أشعلت وفاة اللواء محمد صالح طماح رئيس الاستخبارات العسكرية إثر إصابته بحادثة قاعدة العند العسكرية الخميس الماضي موجة ردود فعل واسعة لدى اليمنيين.

وتوفي في العاصمة المؤقتة عدن فجر اليوم اللواء طماح متأثرا بالإصابة التي تعرض لها في قاعدة العند العسكرية الخميس إثر الهجوم الذي تعرضت له القاعدة من طائرة مسيرة تبنت جماعة الحوثي عملية إطلاقها.

وكان ناشطون أكدوا أن دولة الإمارات منعت نقل طماح أمس السبت للعلاج خارج اليمن، وأصرت على إبقائه باعتبار أن إصابته ليست خطرة.

ويعد طماح أحد القيادات العسكرية في الجيش الوطني، وعين العام الماضي رئيسا لهيئة الاستخبارات العسكرية بالجيش، كما يعد أحد القيادات في الحراك الجنوبي الرافض لعملية الانفصال.

من جانبه قال نائب مدير مكتب رئاسة الجمهورية أحمد صالح العيسي إن "رحيل اللواء طماح يحمل جملة من الدلالات والاستلهام على طريق النضال الوطني الذي يؤكد حتمية الانتصار الكبير، وضرورة الخلاص الناجز والسريع لوطننا وأمتنا العظيمة التي تنجب هؤلاء الأبطال والشجعان ويستحيل لها أن تُهزم أو تستسلم لمليشيات الانقلاب والخراب والفوضى، التي لا تؤمن بالحوار ولا ترتجي السلام".

وأضاف العيسي "لقد كان الشهيد اللواء طماح لوحةً عسكرية متكاملة ومنظومةً أمنية شاملة بمؤهلاته ومعارفه ومحطات نضالاته وخبراته وقدراته ومواقفه، وهو اليوم يرتقي شهيداً، وواجبٌ علينا وعلى كل أبناء الوطن استكمال جهاده وجهوده وطموحه وتطلعاته لتخليص اليمن من الانقلاب والإرهاب والفوضى والخراب".

من جهته اعتبر سفير اليمن لدى بريطانيا ياسين سعيد نعمان وفاة اللواء طماح خسارة على الوطن، وقال "الموت حين يضعنا أمام فاجعة الخسارة، ويذكر بأبطال تعسفتهم الظروف والحياة كما هو شأنها مع الناس ذوي المواقف، تغمد الله الشهيد اللواء محمد صالح طماح برحمته".

بدوره قال الباحث السياسي عبد السلام محمد "تم تصفية ما يقارب من 150 ضابطا من الجيش الحر لإنهاء المقاومة العسكرية المنظمة ضد نظام بشار الأسد في سوريا، كم يريدون تصفية ضباط في الجيش اليمني لإنهاء شرعية الدولة اليمنية وتسليم البلد لتنظيم "داعش" و"الحوثي" قبل ما يتحالفوا مع الحوثيين في مشروع مكافحة الإرهاب الذي يسلم اليمن لإيران على طبق من ذهب".

أما الكاتب الصحفي عامر الدميني فوصف رحيل اللواء طماح بالخسارة للجيش الوطني وقال "طماح رئيس للاستخبارات العسكرية وهو موقع حساس، ورحيله يشكل خسارة للجيش في هذا الظرف الذي تعيشه اليمن".

وأضاف الدميني: "من نجا من الاغتيالات المنظمة في عدن طالته يد الموت بطريقة أخرى"، مشيرا إلى أن طماح ينضم لكوكبة من قادة الجيش الذين رحلوا مؤخرا بالموت الذي تعددت أسبابه من القتل إلى الاغتيال.

إلى ذلك وصف الباحث والأكاديمي في جامعة صنعاء معن دماج، وفاة رئيس هيئة المخابرات العامة اللواء طماح بأنه ضربة كبيرة لدولة الرئيس هادي "في عملية كانت تستهدف رجاله الأقرب في الجيش"، وفق تعبيره.

وأضاف: "ليست أكبر الضربات منذ بداية الحرب فقد سبقتها ضربات أكبر منذ اعتقال وزير الدفاع الصبيحي وحتى استشهاد الشدادي وأحمد سيف وهما قائدا منطقتين عسكريتين، لكنه يدل على الاسترخاء في إدارة العمليات العسكرية كما يدل على مشكلة جدية في التنسيق وتقاسم المسؤوليات مع التحالف، إضافة طبعا إلى غياب الاستقلالية لدولة هادي في تدبير الشأن العسكري كما الإداري ما جعلها قعيدة وفاقدة لكل اقتدار"، مشيرا إلى أن الضربة كان من الممكن أن تضرب كل الصف القيادي الأول الموالي لهادي في المنطقة الجنوبية.

