حملة #وين_الفلوس تضع المنظمات على المحك.. ثقب أسود يبتلع المليارات من مساعدات الفقراء
- خاص الأحد, 21 أبريل, 2019 - 03:41 مساءً
حملة #وين_الفلوس تضع المنظمات على المحك.. ثقب أسود يبتلع المليارات من مساعدات الفقراء

[ مليارات الدولارات من المساعدات لم تصل لمستحقيها من فقراء اليمن ]

أثارت الكثير من الجدل القائمة التي نُشرت مؤخرا وتحتوي على اسم 96 منظمة دولية ومحلية، استلمت مبلغ (2.652.595.525 مليار دولار) باعتبارها مساعدات إنسانية للشعب اليمني.

 

فقد تساءل كثير المتابعين للملف اليمني والناشطين عن سبب تزايد نسبة الفقر في اليمن التي تخطت 82%، فضلا عن انتشار المجاعة في كثير من المحافظات، في ظل المبالغ الطائلة التي تحصل عليها المنظمات الدولية والمحلية.

 

ولوحظ خلال فترة الحرب انتشار واسع لمنظمات محلية ركزت على الجانب الإنساني، لكن الكثير من التساؤلات أثيرت حولها خاصة أنها لم تكن تُصدر بيانات وتقارير توضح كيف أنفقت تلك الأموال. 

 

في إطار ذلك، انطلقت حملة واسعة تحت هاشتاج #وين_الفلوس، لمطالبة المنظمات العاملة في المجال الإنساني باليمن، بالكشف عن مصير الأموال التي تسلمتها من المانحين منذ بدء الحرب في مارس/آذار 2015 خلال مؤتمرات المانحين المختلفة.

 

 عمل غير منظم واستغلال

 

في تعليقه على ذلك، أوضح الباحث في الشؤون الاقتصادية نبيل الشرعبي أنه فيما يخص المنظمات الخارجية فإن ما نسبته 60% من المبالغ المقدمة لها تذهب نفقات تشغيلية وأجور، فضلا عن تنقل مسؤولي هذه المنظمات بين المحافظات اليمنية الذي يستهلك أموالا طائلة.

 

وأضاف لـ"الموقع بوست" أنه خلال مارس/آذار من العام الجاري، كان هناك حوالي 40 لقاء جمع مسؤولي وممثلي منظمات أجنبية باليمن جمع بينهم شخصيات من جماعة الحوثي بالعاصمة صنعاء ومحافظين ضمن جغرافية سيطرة جماعة الحوثي ولقاءات مماثلة مع مسؤولي حكومة الشرعية، كل ذلك لبحث ما تحتاجه مناطق كل طرف، وهو ما يدل على أن هذه المنظمات ليس لها برامج ولا خطط عمل جرى إقرارها من خلال دراسات ومسوح على الواقع والخروج بنتائج للعمل عليها.

 

تؤدي العشوائية وغياب المسؤولية المحلية والدولية -وفق الشرعبي- إلى حرص تجار الحروب على بقاء الوضع كما هو عليه، للحصول على مزيد من الأموال مثلهم الشركاء المحليين، فضلا عن عوامل متداخلة أفرزت هذا الوضع.

 

ورأى أن عمل المنظمات دون خطط وبرامج وعدم استقرارها بشكل كلي للتنقل في العمل من خلال مكاتب فترة بصنعاء وأخرى بعدن، يجعل من الصعب على المنظمة إدارة نشاطها، فيتسم عملها بالارتجالي، ويكون بعيدا عن الرقابة، وهو ما تستغله المنظمات وتحرص على بقائه لتخرج من دائرة المساءلة.

 

ثقب أسود

 

بدوره قال الناشط حمدي رسام إن هناك ثقبا أسود يلتهم المساعدات الإنسانية في اليمن المتمثل بـ"النفقات التشغيلية للمنظمات الدولية" التي تأخذ نصيب الأسد من المساعدات المقدمة لليمن.

 

وبيَّن لـ"الموقع بوست" أن 90% من إجمالي المساعدات الإنسانية تأخذها المنظمات الدولية ونفقاتها التشغيلية عالية جدا، و10% منظمات محلية، و60% تذهب نفقات تشغيلية كرواتب موظفين وبدل سفر وغيرها، ولا يصل للمواطن إلا الفتات.

 

ولفت رسام إلى استلام المنظمات العام 2018 ( 5 مليارات دولار و330 مليون) باسم الشعب، في الوقت ذاته تتزايد أعداد المحتاجين، وهو مؤشر على أن تلك المبالغ لا تذهب للمحتاجين. وأرجع السبب إلى ضعف الرقابة على عمل المنظمات وضعف تقييم عملها من قبل الجهات المختصة التي تعتبر شريكة بالفساد.

 

أما الناشط موسى النمراني فيعتقد أن من الطبيعي أن تحصل المنظمات على تمويل لأنشطتها، لكنه أكد لـ"الموقع بوست" على ضرورة وجود الشفافية في إعلان طريقة إنفاق تلك الأموال، وتعلن تقاريرها المالية.

