[ واجهت الحكومة الشرعية خلال العام 2018 تحديات كثيرة ]
واجهت السلطة اليمنية الشرعية، خلال العام 2018، العديد من التحديدات التي عكست هشاشتها وفشلها في إدارة المحافظات المحررة، بينما استمرت الانتقادات الموجهة لها بسبب فسادها واهتمام أعضائها بالمناصب وتوظيف أقاربهم طوال العام، دون أن تنجح في تحسين الأداء الحكومي، سواء في إدارة المحافظات المحررة، أو في إدارة المعركة ضد الانقلاب.
كما أن عدم نجاح الحكومة في إدارة علاقتها مع التحالف العربي، زاد من تفاقم التحديات التي تواجهها، ذلك أن طبيعة دور التحالف العربي في البلاد، ألقى بظلاله الكئيبة على الأوضاع بشكل عام، حيث ازدادت التحديات الأمنية التي تواجهها الحكومة، وكادت أن تسلبها شرعيتها، كما أن الوضع الاقتصادي انهار بشكل كبير، وانهارت العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، وارتفعت الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة.
- التمرد في عدن
لعل أبرز تحدٍّ واجهته السلطة الشرعية، كان محاولة الانقلاب عليها من قبل ما يسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي"، الذراع السياسية للإمارات في جنوبي اليمن، مسنودا بالمليشيات المحلية الممولة من الإمارات أيضا، والمعروفة بـ"النخب" و"الأحزمة الأمنية".
ففي 21 يناير، دعا المجلس الانتقالي الجنوبي في بيان إلى إسقاط حكومة أحمد بن دغر وأعلن حالة الطوارئ، بذريعة ارتفاع الأسعار وتردي الوضع المعيشي. وفي مقابل ذلك، أعلنت وزارة الداخلية حظر الاعتصامات والمسيرات في عدن، في 27 يناير، عقب توترات أمنية، تطورت إلى اشتباكات في اليوم التالي بين قوات الحماية الرئاسية وقوات الحزام الأمني الموالية للإمارات والمجلس الانتقالي، وبدا التصعيد وكأنه تصعيد إماراتي ضد السلطة الشرعية.
اقتحمت قوات الحزام الأمني بعض مؤسسات الدولة، وسيطرت على قصر معاشيق، وحاصرت مقر الحكومة، واقتحمت عدة معسكرات تابعة للحماية الرئاسية ونهبت الأسلحة، وساندت الإمارات التمرد من خلال قصف مواقع وآليات تابعة للحماية الرئاسية بواسطة طيران الأباتشي التابع لها.
أسفرت الاشتباكات عن قتل وجرح عدد من جنود ومسلحي الطرفين، وأكد رئيس الوزراء حينها أحمد بن دغر والأحزاب والقوى السياسية رفضها لأي دعوات للانقلاب على الشرعية، وعقد الرئيس عبد ربه هادي، في 29 يناير، لقاءً استثنائيا مع هيئة مستشاريه لبحث أحداث عدن، ثم اتهم مصدر حكومي دولة الإمارات بدعم التمرد في عدن.
ورغم أنه تم تسوية الأزمة بعد تدخل سعودي، إلا أنها عادت مجددا للواجهة، وتحديدا في أواخر شهر أغسطس، عندما أقدمت قوات موالية للإمارات على شن هجوم مسلح على حفل لخريجي الكلية العسكرية في عدن، وتوجيه الرئيس هادي بإحالة "أبو اليمامة" و"أبو همام" إلى القضاء لتورطهم في الهجوم على الحفل.
استمر التوتر في عدن بشكل خافت حتى شهر أكتوبر، ثم ازداد بعد أن بدأ المجلس الانتقالي الجنوبي بالتصعيد ضد السلطة الشرعية، وأعلن عن استعداده للانفصال والبدء في السيطرة على المؤسسات الحكومية، بالتزامن مع حلول ذكرى ثورة 14 أكتوبر 1963.
وكان واضحا أن الإمارات هي من تصعد ضد السلطة الشرعية، وتسعى للإطاحة برئيس الحكومة أحمد بن دغر، خاصة بعد موقفه الرافض لتواجدها العسكري في جزيرة سقطرى، وبدا أن التصعيد هذه المرة أكثر خطورة، لكن تم تسوية الأزمة وراء الكواليس، مقابل الإطاحة برئيس الحكومة من منصبه، حيث أصدر الرئيس هادي، في 15 أكتوبر، قرارا بإقالة أحمد بن دغر وإحالته للتحقيق، وتعيين معين عبد الملك خلفا له.
