[ حفل كرنفالي في تعز في ذكرى ثورة 26 سبتمبر ]
احتفل اليمنيون اليوم بالذكرى السابعة والخمسين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر، وبشغف أكبر مما كان عليه الوضع قبل انقلاب 2014 الذي نفذه الحوثيون، الذين يُطلق عليهم "الإماميون الجدد".
ويرى كثير من اليمنيين أن حربهم ضد الحوثيين حاليا، هي امتداد لثورة 26 سبتمبر التي قضت على حكم الأئمة، الذين عانى المواطنون بسببهم كثيرا نتيجة سياسة الإقصاء وتدهور الأوضاع المختلفة.
عقب ذلك الانقلاب، أصبح اليمنيون يدركون أكثر أهمية ثورة 26 سبتمبر، وبدؤوا بإحيائها منذ مطلع الشهر الجاري، وتركز الاحتفال بها في يوم انقلاب الحوثيين الذي صادف الحادي والعشرين من الشهر الجاري، واليوم.
وكان الرئيس عبد ربه منصور هادي بهذه المناسبة، أكد أن "معركة بناء الدولة لن تتوقف، والنضال من أجل الحرية والديمقراطية والمواطنة المتساوية والتوزيع العادل للثروة والسلطة وتحقيق الحكم الرشيد وترسيخ الدولة الاتحادية بصيغتها التي قررتها مخرجات مؤتمر الحوار الوطني ستستمر حتى تحقيق تلك الأهداف كاملة غير منقوصة، وذلك عهدنا لأبناء شعبنا في شمال الوطن وجنوبه".
ودعا الشعب اليمني للوقوف مع مشروع الدولة الاتحادية الضامنة للتنوع الخلاق والحكم الرشيد والتوزيع العادل للثروة والسلطة والتمثيل العادل لكل أبناء الشعب من أقصاه إلى أقصاه، والالتفاف حول خياراته وقيادته حتى يصل اليمن إلى بر الأمان بعيدا عن محاولات التقسيم والتهميش والإقصاء والعودة للعيش في مستنقعات التخلف.
فيما اعتبر نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية أحمد الميسري، ثورة 26 سبتمبر، بأنها أضاءت لليمنيين مسار الحياة في تاريخ اليمن المعاصر، مثلما كانت مهدا لانطلاق شرارة الثورة التحررية ضد الاستعمار البريطاني، وقيام ثورة الـ14من أكتوبر المجيدة في جنوب الوطن، التي لم تخمد نارها، إلا بتحقيق الاستقلال الوطني الناجز، في الـ 30 من نوفمبر العام 1967.
وأوقد اليمنيون شعلة الذكرى السابعة والخمسين لثورة سبتمبر، في محافظات مختلفة بينها مأرب وتعز، فيما منع الحوثيون ذلك في ذمار الخاضعة لسيطرتهم.
الحاجة للمواجهة
في تعليقه على تلك المناسبة، رأى الصحفي عامر الدميني أن هذا الالتفاف اليمني الكبير حول ثورة 26 سبتمبر، إن لم يتحول إلى جسد يقظ لمواجهة ما يحاك لليمن اليوم فلا قيمة له.
وقال إن الحرب داخليا وخارجيا قائمة، ومشاريع التمزيق المناطقي والمذهبي مستعرة، والإرادة اليمنية مسلوبة، لافتا إلى أن ما يحاك لليمن في المستقبل القريب أكبر مما يتوقعه البعض.
إحياء مجد الثورة
أما الصحفي حسن الفقيه فأكد أنه وقبل الصراع مع الإماميين الجدد، لم يكن اليمنيون سيعرفون معنى ذلك اليوم ولا قيمته.
التغيير الكبير
وتتجلى مكانة ثورة 26 سبتمبر بالنسبة للباحث محمد عزان في كونها أحدثت تغييراً في بنية النّظام السياسي والاجتماعي والثقافي لصالح الإنسان اليمني، وليس لأنها أزاحت حاكماً وأحلّت مكانه حاكماً.
وأكد أنها تمثل فجرا جديدا أشرق بنظام جمهوري قابل للتَّحديث، وتمكن الشعب في ظله من التّعليم وبدأ يتخلص من دَجَل الكهنوت، ونال كثيرٌ من المواطنين قسطاً من الأمل والعيش الكريم.
وحث على ضرورة الحفاظ على مسيرة الثورة بأبعادها الثلاثة: «التّنويرية والتّحريرية والتّنموية»، وعدم السماح لأي تيار سياسي أو مكوّن عُصبوي أو اتجاه ديني أن يفرّغها من محتواها الوطني العربي الإنساني، تحت أي مبرر كان، ولتكن أهدافها الستة الخالدة مَاِثلة في رُشدنا وحاضرة في ثقافة أبنائنا.
عظمة الثورة
بينما لا تكمن أهمية ثورة 26 سبتمبر -بالنسبة للمحلل السياسي محمد الماوري- في أنها أطاحت بواحد من أعتى الأنظمة تخلفا وكهنوتا وحسب، بل في كونها ثورة ذات مضامين مدنية، أعادت الاعتبار للدين، حيث كان كثير من اليمنيين ما قبل سبتمبر يعتقد أن جوهر الدين يكمن في إرضاء عائلة بعينها.
وهو ما يؤكده الكاتب الصحفي نبيل سبيع الذي اعتبر وجود سبب واحد كافٍ لاعتبارها ثورة عظيمة، وذلك لأنه وقبل 26 سبتمبر كان الحاكم يدعي أنه يستمد حقه في الحكم من الله، ومنزه ومقدس وفوق النقد والبشر وملكا على حياة الناس ورقابهم، وادعاء الأفضلية.
وتابع "جاءت ثورة 26 سبتمبر، وغيرت هذا الواقع الإمامي المزري المهيمن على حياة ورقاب الناس وعلى اسم ومعنى البلد. ونزعت القدسية عن الحاكم "الإمام"، وأتت برؤساء جمهورية مختلفين بقدر اختلاف وجهات نظرنا فيهم، لكنهم كانوا يتشابهون جميعا في أنهم لم يكونوا يدعون الحق الإلهي في الحكم ولا يدعون القدسية الإلهية".
منجز اليمنيين
الصحفي وضاح الجليل من جانبه، أفاد بأن الجمهورية هي المنجز الحضاري الوحيد لليمنيين منذ مئات السنين؛ وعليهم أن يقاتلوا لأجلها بأسنانهم وأظافرهم.
مغالطات الحوثي
بدوره أشار الكاتب الصحفي أمجد خشافة إلى انتقاص الحوثيين من ثورة 26 سبتمبر، لكنه أكد أنه ليس لديهم مشكلة مع النظام الجمهوري.
وأوضح "ما تؤديه الدساتير ومجلس النواب ورئيس جمهورية وانتخابات.. كلها سلطات وظيفية تؤدي غرضا إداريا، لكن الولاية العظمى هي لـ"السيد" الموجه لحركة الجمهورية وقراراتها".
واستطرد "هذه جماعة تتكيف في هوياتها طبقاً لتقلب الظروف الزمانية والمكانية".
ولذلك لا جدوى من معايرتهم بالنظام الجمهوري، ولكن حين يتم تجريم الولاية دستورياً فهذا ما يجعلهم يشعرون بالقلق، وفق خشافة.