[ جاء تدخل التحالف العربي بعد أربع سنوات من انطلاق الثورة ]
في مثل هذا اليوم تدفق آلاف اليمنيين إلى الساحات المختلفة، مُطالبين بالتغيير السلمي، والقضاء على مشروع التوريث، وإسقاط النظام السابق الذي ظل يرأسه الرئيس السابق علي عبدالله صالح لأكثر من ثلاثة عقود.
استمرت تلك الجموع بالمناداة بمطالبها، ومُحافظة على خيار السلمية الذي انتهجته الشعوب المشاركة في ثورات الربيع العربي، إلا أن النظام السابق، عمل على قمع تلك المظاهرات وزج بها إلى مربع العنف، الذي تصاعد إلى أن حدث انقلاب سبتمبر/أيلول 2014، الذي دعمه صالح وكان جزءا منه.
منذ ذلك الحين بدأت عدة أطراف إقليمية بالتدخل بشكل أكبر في الملف اليمني، ومع تطور الأحداث واستيلاء الانقلابيين على أغلب محافظات الجمهورية، أعلنت المملكة العربية السعودية عن انطلاق عاصفة الحزم في مارس/آذار 2015، من أجل استعادة الدولة.
ولازالت معارك استعادة الدولة قائمة حتى اليوم مع وجود الكثير من المتغيرات، فيما يشارك فيها شباب ثورة فبراير/شباط 2011، الذين أُجبروا إلى التحول نحو خيار العنف.
سياسة خفية
وما يزال الجدل كبيرا حتى اليوم، حول إذا كان التحالف العربي قد أسهم بشكل إيجابي في دعم ثورة 2011، أم العكس، في هذا السياق يؤكد الناشط السياسي نجيب شحرة أن علاقه التحالف مع الثورة تحددها طبيعة علاقته مع الشرعية التي تعد منظومة متكاملة، تعكس في موضوعها مشروع التغيير.
وتابع لـ"الموقع بوست" كان مشروع التغيير هو نتاج الثورة، وأهم مراحل تطورها، ويعكس انتقال الثورة إلى مشروع محدد الأهداف ووسائل للتنفيذ.
إقرأ ايضا: في ذكرى 11 فبراير .. أربع دوائر عدائية طوقت حلم التغيير في اليمن
وفيما يخص التحالف في سياق تلك المعادلة -يؤكد شحرة- أنه يمكن القول إنه عامل طارئ ظهر نتيجة للانقلاب على الشرعية التي تمثل المشروع الوطني، وكان التحالف ملزما بالانحياز لها ودعمها وفقا لإعلان تدخله.
"لكن وللأسف خلال ثلاث سنوات حرب، أظهر التحالف سلوك مخالف تماما، وتعمد من خلاله إضعاف الشرعية، وهي السياسة الخفية التي تُعد نتاج الموقف المعادي للثورة"، على حد تعبيره.
انحراف مسار التحالف
ومؤخرا اتجه التحالف العربي إلى دعم العميد طارق ونجل صالح، وإعادتهما إلى الواجهة، بعد أن أسقطت ثورة فبراير/شباط نظام التوريث الذي يرفضه الشعب اليمني.
ويعتقد القيادي في ثورة فبراير محمد المقبلي، أن مشروع استعادة الدولة الذي رفعه التحالف العربي، هو ذاته كان مشروع ثورة فبراير/شباط 2011، في الموجة الثانية المتمثلة بإسقاط الانقلاب، واستعادة الدولة، والاستمرار في التحولات الديمقراطية، والنقل الآمن للسلطة.
واستدرك لـ"الموقع بوست" لكن الواقع يقول إن التحالف العربي الذي أصبح "تخالف عربي"، يمضي عكس الأهداف التي أعلنها، وأبرزها استعادة الدولة، وذهب لاستعادة الثورة المضادة. وذلك يعني –وفق المقبلي- أن الأمر ضد ثورة فبراير/شباط التي تمثل أكثر من 80% من المقاومة الشعبية والجيش الوطني، المقاوم للمشروع الحوثي، الذي يعتبر الذراع الإيراني المسلح في الجزيرة العربية.
تضارب أجندة
ومع اتجاه بعض دول التحالف العربي وأبرزها الإمارات العربية المتحدة، نحو العمل على دعم مشاريع خارج إطار الشرعية، وإعاقة عملها خاصة في المناطق المحررة، أصبح يتجلى بشكل أكبر حجم التعارض في الأهداف بين التحالف وشباب ثورة فبراير.
وتذكر الإعلامية والناشطة المشاركة في ثورة فبراير أسوان شاهر، أن "المخلوع صالح ومنظومته من جهة ومليشيا الحوثي من جهة أخرى، مثلت الجناح المحلي للثورة المضادة وشكلا أكبر التحديات التي واجهتها".
أما على الصعيد الإقليمي –فتقول شاهر لـ"الموقع بوست"- إن السعودية والإمارات الدولتان اللتان احتضنتا مراكز النفوذ والمصالح للرئيس المخلوع، هما الأكبر تهديدا لأحلام اليمنيين والربيع العربي في التغيير.
وضربت مثالا على مشروع الإمارات في مصر وفي ليبيا، الذي دعمت من خلاله الانقلابات والفوضى، وهو ما تكرر كذلك في اليمن، عبر انقلاب ما يُسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، الممول من أبوظبي.
اقرأ ايضا: أين كنت ليلة 11 فبراير؟ ثوار يسردون تفاصيل الليلة الأولى لثورتهم
ورأت شاهر أن التخبط وغياب الرؤية واضحين في أداء التحالف العربي في اليمن؛ نتيجة لتتضارب الأجندات بين رغبة التحالف في مواجهة المد الإيراني في اليمن، وبين مواجهة قوى ثورة فبراير، ومحاولة إجهاض مشروعها الوطني الذي يتعارض مع طبيعة الأنظمة الاستبدادية في تلك الدول.
وذلك ما يُفسر دأب الإمارات إلى خلق تحالفات من داخل بنية الشرعية، لتنفيذ أجندتها في خلق واقع جديد، يتسم بالفوضى والتفكيك والاستنزاف لقوى فبراير، المتصدرة لمعركة استعادة الشرعية وإسقاط الانقلاب، وبما يبتعد تماما عن الأهداف المعلنة لعاصفة الحزم، على حد قول شاهر.
يُذكر أن شباب ثورة فبراير/شباط 2011، لا زالوا يعملون على استعادة الدولة، بمشاركتهم في قوات الشرعية، وهم يرفضون كذلك إعادة تدوير النظام السابق الذي تعمل عليه دولة الإمارات العربية المتحدة، بدعمها لبعض أفراد عائلة صالح.