تصعيد الانتقالي ضد الحكومة.. هل نزاهة أم غطاء لتحقيق مكاسب سياسية؟ (تقرير)
- خاص الخميس, 15 يونيو, 2023 - 07:31 مساءً
تصعيد الانتقالي ضد الحكومة.. هل نزاهة أم غطاء لتحقيق مكاسب سياسية؟ (تقرير)

[ مليشيات الانتقالي المدعوم من الإمارات بعدن ]

صعد المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا من جديد ضد الحكومة الشرعية، مستغلا حرب الحوثيين الاقتصادية عليها لتحقيق مكاسب سياسية وصولا للسيطرة على مفاصل الدولة، ضمن ضربات استباقية لإفشال لتعزيز مؤسسات الدولة اليمنية، بعيدا عن زعمه للقضاء على الفساد.

 

وشن الانتقالي حملة إعلامية كبيرة ضد الحكومة التي اتهمها بالفساد والعبث بالمال العام، و"إفراع خزينة الدولة المالية وإيصال الوضع إلى حافة الإفلاس لمزيد من الإفقار والإجهاز على حياة الناس".

 

والثلاثاء الماضي، وجه المجلس محافظي المحافظات الجنوبية بمنع توريد الإيرادات إلى البنك المركزي على غرار خطوات محافظ عدن أحمد لملس الذي أمر بعدم توريد الإيرادات بهدف خنق الحكومة التي تعاني من ضعف وعجز مالي كبير، بالتزامن مع توقف صادرات النفط بفعل الهجمات الحوثية على الموانئ والمنشآت النفطية.

 

وتشكو الحكومة من حرب اقتصادية تتعرض لها من قبل جماعة الحوثي، منذ ثمانية أشهر عقب توقف صادرات النفط وتأثر الإيرادات نتيجة رفع القيود عن ميناء الحديدة وتحول السفن التجارية إليها بدلا من ميناء عدن، حيث كانت الحكومة تحصل على جمارك وضرائب تقدر بأكثر من 700 مليار ريال وفقا لتصريحات محافظ البنك المركزي والتي تم فقدانها منذ بد الهدنة الأممية في إبريل من العام الماضي.

 

سياسة انتهازية

 

وتنطلق سياسة المجلس الانتقالي من الانتهازية لتحقيق مكاسب سياسية وأجنداته الخاصة من معاناة الشعب اليمني، حيث صعد حملة إعلامية ضد رئيس الحكومة معين عبدالملك لإسقاطه والمجي بمرشح جديد قدمه لمجلس القيادة الرئاسي، وفق رئيس تحرير صحيفة أخبار اليوم سيف الحاضري.

 

يقول "الحاضري" إن الانتقالي لديه قائمة طويلة من المرشحين يسعى إلى فرضهم في الحكومة حتى يتمكن من السيطرة عليها، مشيرا إلى أنه يريد من الحكومة أن تكون جسر عبوره للسيطرة على مفاصل الدولة، بما فيها الجانب المالي والعسكري.

 

الاستحواذ على المؤسسات المالية

 

ويضيف لـ"الموقع بوست" أن الحملة الإعلامية التي يخوضها المجلس الانتقالي اتجاه الحكومة ورئيسها الهدف منه تعيين محافظ عدن الحالي أحمد لملس الذي سارع من جهته بوقف توريد الإيرادات إلى البنك المركزي.

 

ويشير "الحاضري" إلى أنه يسعى أيضا من حملته على محافظ البنك المركزي لفرض مرشحه بهذا المنصب، للاستحواذ على الحلقة المالية وتكون تحت سيطرة عضو مجلس القيادة عيدروس الزبيدي، مضيفا أن ما يقوم به الانتقالي بعد الضوء اخضر من السعودية والامارات.

 

واتهم السعودية بالعمل على تنفيذ التوافقات التي خرجت بها في أطار حوارها غير المعروف مع الحوثيين وأيران، عبر ضغط الانتقالي الذي لا يتجرأ باتخاذ اي خطوة قبل تلقيه الضوء من الرياض، مؤكدا بوجود استحقاقات لهذه الحوارات تسعى المملكة إلى تحقيقه، لافتا إلى أن تقاسم النفط هدفها الأساسي لكي تفرضه واقعا على الشرعية.

 

الفساد يحمي الانتقالي

 

ويعتقد أستاذ علم الاجتماع السياسي عبدالكريم غانم أن الفساد داخل الحكومة يحمي الانتقالي من الانكشاف أمام جمهوره ويساعده أيضا في تحقيق المزيد من المكاسب، عبر تشويه صورتها، وزعزعة ثقة الداخل والخارج بها.

 

ويقول "غانم" لـ"الموقع بوست" إن المجلس الانتقالي وحلفيه الإقليمي يتوقعان أن تقوم الرياض بدعم الحكومة لتعزيز من فاعلية مؤسسات الدولة، ويُعيد الوحدة اليمنية إلى الواجهة، الأمر الذي يتعارض مع أجندات الانتقالي اتجاهاته المناطقية، في ظل احتدام التنافس السعودي الإماراتي في اليمن.

 

وفسر الحملة العدائية بالتوجهات السعودية الرافضة لتوسع الانتقالي شرقًا، والرامية لتقليم مخالبه، بعد أن تناسى أن هامش تحركه محدود، فذهب باتجاه حضرموت والمهرة، غير مكترث بما يبدو أنه خطوط حمراء تضعها الرياض، مؤكدا أنه لا يسعى للقضاء على الفساد او الشرعية، بل يسعى لتوجيه ضربات استباقية للحكومة، لإبطال مفاعيل أي توجهات سعودية محتملة لتعزيز مؤسسات الدولة.

 

تقاسم البلاد

 

وبحسب أستاذ علم الاجتماع السياسي فان المجلس الانتقالي يعتقد من خلال منع وصول الإيرادات إلى البنك المركزي بجعل فاتورة الدعم السعودي للحكومة مرتفعة إلى مستوى يجبر الرياض على القبول بالتعامل الندي مع الإمارات عند التفاوض بشأن اليمن، قبل الدخول بتقاسم مناطق النفوذ، فضلا عن إجبار المملكة على القبول بتوسع الانتقالي في حضرموت والمهرة، كأمر واقع.

 

وتعتبر الخطوات التصعيدية التي قام بها الانتقالي لخنق الحكومة اليمنية في عدن اقتصاديًا، "إن لم تكن ضمن اتفاق فعلي مع الحوثيين، إلا إنها تضعف قدرة الحكومة على الصمود، وتسهم في تفاقم اختلال موازين القوى لمصلحة الحوثيين"، حد قول غانم.

 

دور شكلي

 

ويؤكد أن حصار الحوثيين الاقتصادي يضر بمصلحة الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي معًا، ولكي ينحصر الضرر على الحكومة وحدها يحاول الانتقالي الاستئثار بما تبقى من موارد لنفسه بدلًا من تقاسمها مع الحكومة المدعومة من المجتمع الدولي.

 

يضيف "غانم" أنه ليس لدى رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي مشروع سياسي محدد وواضح، يدفعهم للصراع مع بعضهم أو مع الفاعلين الاقليميين، فَجُل ما يسعى إليه معظمهم الحفاظ على منصبه، متوقعا استمرار المجلس بدور شكلي، مستبعدا استعادة الدولة وتحقيق السلام وتحسين سُبل العيش.


التعليقات