فوز "بايدن".. هل يسهم في حل الأزمة اليمنية؟ (تقرير)
- خاص الثلاثاء, 10 نوفمبر, 2020 - 06:04 مساءً
فوز

[ فوز بايدن بالرئاسة الأمريكية وملف الأزمة اليمنية ]

راقب اليمنيون كغيرهم من الشعوب سير الانتخابات الأمريكية الأخيرة، التي انتهت بإعلان فوز الديموقراطي جو بايدن، أملا بأن يكون للإدارة الجديدة نظرة أخرى بشأن حرب اليمن التي تدخل فيها التحالف العربي عام 2015 دون أن يكون للرئيس السابق دونالد ترامب موقفا رافضا لها خلال فترة توليه الحكم الذي بدأ عام 2017.

 

بعيدا عن وعود بايدن في الحملات الانتخابية، هناك توقعات بأن يمضي على خط آخر مختلف نوعا ما عن الذي اتبعه ترامب، وقد لعب الرئيس الجديد على ذلك الوتر كثيرا خلال الأيام الماضية، برغم وجود سياسة خارجية غالبا ما كانت هي من تحدد توجهاتهم بنسبة كبيرة.

 

بشأن اليمن، تحدثت صحيفة واشنطن بوست أن بايدن سيوقع قرارا يلغي حظر السفر على بعض البلدان الإسلامية من بينها اليمن، وذلك بعد معاناة استمرت ثلاث سنوات بسبب صعوبة لقاء الأسر اليمنية والأمريكية.

 

في خطاب النصر الذي ألقاه بايدن، لم يتطرق كثيرا إلى القضايا الحساسة خاصة في المنطقة، لكن هناك تفاؤلا من قِبل طهران بفوزه واعتباره فرصة لواشنطن للتعويض عن أخطاء ترامب كما قال الرئيس الإيراني حسن روحاني.

 

أما المملكة العربية السعودية فقد تأخرت في تهنئة بايدن بالفوز، في الوقت ذاته تحدث النائب الديمقراطي في الكونغرس رو خانا بعد ساعات من إعلان نتائج الانتخابات عن توجه بلاده نحو إيقاف دعم حرب الرياض في اليمن.

 

التحولات في السياسة الأمريكية

 

بين هذا وذاك والتكهنات الكثيرة بشأن كثير من الملفات الصعبة التي ستكون على طاولة بايدن، يقول الكاتب والسفير في الخارجية عبد الوهاب العمراني، إن المنافسين في الانتخابات الأمريكية يركزون على قضايا داخلية في المرتبة الأولى، ونادراً ما تُسيطر قضايا السياسة الخارجية على الاستحقاق الرئاسي الأمريكي، إذ إنها تأتي في مراتب تالية لقضايا الداخل الأمريكي التي كان من أبرزها جائحة كورونا.

 

وأشار في تصريحه لـ"الموقع بوست" أن بايدن كان قد تعهد بإعادة النظر في علاقة واشنطن بالرياض، لكن من غير الواضح بالنسبة للعمراني إلى أي مدى سيطبق الرئيس الجديد هذه الوعود، خصوصاً أن الدعم الأمريكي لهذه الحرب لم يبدأ مع ترامب، بل تحت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما الذي كان بايدن نائبه.

 

وبما أن الإستراتيجية الأمريكية عبر الإدارات المتعاقبة هي في المضمون متشابهة في الهدف، يذكر الدبلوماسي العمراني أنها تختلف في الوسائل الدبلوماسية والتعامل الفعلي خارجيا، ولذلك فالملفات المختلفة المهمة بنظر إدارة بايدن، ستعيد صياغة التعامل مع القوى الكبرى (الصين وروسيا والاتحاد الاوروبي وحلف الأطلسي)، وكذلك مع قوى إقليمية تعبث في الشرق الأوسط مثل إيران وبرنامجها النووي، ودول الخليج (السعودية والإمارات) تحديدا في اليمن.

 

إلى جانب إيران، ثمة ملفات أخرى تعد من أولويات سياسة بايدين المفترضة وهي العلاقات الأمريكية-الخليجية، خاصة ملف اليمن الذي تقود فيه المملكة حربا منذ 2015، والجدار العازل مع المكسيك، مرورا بالتعامل مع المهاجرين والأقليات الإسلامية والملونين داخل أمريكا، والعلاقات التجارية مع الصين وبلدان جنوب شرق آسيا والعراق.

 

وتوقع ألا نشهد السياسة الخارجية الأمريكية تغيرا كبيرا إزاء إسرائيل، خاصة أن بايدن لا يختلف مع ترامب بحق تل أبيب بالدفاع عن نفسها والحفاظ على تفوقها العسكري، واختلافه فقط حول مقاربة سلفه لعلمية السلام الفلسطينية-الإسرائيلية.

