صنعاء هادئة
 
ومنذ أربعة أيام، هدأت العاصمة صنعاء وهدأت شوارعها من الحركة، ويبدو ان حركة السير انخفضت الى نحو 70%، وذلك بسبب تفاقم وتصاعد الازمة.
 
طلاب الجامعات توقفوا عن الذهاب الى الجامعة، بما في ذلك العاملين والموظفين في كثير من القطاعات.
 
يقول الدكتور صدام الشرعبي لـ "الموقع بوست" انه خلال اليومين الماضيين كلفه الذهاب الى مستشفى الثورة 1200 ريال ذهاب واياب على متن باصات اجرة، أي ان تكلفة المشوار الواحد وصل الى 150 ريال، وصدام يقطع أربعة مشاوير من شملان الى باب اليمن، حيث يقع مستشف الثورة.
 
يقول صدام إن كثير من الأطباء لم يأتوا الى المستشفى بسبب عدم توفر بنزين في سياراتهم، ما سبب تكدس كبير في طوابير المرضى في المستشفى".
 
ارتفاع التنقل بين المحافظات
 
التنقل بين المحافظات هو الاخر ارتفعت تكاليفه بنسبة 60%، ويؤكد عيسى سيف، لـ "الموقع بوست" وهو سائق باص، ويقوم بنقل ركاب بين صنعاء وتعز، ان تكلفة الراكب ارتفعت من اربعة الاف الى سبعة الاف ريال، وذلك بسبب ارتفاع أسعار المشتقات النفطية وغيابها.


 
 الامر الاخر ارتفعت أسعار مواد الغذاء، حيث يؤكد أحد الأهالي في حديثه لـ "الموقع بوست" ان أسعار المواد الغذائية ارتفعت بشكل جنوني في الأرياف والمناطق البعيدة عن المدن، ففي صنعاء مثلا ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 30% في الأرياف بنسبة 6%.
 
استغلال التجار للمواطن
 
ارتفاع أسعار المشتقات النفطية، استغلته مليشيات الانقلاب أولا في بيع المشتقات المتوفرة بأسعار مضاعفة، على الرغم من تواجد المشتقات النفطية في صنعاء في مخازن شركة النفط، ولذلك لا مبرر أصلا لرفع السعر، اما التجار الصغار فقد بادروا لرفع أسعار المواد الغذائية بمبرر ارتفاع أسعار النقل وارتفاع أسعار السلع من قبل التجار الكبار والوكلاء والموردين.
 
المجتمع الدولي يحذر من مجاعة
 
أمس الخميس وفي سياق المواقف الدولية التي تتزاحم وتتكاثر، على شاشات التلفزة والمواقع فقط، ولا أثر لها حتى الان، دعت وزارة الخارجية الأميركية، إلى فتح الموانئ اليمنية لدخول المساعدات الغذائية والبضائع، مشدّدة على ضرورة وصولها "من دون عائق.
 
وحذّرت الخارجية، مجدّداً، من أن الوضع الإنساني في اليمن قد يتطور إلى مجاعة، وقالت إن وزير الخارجية، ريكس تيلرسون، تواصل مع نظيره السعودي، عادل الجبير، بشأن الوضع الإنساني في اليمن.
 
وأعربت الأمم المتحدة و22 منظمة دولية عاملة في المجال الإنساني، عن قلقها الشديد، إزاء إغلاق التحالف الذي تقوده السعودية منافذ اليمن البرية والبحرية والجوية، محذرة من أن حياة الملايين مهددة في غضون ستة أسابيع من جراء احتمال نفاد المواد الغذائية.

المنظمات الدولية ودورها السلبي
 
من وجهة نظر الناشط والمحلل السياسي باسم الحكيمي وفي حديثه لـ "الموقع بوست"، فأن "المنظمات الدولية الحقوقية والإنسانية احدى أدوات الضغط والابتزاز الذي يمارسه الغرب على الدول الضعيفة، واليوم يتم تسخير تقارير وبيانات هذه المنظمات لخدمة الانقلاب في اليمن، بينما الامم المتحدة تغض الطرف عن جرائم ثابتة وواضحة ومقننة في القانون الدولي، ارتكبتها مليشيا الحوثي في تعز وفي جميع المدن اليمنية، وراحت تتحدث عن جرائم وانتهاكات تزعم ان الجيش الوطني والمقاومة الشعبية قامت بها".
 
ويضيف الحكيمي: "لم توفر تلك المنظمات اي غطاء انساني يخفف من معاناة اليمنيين الذين يتعرضون لتنكيل المليشيات، ولم تقم تلك المنظمات بواجبها في الدفاع عنهم، بل ان الامم المتحدة تستخدم انهيار الوضع الانساني في اليمن كأداة ضغط على الشرعية للقبول بتسوية سياسية تبقي على الانقلاب".
 
 ويشير المتحدث، الى ان منظمة الامم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية العاملة في اليمن حولها أكثر من علامات استفهام".
 
سبب وفشل
 
 وبشأن اغلاق المنافذ وابعادها يقول الحكيمي "اغلاق المنافذ لا شك يفاقم معاناة المواطنين، لكنه خيار تسببت به مليشيا الحوثي، حيث يتم استخدام المنافذ البرية والبحرية لتهريب الأسلحة للانقلابيين، ولابد أن تكون إجراءت غلق المنافذ لوقت محدد، على أن يرافق هذا الاجراء عمليات عسكرية في الساحل يتم من خلالها استعادة ميناء الحديدة الشريان الرئيسي لتهريب الأسلحة".
 
وفي حين اعتبر البعض، ان مليشيات الحوثي، هي من يقف خلف اختفاء وظهور المشتقات في صنعاء، لتصنع رأي عام وتخلق استياء شعبي من اغلاق التحالف للمنافذ، اعتبر ايضا اقدام التحالف على ذلك هو بمثابة حرب، لكن ما يحدث بكل الاحوال اغلاق المنافذ دليلاً على فشل التحالف في تحقيق الأهداف الرئيسة التي قدم لتحقيقها، وهذا يساهم في إنهاك الشعب اليمني ويدفع بالبلد الى مزيد التشظي.
 


- فيديو :


التعليقات