ثلاثة أعوام من المأساة يعيشها الصحفيون في اليمن (تقرير)
- خاص الأحد, 14 يناير, 2018 - 06:00 مساءً
ثلاثة أعوام من المأساة يعيشها الصحفيون في اليمن (تقرير)

[ صحفيون مختطفون لدى مليشيا الحوثي منذ 3 سنوات ]

قرابة ثلاثة أعوام مرت بصعوبة على صحفيي اليمن، الذين ذاقوا مختلف أنواع المعاناة على يد مليشيات الحوثي الانقلابية، التي قامت بقمع الحريات المختلفة في البلاد.
 
ما بين القتل والتهديد والاختطاف والتعذيب في السجون واقتحام مقرات العمل وإغلاقها، عاش صحفيو اليمن ظروفا صعبة للغاية، فنزح الكثير منهم داخل البلاد، أو لجؤوا إلى دول أخرى، فيما ترك البعض عملهم واتجهوا للعمل في جوانب بعيدة عن الإعلام.
 
واقع مرعب
 
كشفت المنظمة الوطنية للإعلاميين اليمنيين (صدى)، الخميس 11 يناير/كانون الثاني، عن توثيقها لـ2250 حالة انتهاك، طالت الصحفيين والعاملين في حقل الإعلام ومؤسساتهم منذ انقلاب جماعة الحوثي على الشرعية حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول 2017.
 
وقالت المنظمة في تقريرها إنها رصدت 20 نوعاً من الانتهاكات التي قامت جماعة الحوثي ضد الصحفيين والعاملين في حقل الإعلام، والتي تمثلت بالاختطاف، والإخفاء القسري، واختطاف الأقارب، والقتل، والاعتداء الجسدي، والإصابة، والتهديد، والتشهير، واستهداف المنازل، واستهداف الممتلكات والوظيفة، واستغلال القضاء، والتشريد، والاعتداءات الإلكترونية، واحتلال المؤسسات الإعلامية ، والملاحقة الأمنية.
 
وحملت المنظمة في تقريرها، جماعة الحوثي مسؤولياتها عن 85 في المئة من الانتهاكات الموثقة تجاه الصحفيين في 21 محافظة، مشيرة إلى أن تلك المليشيات اعتدت جسدياً على 54 صحفياً ، وأصيب 33 آخرون وتعرض 55 صحفياً للتعذيب، و64 للتهديد والتشهير.
 
وأضافت المنظمة أنها رصدت خلال الثلاثة الأعوام الماضية، قيام الحوثيين بقتل 22 صحفيا من خلال القنص، واستخدامهم دروعاً بشرية، وكذا القتل باستخدام العبوات الناسفة والقصف العشوائي، والقتل بالسم، وبلغ عدد الصحفيين الذين تعرضوا للاختطاف 141 صحفياً منهم 14 صحفياً تعرضوا لجريمة الإخفاء القسري.
 
مُخاطرة
 
في ظل عمل الصحفي في هذه الظروف الصعبة، يعتقد الإعلامي محمد العليمي، أن العمل الصحفي أصبح اليوم مخاطرة كبيرة، خاصة بعد سيطرة مليشيا الحوثي على العاصمة صنعاء وتمددها إلى المحافظات الأخرى.
 
وذكر لـ"الموقع بوست" أن مليشيات عملت على تضييق بل إلغاء العمل الصحفي الحر، وخاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيا؛ إذ أصبح صعبا للغاية تغطية الأحداث الحاصلة هناك، إلا بناء على الأجهزة الإعلامية التابعة للمليشيا، فهي المصدر الوحيد للحصول على المعلومات، بالإضافة إلى مصادر أخرى شحيحة تعمل بشكل سري، وهذا يؤثر كثيرا على نقل حقيقة ما يجري بشكل متكامل.
 
وتابع "المليشيات على يد زعيمها عبد الملك الحوثي توعدت الصحفيين أكثر من مرة ووصفتهم بأنهم أشد خطرا، وزجت بالكثير منهم في السجون بتهم مختلفة، كما زجت أيضا بكثير من المعارضين لسياساتها وانتهاكاتها".
 
