حظر السفر دون محرم.. قرار رسمي في صنعاء وإجراء معتمد في عدن
- مبارك الباشا الأحد, 05 مايو, 2019 - 06:38 مساءً
حظر السفر دون محرم.. قرار رسمي في صنعاء وإجراء معتمد في عدن

[ حظر السفر دون محرم.. قيود جديدة على المرأة في اليمن ]

في السنوات الأخيرة تدهورت حقوق المرأة في اليمن بسبب اندلاع الحرب في 2015 وتفاقُم دائرة الصراع، فقد ساهمت جميع الأطراف في الحد من حرية المرأة، سيما جماعة الحوثي التي تعتبر المرأة مسألة عار اجتماعي وديني تخضع لسطة الدين وأعراف القبيلة.

 

وقد عمدت الجماعة في مارس الماضي بصنعاء إلى تعميم قرار يحظر سفر المرأة دون محرم، وجرى اعتماده في كافة وكالات السفر (النقل الجماعي) المتواجدة في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة، شمال اليمن، في حين اعتبره الكثير من الناشطين الحقوقين انتهاكًا جديدًا يضاف إلى سلسلة الانتهاكات الحوثية في حق المرأة اليمنية.

 

تضرر الطالبات

 

وقد تسبب القرار بالمعاناة للكثير من النساء اللاتي اعتدن على السفر والتنقل بمفردهن، بحكم أوضاعهن وطبيعة أعمالهن، كالطالبات الريفيات اللاتي التحقن بالجامعات في المدن، والعاملات في منظمات المجتمع المدني المضطرات للتنقل بين محافظة وأخرى وفقًا للنشاطات التي تقوم بها المنظمات التي يعملن لديها.

 

وبحسب سمية البريهي، طالبة في كلية العلوم بجامعة صنعاء، فإنها لا تستطيع مغادرة صنعاء وقضاء إجازة شهر رمضان مع عائلتها التي تقيم في تعز، بسبب قرار الحوثيين الذي يقضي بحظر السفر دون محرم.

 

وتقول البريهي لـ"الموقع بوست": "ذهبت إلى أحد مكاتب النقل ورفضوا منحي تذكرة سفر إلى تعز لأني بدون محرم"، وتؤكد أنها ظلت تتنقل ما بين تعز وصنعاء بكل حرية منذ التحاقها بجامعة صنعاء في العام 2016، وحتى مطلع هذا العام، لكنها تقول إنها وجدت نفسها اليوم مُقيّدة في إجراءات غير قانونية، تمس وجود المرأة وحريتها.

 

إجراءات معقدة

 

تضيف بأسف: "سأبقى في صنعاء ولن أسافر تعز هذه المرة"، وتواصل الحديث: "إذا ما أردت السفر سأحتاج إلى أحد إخواني"، الأمر الذي تعتبره البريهي بالغ المشقة، كون إخوانها مرتبطين بأعمال في تعز، وسيكون من الصعب أن يأتي أحدهم ليصطحبها في كل سفر لها، فقط ليقوم بدور المحرم ثم يعود.

 

بينما يؤكد مصدر في شركة "البُراق للنقل الجماعي" بصنعاء، بأنهم مُلزمون بتنفيذ هذا القرار، ولا يستطيعون مخالفته. وبحسب المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، فإن الحوثيين قد يعمدون إلى إغلاق مكتب الشركة في حال لم تستجب للقرار.

 

تراجع لحقوق المرأة

 

في السياق تقول الدكتورة لمياء الإرياني، كاتبة وناشطة مهتمة بحقوق المرأة، إنها تنظر للقرار وتبعاته بقلق، وترى فيه إجحافًا بالغًا بحق المرأة اليمنية.

 

وتضيف الإرياني لـ"الموقع بوست": "المرأة اليمنية وصلت إلى أعلى المناصب في الدولة، فهي اليوم وزيرة وسفيرة، ولنا أن نتخيل الوزيرة اليمنية وهي تشارك في محفل ما وبجوارها محرم"، وتواصل: "إنه لأمر معيب حقاً".

 

وتشير الإرياني إلى أن هذا القرار يعد تراجعًا مخيفًا لحقوق المرأة التي كانت تتقدم وإن ببطء، وتقول: "هذا انتهاك لحرية المرأة في التنقل والسفر المكفولة بالقوانين والمواثيق الدولية التي صادقت عليها بلادنا".

 

نهج مشترك في صنعاء وعدن

 

من ناحية أخرى توضح الإرياني أنها تعرضت للتوقيف في منطقة الحبيلين بمحافظة لحج أثناء سفرها إلى عدن، التي تقع تحت سيطرة الحكومة الشرعية، وقالت إنهم سألوها: "لماذا أنت بدون محرم"، وهو إجراء مستفز حد وصفها. وتشير إلى أن هذا الإجراء مُتبع في صنعاء وعدن على حد سواء، وأن الفرق في المستوى فقط.

 

وتطالب الإرياني سلطات صنعاء بالعدول عن القرار، الذي ترى فيه  انتكاسة جديدة للإنجازات النسوية، ولأدنى معايير حقوق الإنسان بهذا الشأن.

 

وهي من ناحية ثانية تعتبره تراجعًا عكسيًا في عصر التقدم والحريات والعولمة والانفتاح الحضاري والثقافي الذي يشهده العالم اليوم.

 

ولم تستثنِ الإرياني في طلبها طرفًا بعينه، فقد وجهت النداء أيضًا إلى سلطات عدن بضرورة إلغاء إجراءات توقيف النساء في الحدود الشطرية، لذات السبب "عدم وجود محرم".

 

انتهاك قانوني ودستوري

 

من جهتها تستنكر الناشطة وميض شاكر قرار الحوثيين، وتقول في حديث لـ"الموقع بوست": "في الوقت الذي تتصاعد فيه الأصوات لفك الحصار المفروض علينا بسبب حرب التحالف، تقوم أطراف الصراع (الحوثيون والشرعية) بمضاعفة هذا الحصار على المجتمع والمرأة بشكل خاص، سيما الأحزمة الأمنية في عدن، والحوثيون في صنعاء".

 

وتتساءل باستغراب: "ما الداعي إذن لفتح مطار صنعاء طالما نصف المسافرين سيشملهم حظر السفر والتنقل إلا بوجود محرم"، في إشارة إلى النساء اللاتي لن يتمكنّ من السفر دون محرم في حال تم افتتاح مطار صنعاء.

 

وتضيف: "ألا يكفي هذا الشعب ويلات الحرب حتى تُضاف إليه ويلات العقائد والأيديولوجيات وكأننا في ولاية لداعش أو القاعدة".

 

وترى شاكر أن قرار الحوثيين انتهاك قانوني ودستوري بكل المقاييس. وتواصل: "إذا كان إجراء الحظر يتعلق بأسباب أمنية، فإنه لا يجب تعميم الاستثناء على العام في القوانين والإجراءات، أو تغليب المصالح الخاصة على مصالح الناس العامة".

 

وتوّضح في حديثها أن إجراء فرض المحارم يشبه تشريع زواج القاصرات، وهذا يكشف في شق منه عن تنصل السلطات الضعيفة من القيام بواجبها في حماية مواطنيها، فتولي الأسرة القيام بهذه المهام.

 

وتختم شاكر بالقول: "حين تقوم الأسرة والقبيلة بمهام الدولة، فهذا يعني أننا لا نملك دولة، وأن مفهوم الدولة في اليمن مجرد يافطة تدّعيه تكتلات ومنظومات لا تمت بصلة لمعنى الدولة وواجباتها، وهذه هي الكارثة".


التعليقات