من جانب آخر قال الكاتب الصحفي عبد الرقيب الهدياني إن "يوم 13 يناير يأبى إلا أن يسجل شؤمه في جنوب اليمن بأخذ روح قائد كبير هو الجنرال طماح رئيس الاستخبارات العسكرية".

وأضاف: "شهد شاهد من أهلهم وهو الأمين العام للمجلس الانتقالي أحمد حامد لملس عندما وصف جريمة العند الأخيرة بنفس حادثة استهداف كوكبة من الدبلوماسيين الجنوبيين في أبريل 1973م وهم من كانوا يمثلوا نخبة مثقفة آنذاك خاف منها حكام ذاك العهد ممن كان كل رصيدهم بندقية وحملة عسكرية وأنهم تحرروا من الأمية في الصف القيادي الأول للدولة فقرروا تصفيتهم".

وأشار إلى أن نخبة الدبلوماسيين تلك تشبه إلى حد كبير هذه القيادات العسكرية في منصة العند من حيث توزع الجغرافيا فكلا الفريقين من محافظات مختلفة في الجنوب -حسب قوله- فمثلما أخذت طائرة الدبلوماسيين التي فجرت في الجو صفوة المجتمع الجنوبي وحكمائه أمثال: عبد القادر أحمد ناصر السلامي، ومحمد صالح عولقي، وسيف الضالعي، ونور الدين قاسم، وعبد الباري قاسم، ومحمد ناصر محمد، ومحمد عبد الولي الأديب اليمني الكبير، قائمة أسماء تضم (22) كادرا، استهدفت أيضا الطائرة المسيرة في قاعدة العند طماح اليافعي والنخعي والنوبة والزنداني الضالعي وسيف الضالعي والجوهري وتركي الصبيحي و45 جريحا آخرين.

واتهم نشطاء في الجنوب الإمارات بتصفية اللواء طماح والوقوف وراء العملية الإجرامية التي استهدفت قيادات عسكرية رفيعة في الجيش الوطني في قاعدة العند العسكرية.

وقال الناشط الجنوبي صالح منصر بن علي "الإماراتيون في مطار عدن يرفضون خروج وسفر اللواء محمد صالح طماح إلى الخارج لتلقي العلاج وحالته خطيرة"، مضيفا: "المؤامرة باتت واضحة وضوح الشمس".

وكذلك الناشط عبدالعزيز اليافعي قال "كما وصلني صورة من صور ممارسات الاحتلال الإماراتي لجنوب اليمن أن "أبو سلطان الضابط الإماراتي المسؤول على مطار عدن يرفض مغادرة طائرة الإسعاف السعودية لنقل اللواء محمد صالح طماح اليافعي رئيس هيئة الاستخبارات للعلاج بالرياض، بحجة أنه لا يحتاج للسفر بعد تعرضه لإصابة بليغة في حادثة العند".

حساب باسم "الرحال اليماني" قال إن "اللواء طماح من أشد المناوئين للإمارات وعصاباتها المحلية في عدن، وضع يده على الكثير من الحقائق قبل توليه منصب جهاز الاستخبارات والرصد العسكرية في الشرعية، وهنا بدأت تتكشف له الحقائق والأدلة بشكل أوسع وتمكن من الوصول إلى أسماء وأعداد وممولي تلك العصابات التي نفذت الكثير من الجرائم في عدن وغيرها".

وأضاف : "تأكد للطرف الأخر أن طماح يقترب من رؤوسهم أكثر وأن الحقيقة بالأدلة والاسم والمنفذ ستكون في متناول الجميع وسيكشف حقيقتهم رفيق دربهم في النضال قبل أن يبيعوا انفسهم وقضيتهم للمحتل الإماراتي ويرتهنون بيده لتنفيذ مخططه الذي استهدف شرفاء اليمن".

وتابع: "من خطط لتصفيه طماح وبعض القيادات هي الإمارات، ومن نفذ العملية هم عصابتها المحليون المتضررون من طماح".

حساب آخر باسم "توحيد بنت نادر" قالت: "تم ترك طماح ينزف بدون إسعاف ورميه في الأرض، التصفية لرئيس الاستخبارات والاستطلاع كانت مخططة، بداية من عدم إسعافه، ونهاية بزيارة القتلة له للمستشفي للإجهاز عليه والسبب أن طماح معارض لمليشيات الحزام الأمني المدعومة إماراتيا"، بإشارة منها إلى زيارة العميد شلال شايع والقيادي في الحزام الأمني أبو اليمامة.

وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلا صوتيا للواء طماح وهو يتهم عيدروس الزبيدي وشلال شائع بتلقي دعم إماراتي لزعزعة الوضع في الجنوب وإعادة أحداث يناير وسفك الدماء الجنوبية.