ماذا تريد إيران من جامعة صنعاء ؟ (تقرير خاص)
- صنعاء - خاص الخميس, 14 أبريل, 2016 - 10:00 مساءً
ماذا تريد إيران من جامعة صنعاء ؟ (تقرير خاص)

[ القائم بأعمال السفير الإيراني خلال زيارته إلى جامعة صنعاء ]

تشهد جامعة صنعاء أكبر مؤسسة تعليمية عليا في البلاد، حالة من الفوضى والارتباك، شبيهة بتلك التي تشهدها اليمن عموما منذ الانقلاب المشؤوم الذي قادته مليشيا الحوثي والمخلوع على الشرعية قبل أكثر من عام.
 
وبذات الطريقة التي استخدمتها مليشيا الحوثي لتقويض الدولة، وسلطاتها، ها هي المليشيا، تستبيح جامعة صنعاء، وتحولها إلى ساحة جديدة لوأد النظام والقانون، من خلال حزمة من القرارات والإجراءات التي استهدفت قيادة الجامعة وكوادرها، بهدف السيطرة على هذا الصرح العلمي، وهي الإجراءات التي يرى أكاديميون ومتابعون أنها تندرج ضمن مسلسل الانقلاب الذي يستهدف كل مؤسسات الدولة.
 
بداية حرب المليشيا على الجامعة
 
في 22 مارس الماضي، أصدر نائب وزير التعليم العالي والبحث العلمي، المعين من قبل الحوثيين، عبد الله الشامي، قرارا بتغيير قيادة جامعة صنعاء، واستبدالها بقيادة جديدة، موالية للجماعة.
 
ونص القرار، على تعيين الدكتور فوزي حمود الصغير قائماً بأعمال رئيس الجامعة، والدكتور محمد علي شكري، قائما بأعمال نائب رئيس الجامعة لشؤون الطلاب، والدكتور إبراهيم المطاع، قائما بأعمال نائب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية، مشيرا إلى أن القيادة السابقة، متورطة بمخالفات كبيرة وقضايا فساد.
 
ولقد كان الرد سريعا على هذه القرارات الصادرة عن سلطة الحوثيين، من قبل مجلس جامعة صنعاء، ونقابة أعضاء هيئة التدريس، ونقابة الموظفين في الجامعة، حيث عقد المجلس والنقابتين، في اجتماعا استثنائيا مشتركا في اليوم التالي من صدور تلك التعيينات، أكدوا فيه رفضهم المطلق لها، كونها غير قانونية، وإقصائية تمس قيادة الجامعة وأعضاء هيئة التدريس ومساعديهم في هذه المرحلة الحساسة.
 
وأشارت النقابتان ومجلس الجامعة، إلى أن قرار التكليف الصادر عن المكلّف بأعمال نائب وزير التعليم العالي والبحث العلمي من قبل جماعة الحوثي، عبد الله الشامي، مرفوضة شكلا ومضمونا، مشددة أن فرض هذا القرار، سيكون له مآلات خطيرة يتحمل من يقف ورائها المسؤولية الكاملة عنها، مهددةً بتعليق العمل الإداري والأكاديمي والعملية التعليمية برمتها، في حال لم يتم إلغاء تلك القرارات، وإيقاف التدخلات في شؤون قيادة الجامعة وهيئة التدريس.
 
تصعيد الاحتجاج
 
انقضت المهلة التي منحها مجلس الجامعة، ونقابتي هيئة التدريس وموظفي الجامعة، ولمّا تُلغى قرارات التعيين الحوثية، الأمر الذي دفع جامعة صنعاء، إلى تعليق العملية التعليمية والإدارية، في الجامعة لمدة أسبوع ابتداءً من 27/3/2016م، وحتى الخميس الموافق 31/3/2016م.
 
سلطات الحوثي، لم تبدِ أي اهتمام بتحذيرات ومطالبات نقابتي هيئة التدريس والموظفين ومجلس الجامعة، بل باشر المكلفون بموجب القرار آنف الذكر، اقتحام مكاتب الجامعة، وممارسة صلاحياتهم بالقوة، الأمر الذي تسبب في زيادة حدة الاحتقان والتوتر، ودفع الأمر إلى زاوية أكثر حرجا.
 
وبعد انتهاء الأسبوع الذي تم فيه تعليق الدراسة، عقد مجلس الجامعة، ونقابة أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم ونقابة الموظفين في بالجامعة، اجتماعا تشاوريا، برئاسة رئيس جامعة صنعاء الدكتور عبدالحكيم الشرجبي، الذي عينت جماعة الحوثي رئيسا جديدا بدلا عنه، حيث أقر المجتمعون تصعيد الإضراب ردا على استمرار الحوثيين في فرض تعيينات مخالفة لقانون التعليم العالي ولائحته التنفيذية.
 