وقال: "لا يمكن للصحفيين اليوم العمل في ظل هذا القمع والتضييق والانتهاكات التي تمارس بحقهم، وخلال السنوات الثلاث الأخيرة وبناء على تقارير منظمات حقوقية، فإن مليشيا الحوثي قد ارتكبت آلاف الانتهاكات بحق الصحفيين ووسائل الإعلام والمؤسسات الإعلامية".
 
وانتقد عدم التزام السلطات المتعددة اليوم في اليمن، بحماية وتأمين العمل الصحفي. مؤكدا أنها مارست انتهاكات بحق الصحفيين، كما حدث في عدن وبعض المحافظات الجنوبية على يد الحزام الأمني، الذي اعتقل المخالفين لهم، فاضطر الكثير من الصحفيين لمغادرة البلاد.
 
قلق وتشريد
 
وبالنسبة للصحافي حسن الفقيه، فذكر أن الانتهاكات المتزايدة بحق الصحفيين في اليمن تُشكل رعبا متزايدا، إذ أن الانتهاكات بحق الصحفيين تتوزع بين الاختطاف والقتل، خصوصا في مناطق سيطرة الجماعات المسلحة.
 
وأوضح لـ"الموقع بوست" أن الانتهاكات بحق الصحفيين أثرت نفسيا على عمل الصحفي ومزاولته للمهنة؛ حيث أضحى الصحفيون أكثر فئات المجتمع قلقا ورعبا، وبات الصحفي ينظر لنفسه بأنه صار هدفا مؤكدا للانتهاكات، وهو ما حتم على عدد من الصحفيين  التخفي وترك العمل، وصار البعض يعمل تحت أسماء مستعارة، مقابل الحفاظ على حياته.
 
وبخصوص كيفية مواجهة الصحفي لتلك الانتهاكات -أفاد الفقيه- بأنه ليس لديه أي حل حاليا إلا مغادرة الجغرافيا التي تعرضه للقتل أو الاختطاف، فيجد نفسه بباسطة نازحا ومشردا بعيدا عن أهله.
 
ولفت إلى أن كل التنديدات للانتهاكات الصادرة عن مختلف الجهات الحقوقية، لم تؤثر على طبيعة ما يجري على الأرض، فلا زالت معاناة الصحفيين مستمرة، سواء داخل سجون الحوثيين أو خارجها.
 
رسالة باهظة الثمن
 
وحول ما يتعرض له الصحفي من معاناة، قال رئيس منظمة صدى حسين الصوفي، إن الانتهاكات مهما بلغت شدتها وغلظتها بحق الصحفي؛ لا تزيد الصحفيين إلا قوة وصلابة في تكثيف جهودهم، ومواصلة حمل رسالتهم ونقل الحقيقة التي تكون ثمنها أرواحهم أحيانا.
 
ولفت في حديثه لـ"الموقع بوست" إلى أن الصحافة كانت تُلقب بمهنة المتاعب، لكنها اليوم باتت أقصر الطرق إلى القبو والقبر وخصوصا في اليمن، وهذا يجعل من الصحفي يعتز بذاته وبمهنته، ويناضل في هذه اللحظة الفارقة والخطيرة من تاريخ أمتنا وشعبنا.
 
واستطرد "إذا صمت الصحفيون فالخطر لن يستثنيهم، سيأتيهم إلى عقر دارهم، وهذا ما يجعل الأمانة والمسؤولية أكبر على الصحفي نحو شعبه وأمته". مؤكدا أن الصحفيين هم القادة الاستثنائيين، وقاد عظماء سيذكرهم التأريخ لنضالهم.
 
وكانت منظمة صدى قد عبرت عن أسفها لتراخي المنظمات التابعة للأمم المتحدة، ومنظمات حقوق الإنسان الدولية تجاه ما يجري للصحفيين اليمنيين من عملية تنكيل ممنهجة. داعية الأمم المتحدة إلى تحمل مسؤوليتها الكاملة في ممارسة أقوى الضغوط على جماعة الحوثي في الإفراج الفوري عن الصحفيين المختطفين، والتوقف عن ممارساتها المخالفة للقانون الدولي الإنساني، وقوانين حقوق الإنسان.
 
الجدير بالذكر أن المليشيات الحوثية، ما تزال تعتقل 15 صحفيا، يتعرضون لمختلف أنواع التعذيب الجسدي والنفسي.
 


التعليقات