 

ملف اليمن المؤرق وحله

 

وقال الكاتب العمراني إنه من المرجح أن تشهد السياسة الخارجية للإدارة الديمقراطية الجديدة تجاه الشرق الأوسط جملة من التغييرات عن تلك شهدتها خلال إدارة الرئيس ترامب، لكونها مثلت قطيعة -حسب رؤى الديمقراطيين- مع سياسات أمريكية تقليدية للولايات المتحدة تجاه المنطقة، فضلاً عن أنها -بحسب تقديرهم- أخفقت في حماية الأمن القومي والمصالح الأمريكية بالمنطقة، وزادت من حدة انعدام الاستقرار والأمن الإقليمي بالشرق الأوسط، وتعقيد أزماته وتحدياته، بحسب العمراني.

 

وأضاف أن الشعب اليمني الرابح الأول من إنهاء الحرب العبثية التي غدت بلا أفق ولا هدف، فقط لمجرد التدمير وتقوية شوكة الحوثيين، مؤكدا أن ذلك ينطبق أيضا على الأمريكيين من أصول يمنية الذين يراقبون برعب أفراد أسرهم ومنازلهم العزيزة وهي تتعرض للعنف والدمار، في الوقت الذي تغذي فيه الولايات المتحدة القتال وتدير ظهرها للنازحين من الحرب، لافتا إلى قيام الجالية اليمنية في الولايات المتحدة باتخاذ إجراءات منها إضراب محال البقالات بعد إعلان ترامب حظر دخول مواطني عدد من الدول الإسلامية عام 2017.

 

إضافة إلى ذلك لعب اليمنيون -وفق العمراني- دورًا أساسيًا في تحويل المقعدين الجمهوريين المتبقيين في جنوب بروكلين من السيطرة الجمهورية إلى الديموقراطية في عام 2018، وكذلك ضغطهم على قادة والحكومة الأمريكية للعمل من أجل التوصل إلى حل وإنهاء الصراع.

 

والآن، هناك فرصة لتسخير هذه الطاقة لإنهاء الحرب في اليمن، كما يرى الدبلوماسي اليمني، الذي أشار كذلك إلى خذلان واشنطن في ظل إدارة ترامب وأوباما للجالية اليمنية هناك، وكذلك فشل الإدارة الحالية في أي شيء عدا تأجيج الدمار وإدامة العنف الذي أودى بحياة عشرات الآلاف من الأرواح.

 

حجم التأثير الأمريكي المتوقع

 

وتلعب أمريكا دورا كبيرا في ملف اليمن، ولذلك كانت حاضرة خلال فترة الحملات الانتخابية وبعد إعلان فوز بايدن، الذي كان قد أكد أن بلاده ستوقف دعهما للتحالف العربي.

 

وفي صعيد ذلك، يرى الكاتب والصحفي مأرب الورد أن تصريحات بايدن بخصوص دعمها حرب اليمن، ربما يعني أنه سيمارس ضغوطا على السعودية لدفعها إلى تسوية سياسية.

 

لكنه وفي معرض حديثه مع "الموقع بوست"، أشار إلى أن تلك التصريحات والمواقف وما ورد في برنامج الحزب الديمقراطي، تظل في إطار الحملات الانتخابية والدعاية السياسية، "وبالتالي علينا انتظار توجهات الإدارة الجديدة بعد تسلم بايدن السلطة في 20 يناير المقبل، لنرى ما إذا كان سيترجمها إلى واقع".

 

وخلص الورد إلى أنه من المبكر إعطاء حكم على توجهات الإدارة الجديدة بشأن حرب اليمن، فهي لا تنظر إلى هذا الملف كمستقل ودون ربطه بعلاقات واشنطن مع الرياض.

 

وتابع أن اليمن مجرد منظور أمني لدى أمريكا، وكل ما يهمها هو إنهاء التهديدات التي مصدرها القاعدة ومن ثم داعش، والتي تقوم بملاحقة عناصرهما بالطائرات المسيرة وبالتعاون مع الجيش اليمني الذي تشيد بدوره في هذا الإطار.

 

وقلل الورد من أهمية إيقاف دعم أمريكا لحرب اليمن، قائلا إن دعمها كان لوجستيا واستخباراتيا وقد تقلص ولم يعد مهما، لأن الحرب مر عليها أكثر من 6 سنوات وبغض النظر عن حجمه وطبيعته حاليا.

 

وبايدن هو الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية، وهو ثاني رئيس كاثولوكي بعد جون كنيدي.


التعليقات