واتفق المشاركون في اللقاء التشاوري على إجراءات تصعيدية للإضراب القائم عبر خطوات حاسمة لإسقاط تكليفات جديدة لرئاسة الجامعة أقدم عليها الحوثيون مؤخرا وتفتقد للشروط القانونية، مهددين، بالبدء بإضراب مفتوح حتى إسقاطها.
 
إنقلاب داخل الجامعة
 
ما إن صدر قرار تعيين قيادة جديدة من قبل سلطات الحوثيين لجامعة صنعاء، حتى باشرت هذه القيادة، بالتحرك لإحكام السيطرة على الجامعة وكلياتها وإداراتها المختلفة.
 
حيث أصدرت تلك القيادة غير الشرعية، سلسلة قرارات قضت بتعيين عمداء عدد من الكليات بينها الإعلام والتربية، وكذا تعيين مدراء لعدد من الإدارات، التي وصفت من قبل نقابات الجامعة ومجلسها، بالغير قانونية.
 
حملة ترهيب
 
لم يكتفٍ المعينين من قبل جماعة الحوثي لقيادة الجامعة، باغتصاب تلك المناصب، بل شنوا حملة ترهيب ضد أعضاء هيئة التدريس، وكذا، عمداء الكليات، إلى جانب شن حملات تحريضية، انخرطت فيها حتى ما يعرف بـ"اللجنة الثورية العليا"، حتى أنه تم ربط احتجاجات ورفض مجلس الجامعة ونقابتيها لقرارات التعيين الحوثية، بـ"العدوان"، في محاولة جادة من قبل الجماعة لتهريب كوادر الجامعة، وفرض الأمر الواقع.
 
بل ودعت فعاليات موالية للحوثيين، مدعومة بحملات إعلامية موجهة، إلى الخروج في مظاهرات واحتجاجات ضد نقابتي التدريس والعاملين بالجامعة، وكذا مجلس الجامعة الشرعي، متهمة إياها بالإضرار بالعملية التعليمية، وتدميريها، خدمةً لـ"العدوان".
 
محاولة إلتفافية
 
بعد أن فشلت كل محاولات سلطات الحوثي، عبر القيادة المكلفة من قبلها، في ثني هيئة التدريس ومجلس الجامعة ونقابة العاملين فيها، عن موقفها الرافض لتلك القرارات، قدم نائب وزير التعليم العالي الدكتور عبدالله الشامي المعين من قبل جماعة الحوثي، عرضا يتضمن مقترحا بتعيين قيادة جديدة للجامعة ووضعها تحت التجربة لمدة 3 أشهر، وهو ما رفضته نقابتي هيئة التدريس والموظفين بجامعة صنعاء.
 
الجماعة ماضية في حربها على الجامعة
 
بالرغم من الرفض القاطع، والمقاومة الشديدة لقرار التعيينات الصادرة عن سلطات الحوثي بقيادة جامعة صنعاء، إلا أن السلطات الإنقلابية، ماضية، كما يبدو، في خطها لاستهداف الجامعة، وضرب هذا الصرح العلمي، من خلال استهداف هيئة التدريس والهيكل الإداري لها.
 
وفي هذا السياق، أوضح نائب وزير التعليم العالي والبحث العلمي، المعين من قبل الحوثيين، عبد الله الشامي، "إن عملية التغيير لقيادة جامعة صنعاء كانت ضرورة وحتمية نتيجة لتفاقم الفساد واستنفاذ القيادة السابقة لكافة الفرص التي منحت لها لمراجعة أدائها والتحرك الجاد لإصلاح الجامعة والنهوض برسالتها ودورها"، حسب قوله.
 
من جانبه أكد رئيس الجامعة المكلف من قبل الحوثيين، الدكتور فوزي الصغير أن المرحلة القادمة ستشهد اصلاحات ملموسة وعاجلة في العملية التعليمية ومسار الجامعة بشكل عام، في إشارةٍ إلى التغييرات التي صدرت مؤخرا، ولاقت رفضا في أوساط هيئة التدريس والعاملين في الجامعة.
 