 

أبعاد مختلفة

 

وبحسب الشرعبي، فما برز للسطح وجرى تناوله كفساد للمنظمات لم يتم الفصل فيه، هل كانت المبالغ المقدمة ضمن بند موازنات ونفقات تشغيلية أم لتنفيذ برامج وخطط، لكنها مقدمة موازنات ونفقات تشغيلية، وهنا يختلف الأمر ولن يكون بمقدور أحد محاسبتها أو مقاضاتها، فهي تقدم موازنات بهذا الخصوص، ويقدم لها المبالغ بموجب نماذج حسابات رسمية تخضع للتدقيق.

 

واقترح للحد من هذا البعث أن من الأفضل أن يجري التعامل مع مثل تلك القائمة كنموذج للمغالاة بالنفقات، ومن ثم المطالبة بضبطها وتقصليها، وأيضا مطالبة المنظمات بتحديد موقفها من العمل بدون خطط وبرامج وتقديم بيانات فعلية على أنشطتها وما قامت به، ومن ثم محاسبتها على ما أهدرته دون عمل شيء، وفتح ملف قضائي لها واستصدار قائمة سوداء بها، ومنع عملها على جغرافية اليمن، إضافة إلى الضغط لدى جهات قضائية دولية لإلزام المراكز الرئيسية لتلك المنظمات بإعادة ما صرف لفروعها باليمن ولم تنجز به شيئا بل صرفته نفقات تشغيلية ونثريات على مسؤوليها.

 

أما خطورة استمرار الوضع على ما هو عليه، فهو يسهم في تغذية تجار الحروب وإطالة أمد الحرب، فضلا عن استمرار تهريب الأموال من اليمن بالعملات الأجنبية، وتمويل تجار الإرهاب وغسل الأموال، خاصة أن تلك المنظمات لم تقدم شيئا وهو ما يجعل الشكوك واردة حول قيامها بأنشطة محرمة تدور في الخفاء.

 

أما سبب الصمت حتى الآن عن مثل تلك الممارسات، فقال الشرعبي إن من المعروف أن الملف الإنساني يتخذ كغطاء لدعم بقاء الحكام الديكتاتوريين والمتسلطين وتجار الحروب.

 

واقع عشوائي

 

الصحفي المتخصص في الشؤون الإنسانية أحمد الصهيبي من جانبه تطرق إلى وجود الكثير من الجهات العاملة في المجال الإنساني وحتى العسكري التي تتناسى التزاماتها الأخلاقية وقت الحروب، فتعبث بالمخصصات.

 

وشدد في تصريحه لـ"الموقع بوست" على ضرورة أن تكون هناك آلية رقابة شفافة تشرف على سير توزيع هذه المنح الإنسانية، مشيرا إلى وجود عدد هائل من المنتفعين الذين يريدون تصفية حساباتهم الشخصية على حساب غيرهم ويتناسون واجباتهم الأهم قبل ذلك، على حد تعبيره.

 

وتابع الصهيبي أن الجهات التي تعلن تقاريرها السنوية والتكاليف المالية والمشاريع التي صرفت فيها تلك المساعدات، لديها وازع في الشفافية، لافتا إلى ملاحظته أن مقربين من تلك الجهات الإنسانية الأخرى، بذلوا جهودا كبيرة في توجيه اتهاماتهم لهذه الجهات على أنها تلقت مبالغ كبيرة لتنفيذ عدة مشاريع وهي معقولة مقارنة بما تم تنفيذه، بيد أن الحقيقة تجلت نوعا ما وهي أن جهات أخرى مقربة ممن يقودون هذه الحملات، ولم يصدروا يوما تقريرا سنويا أو دوريا بحصيلة ما تم استلامه والتعهد بتنفيذه، الأمر الذي يثير كثيرا من الشكوك والمخاوف حول تلك الجهات.

 

واستطرد "ما بالك حين تجد في طريقك محسوبين على الحكومة والسلطة المحلية تمثل غطاء لهذه الجهات، فهي أحيانا تتعامل الجهات الحكومية والمحلية مع هذه المنظمات بفضاضة، بحجة أنها تمارس مهامها في الرقابة، وهو ما يجعل هذه الجهات تتعنت أكثر، بسبب هذه الأساليب، وترفض التعامل معها، وأحيانا تمثل هذه الفرصة نوعا من التهرب لدى بعض الجهات"، مؤكدا أن كل ذلك يزيد من نسبة الفقر ويغذي الحرب، والمتضرر هو المواطن الذي سحقته الأحداث الجارية.

 

ومع استمرار الوضع على ما هو عليه خاصة في ظل صمت المنظمات العاملة في اليمن، فهل يا ترى ستكون هناك رقابة واسعة على عملها وسيكون ذلك مجديا للحد من هذه المشكلة، أم سيستمر إثراء تلك الجهات وزيادة فقر فئات واسعة من الشعب اليمني.


التعليقات