عدن.. الآلام تزيدها قوة والموجعات تمنحها الثبات
- الخليج الثلاثاء, 01 مارس, 2016 - 12:14 مساءً
عدن.. الآلام تزيدها قوة والموجعات تمنحها الثبات

 
على الرغم من الحوادث الأمنية المتكررة التي تشهدها عدن، وهواجس القلق التي تصدرها الانفجارات التي تحدث في اماكن متفرقة من مديريات المحافظة، بين الفينة والأخرى، إلا أن ذلك لم يُحل دون ممارسة السكان حياتهم الطبيعية، والاستئناس بالأجواء المناخية التي تتمتع بها حالياً المدينة الساحلية، في إشارة واضحة إلى أن عدن وإن نزفت لا تموت، وأن أعاصير الألم مهما اشتدت لا تزيدها إلا قوة وصلابة.
 
 
في ساحل أبين، بمدينة خور مكسر كانت مجموعة من الشباب يمارسون لهوهم المعتاد على الشاطئ الجميل، حيث تتعالى صيحات التحدي وتشتد رحى المنافسة.
يقول مازن بجاش وأنيل صالح، ل«الخليج»: «الحمد لله، نحن على الدوام نرتاد هذا الساحل الجميل مع مجموعة كبيرة من الأصدقاء، إما للسباحة أو لعب كرة القدم، وندخل عادة في تحد ومنافسة فيما بيننا، يكون خاتمة ذلك، أن الفريق الخاسر يتحمل تكاليف وجبة العشاء بالنسبة للفريق الفائز». وحول ما إذا كانت الأجواء الأمنية، تسبب قلقاً على برنامجهم المعتاد، قالا: «لا، لا أبداً»، يبتسمان قبل أن يواصلا حديثهما، «تعودنا على مثل هكذا أجواء، ثم إن التفجيرات والاغتيالات التي تحصل هنا وهناك، لن تثنينا عن ممارسة حياتنا الطبيعية، ونحن بمثل هكذا أفعال، إنما نؤكد أن عدن التي عرفت بعداوتها لكل أشكال العنف والاقتتال، ستبقى مساحة فرح دائم لا تعرف الانكسار».
 
 
للحرب انعكاساتها السلبية على كل أوجه الحياة، لكنها في ذات الوقت تمثل حافزاً لحالات إبداعية جميلة، عنوانها أنشطة تفاعلية تشاركية، ومشاهد فنية وثقافية متنوعة «منعشة»، استطاعت ترميم النفسيات المتعبة.
 
 
لم يجد عدد من ناشطي وناشطات عدن، أفضل من إقامة «مهرجان فني ثقافي»، في المكان الأثري القديم «صهاريج صيرة التاريخية»، التي يعود بناؤها إلى ما قبل ثلاثة آلاف سنة، كشكل من أشكال الحياة الطبيعية لسكان المدينة.
 
 
مسابقات ترفيهية، معلوماتية للأطفال، ومعرض للصور الفوتوغرافية، وكتب أدبية ودينية وثقافية ومشغولات يدوية للأزياء الشعبية، ورسومات تشكيلية ومناظر طبيعية، وأغان عدنية خالصة، ورقصات شعبية دفعت الحضور إلى الانغماس في موجة فرح عارم، شكلت انتعاشة حقيقية للنفسيات المتعبة الباحثة عن الفرح من بين ركام الكثير من المنغصات.
 
 
تقول عهد عبدالشكور، إعلامية وناشطة مجتمعية: «جميل جداً إقامة مثل هذه الفعاليات التي تمثل حقيقة «مراهم» استشفاء للقلوب المتعبة، وحقن علاج ناجعة للكثير من الأوجاع والآلام التي يحاول البعض تكرسيها في واقعنا الحياتي، دون علم منهم، أو إدراك أن عدن، مدينة الحب والسلام والوئام، لا ينبغي لها إلا أن تكون مساحة فرح، وميدان بهجة».
 
 
لم تكن إقامة الكثير من الفعاليات والمهرجانات وفي أماكن مختلفة في عدن هو هاجس شباب وشابات المدينة، الساعين إلى رسم صورة جميلة لحقيقة الأوضاع فيها فحسب، بل تعداه إلى حمل هموم عدن إلى خارج نطاقها الجغرافي، ورسم صورة جميلة عنها، حتى وإن كان ذلك في بلاد الشمس المشرقة «اليابان».
 
تقول بنت عدن الجميلة، هبة حيدر، مؤسس ورئيس منظمة «جلوبل شيبرز»، وهي تتحدث كيف إنها ومجموعة من شباب وفتيات عدن، استطاعوا المنافسة في الفعالية اليابانية الشهيرة «بيتشا كتشا»، في شهر ديسمبر/‏كانون الأول الماضي، والتي تقام 4 مرات في كل عام، وتعني الحديث الإيجابي والمؤثر، ومن ثم إحرازهم مركزاً متقدماً من بين شباب 90 دولة مشاركة: «لم يكن همنا ونحن نشارك في فعالية عالمية كبرى، كما هو الحال «ببيتشا كتشا»، الحصول على جائزة أو منحة مالية، بقدر ما كان همنا الوحيد هو إظهار اسم عدن، ورسم صورة إيجابية عنها تعكس وإلى حد بعيد، حقيقة أن المدنية في عدن لم تكن وليدة السنوات الأخيرة، بل تتعدى ذلك إلى مئات السنين، حين كانت مدينة تعايش وسلام وتسامح ديني وعقائدي.
 
وتضيف حيدر، الحمد لله إننا وفقنا وحظينا بالتكريم من ضمن أفضل 20 دولة، وها نحن الآن، نستعد للفعالية القادمة والتي ستعقد خلال الشهر المقبل، من خلال البحث عن مشاريع جديدة متميزة لمجموعة من الشباب، عندهم القدرة على التحدث عن مشاريعهم بطريق العرض التقديمي، لنقول للعالم إننا حاضرين كشباب في هذه المدينة الجميلة، وأن العمل والعطاء هو شعار أبنائها، وأن صنوف المنغصات مهما كبر حجمها، وارتفع ضجيجها، ليس بوسعها إلا الانحناء والانكسار أمام تطلعاتنا وآمالنا في جعل عدن واجهة المدن اليمنية والعربية أيضاً.
 
ولأنها مدينة للتنوع والفعاليات المتعددة، كان نادي «عدن للإعلام المرئي»، يعلن عن نفسه بإقامة فعالية جميلة في فندق كورال بمدينة خور مكسر، كتتويج لأسبوع حافل بالكثير من النشاطات والفعاليات المختلفة.
 
تقول عبير عبدالكريم، منسق العلاقات بنادي عدن: «إن النادي سيتبنى رؤية بناء إعلام مرئي حديث، يكون بمقدوره مواكبة متطلبات المرحلة القادمة، والعمل من أجل الارتقاء بالعمل الإعلامي في عدن، الذي شهد خلال السنوات الماضية، تقهقراً وتراجعاً مخيفاً، بفعل الكثير من سياسيات التهميش والتي تعرض لها أبان حكم المخلوع علي عبدالله صالح».
 


التعليقات