العبث متواصل بالجامعة
 
إلى ذلك، عبر أكاديميون، وطلاب بجامعة صنعاء، عن استيائهم الشديد لما آلت إليه الأمور بالجامعة، بسبب محاولات مليشيا الحوثي إقحام الجامعة في الصراع الدائر، من خلال نقله إلى أروقتها، ومحاولة فرض قرارات غير شرعية، ذات أبعاد سياسية على الجامعة وكادرها التعليمي.
 
وأشار مراقبون، إلى أن الصراع الذي نتج عن تلك القرارات، التعسفية والإقصائية، جعلت الجامعة ساحة للفاسدين الجدد من المحسوبين على جماعة الحوثي، حيث رصدت حالات عبث عديدة بالدرجات العلمية، وأيضا، بالشهادات، فضلا عن المساعٍ الحثيثة، من قبل قيادة الجامعة المعينة من قبل الحوثيين، للاستحواذ على أكبر قدر ممكن من المكاسب من وراء هذا المنصب، والتي كان آخرها، سعي تلك القيادة، إلى التصرف العاجل بالأراضي المخصصة لهيئة التدريس، بالجامعة، حيث تحاول القيادة المعينة من قبل الحوثيين، الاستحواذ على أكبر قدر ممكن من تلك الأراضي، في عملية فساد واضحة، علما بأن الوقت ليس ملائم في هذا الوقت للشروع في العمل بمشروع مساكن هيئة التدريس، بسبب الحالة الاقتصادية المزرية التي تعيشها البلاد.
 
ساحة جديدة لنفوذ أيران

منذ بدأت قيادة جامعة صنعاء المعينة من قبل الحوثيين، بممارسة مهامها بالقوة، بدأت التحركات المشبوهة لإيران داخل الجامعة، والتي توجت الثلاثاء الماضي، بقيام القائم بأعمال السفير الإيراني، في صنعاء مرتضى عابدين، بزيارة إلى الجامعة، برفقة رئيس الجامعة المكلف من قبل الحوثيين "فوزي الصغير" .
 
وأوضحت وسائل إعلام حوثية، أنه جرى خلال الزيارة، مناقشة، الترتيبات الجارية لفتح قسم للغة الفارسية بكلية اللغات والترجمة بجامعة صنعاء.
 
وتعليقا على هذه الزيارة، قال الدكتور هشام ناجي عضو الهيئة الادارية لنقابة هيئة التدريس ومساعديهم في جامعة صنعاء، إن هذه الزيارة، تمثل مضيعة للوقت، كونها جرت في ظل رئيس غير شرعي للجامعة، لا يمتلك أي صفة قانونية لاستقبال الوفود الدبلوماسية والخارجية.
 
وأشار الدكتور هشام ناجي في تصريح لـ(الموقع)، أن أي قرار أو اتفاق قد يتم التوصل إليه بين الدبلوماسي الإيراني، وبين القيادة معينة من قبل الحوثيين، يعتبر لاغٍ وغير قانوني، كون رئيس الجامعة المعين من قبل الجماعة، الدكتور فوزي الصغير، لا يملك أي سلطة قانونية تخوله بإجراء مثل هذا الاتفاق.
 
انتفاضة طلابية
 
كل هذا الحراك الذي تعيشه جامعة صنعاء اليوم بات يمثل الوجه الواضح لحقيقة مليشيا الحوثي، وسعيها لتشكيل المجتمع والدولة وفقاً لتوجهها المذهبي، ومشاريعها الطائفية.
 
وامام هذا كله بدأت تتشكل طلائع مقاومة رافضة لتلك الممارسات من الطلاب الملتحقين بالجامعة، من خلال حركة (STOP) الطلابية التي بات تمثل مشروع مواجهة ينمو ويتشكل كل يوم لإيقاف المشروع الطائفي الذي يسعى لإفساد التعليم بعدما أفسد الحياة السياسية وأدخل البلاد في اتون الفوضى والعنف والدماء.
 


- صور :

ماذا تريد إيران من جامعة صنعاء ؟ (تقرير خاص)
ماذا تريد إيران من جامعة صنعاء ؟ (تقرير خاص)
ماذا تريد إيران من جامعة صنعاء ؟ (تقرير خاص)
ماذا تريد إيران من جامعة صنعاء ؟ (تقرير خاص)
ماذا تريد إيران من جامعة صنعاء ؟ (تقرير خاص)
ماذا تريد إيران من جامعة صنعاء ؟ (تقرير خاص)
ماذا تريد إيران من جامعة صنعاء ؟ (تقرير خاص)
ماذا تريد إيران من جامعة صنعاء ؟ (تقرير خاص)
ماذا تريد إيران من جامعة صنعاء ؟ (تقرير خاص)

التعليقات