- ملف تعز
فشلت السلطة الشرعية في إدارة محافظة تعز، وإنهاء انتشار المسلحين فيها، وتوحيد الجبهة الداخلية ضد الانقلاب. وبعد تراكم كل ذلك الفشل، عين الرئيس هادي أمين محمود محافظا لتعز، على أمل أن يتمكن من تحقيق ولو الشيء اليسير للمحافظة.
لم يستطع المحافظ الجديد، الموالي للإمارات، تحقيق أي شيء لتعز، بل فقد ازدادت الأوضاع الأمنية تدهورا، ثم اندلعت، في 12 أغسطس، مواجهات بين قوات من الجيش الوطني وكتائب أبي العباس، وتمكنت الحملة الأمنية من السيطرة على بعض المناطق، ومطاردة الأفراد الخارجين عن القانون. ورغم ذلك، استمرت الاضطرابات الأمنية تعصف بالمدينة. ثم أقال الرئيس هادي محافظ تعز أمين حمود، لفشله في إدارة المحافظة، وعين نبيل شمسان خلفا له.
- السعودية في المهرة
لم تستطع السلطة الشرعية التعامل بحكمة مع الاستفزازات السعودية المتمثلة في نشر قوات عسكرية في محافظة المهرة، ورفض أبناء المحافظة لذلك، بل فقد بدا وكأن السلطة الشرعية تبارك التحركات السعودية، وتقف إلى جانبها ضد المواطنين.
فمثلا، أقال الرئيس عبد ربه هادي وكيل محافظة المهرة على سالم الحريزي، في 14 يوليو، بعد أن وصف الأخير وجود قوات سعودية في المهرة بالاحتلال، كما أقال هادي أيضا مدير أمن محافظة المهرة، ربما بسبب عدم إقدامه على إنهاء الاحتجاجات. وجاءت إقالة الرئيس هادي للحريزي بعد يومين من تهديد محافظ محافظة المهرة المحتجين على التواجد السعودي والإماراتي في المحافظة بطائرات الأباتشي.
ورغم استمرار الاحتجاجات الشعبية في المهرة الرافضة للتواجد العسكري السعودي هناك، إلا أن السلطة الشرعية لم يصدر عنها -منذ إقالة الرئيس هادي لوكيل المحافظة علي الحريزي من منصبه- أي موقف أو توضيح أو مساعي للتهدئة، مما يعني التسليم الكامل للسعودية للتصرف بالمحافظة كيفما تشاء.
- تدهور الاقتصاد
من التحديات التي واجهتها السلطة الشرعية، خلال العام 2018، التحدي الاقتصادي المتمثل في انهيار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل جنوني، مما أثار سخطا شعبيا في مختلف المحافظات المحررة وغير المحررة، وشهدت عدة مدن تظاهرات منددة بالسلطة الشرعية والتحالف العربي وجماعة الحوثيين على حد سواء، وسط دعوات لإشعال ثورة جياع ضد مختلف الأطراف، مما دفع السلطة الشرعية والتحالف العربي إلى اتخاذ إجراءات محدودة أحدثت تعافٍ محدود للريال اليمني، ونجحت في امتصاص حدة الغضب الشعبي.
في البداية، التقى الرئيس هادي اللجنة الاقتصادية المشكلة حديثا، في 2 سبتمبر، ووجهها بإيقاف تدهور العملة المحلية وزيادة رواتب الموظفين. وفي 4 أكتوبر، اعتمدت الحكومة صرف الزيادة في رواتب موظفي الجهاز المدني بنسبة 30%، بينما قدمت السعودية وديعة مالية للحكومة اليمنية مكنتها من إجراء تحسن محدود في سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية.
يتضح مما سبق أن أداء السلطة اليمنية الشرعية، خلال العام 2018، لم يكن بحجم التحديات التي واجهتها أو بحجم الخطر الذي يهدد الوطن بأكمله، واتسم أداؤها بتسليم مصير البلاد لقطبي التحالف (السعودية والإمارات)، واهتمام أعضائها بتوظيف أقاربهم، حتى صارت الحكومة اليمنية أكثر حكومة في العالم متخمة بالموظفين الذين ليس لهم أي عمل، في وقت تعاني فيه البلاد من ويلات الحرب ومن أسوأ مجاعة في العالم وأسوأ مجاعة عبر تاريخها.