الاحتياط النقدي في اليمن معركة كسر عظم أثارت الجدل بين الحكومة وأطراف يمنية (تقرير)
- خاص الثلاثاء, 13 يونيو, 2023 - 04:07 مساءً
الاحتياط النقدي في اليمن معركة كسر عظم أثارت الجدل بين الحكومة وأطراف يمنية (تقرير)

[ الاحتياط النقدي في اليمن - وكالات ]

أثارت تقارير صحفية متداولة بشأن قرب نفاذ الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن، مخاوف خسارة المكاسب الاقتصادية المحققة مؤخرا، وسط تراجع كبير للعملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية التي تجاوزت حاجز 1350 ريالا للدولار الواحد في أحدث انهيار منذ أكثر من عام.

 

والأسبوع الماضي، نشرت وكالة رويترز البريطانية تقريرا صحفيا نقلا عن مصادر حكومية تفيد بقرب نفاذ النقد الأجنبي من البنك المركزي، حيث لا يزيد على 200 مليون دولار، والمتوفر اقل من ذلك بكثير مع عدم وصول التعهدات المالية التي أعلنت عنها السعودية والإمارات قبل عام ونيف.

 

وكانت الوكالة نقلت عن مصادر في الحكومة المعترف بها بأن زيارة رئيس مجلس القيادة الرئاسي منذ أيام إلى أبوظبي كانت بهدف طلب تقديم مبالغ الدعم التي أعلنت عنها الامارات، وبأن رئيس الحكومة غادر عدن مطلع الشهر إلى الرياض في مسعى للبحث عن دعم سعودي عاجل.

 

نفى وتطمينات

 

وسارع البنك المركزي اليمني في 7 يونيو، بنفي مزاعم انخفاض النقد الأجنبي لدى المصرف المركزي، مشيرا إلى أن لديه من الاحتياطات النقدية الخارجية ما يمكنه من القيام بوظائفه وتأمين احتياجات السوق المحلية من العملة الصعبة.

 

ويؤكد في بيان أن البنك استطاع أن يحافظ على الاستقرار وتغطية جزء من احتياجات العملة الصعبة المخصصة لاستيراد السلع الأساسية والبضائع من خلال المزادات وتأمين المرتبات رغم تأثير الاعتداءات الحوثيين على قطاع النفط سلبا على إيرادات الدولة.

 

ووصف هذه التقارير بالحملات المسعورة التي تقف خلفها جهات مشبوهة تستهدف استقرار الاوضاع ومعيشة الناس بالترويح لمعلومات مغلوطة وغير صحيحة عن نفاذ الاحتياطيات الخارجية للبنك المركزي اليمني.

 

"الانزلاق نحو اللا عودة"

 

ويقول خبير اقتصادي إن الإشاعات التي يطلقها المضاربون تلعب دورها في الدول التي تعاني من هذه الاختلالات كاليمن، وما يحدث لسعر صرف الريال اليمني هو نتيجة لهذه الأسباب بالإضافة إلى غياب دور السياسات الاقتصادية المالية والنقدية والتجارية وضعف أو غياب دور الحكومة.

 

ويضيف الخبير الذي فضل عدم ذكر اسمه لـ" الموقع بوست" أن البنك المركزي لا يمكنه من أن يقدم شيئ أو يتدخل عن طريق أدوات السياسة النقدية، في ظل ما يعانيه من نقص الكوادر المتخصصة والمؤهلة وتضارب السلطات والاختصاصات وكذا شح موارد الدولة من النقد الأجنبي.

 

ويشير إلى أنه يجب إعادة للبنك المركزي وظيفته وسلطاته التي يستطيع من خلالها التدخل لكي يقوم بدوره، مضيفا "إذا استطاع البنك ضبط شركات الصرافة في الوقت الراهن يمكن أن يحد من تدهور سعر صرف الريال اليمني"، فضلا عن مراقبة تحركات رؤوس الأموال ووضع ضوابط صارمة لهذه التحركات سواء للخارج أو الداخل.

 

ودعا الخبير الاقتصادي الفرقاء السياسيين إلى تجنيب البنك المركزي والاقتصاد صراعاتهم ولا يتخذوا ذلك ورقة ضغط أو أداة من أدوات الحرب، مشدد على أهمية تحييد الاقتصاد لتجنيب البلاد مزيداً من الكوارث والانزلاق نحو اللا عودة.

 

حراك حكومي

 

وتقود الحكومة المعترف بها اجتماعات مكثفة للحصول على دعم اقتصادي عاجل ينهي الازمة الاقتصادية الخانقة التي تواجهها، حيث اجتمع الأحد الماضي رئيس الوزراء معين عبدالملك مع رؤساء بعثات وسفراء وممثلي الدول المعتمدين لدى اليمن.

 

ودعا "عبدالملك" المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى التحرك العاجل لدعم جهود مجلس القيادة لردع الحرب الاقتصادية التي شنتها جماعة الحوثي ضد الشعب اليمني، بما في ذلك إجراءاتها التعسفية ضد القطاع الخاص والبنوك والقيود التي فرضتها على حركة الافراد والسلع والمساعدات الإنسانية.

 

ويؤكد أن حرب الحوثيين الممنهجة "تهدد وتنسف كل فرص السلام ويقضي على الجهود الجارية في هذا الاطار"، مضيفا أن كافة الخيارات مطروحة وأن حكومته "لن تقف مكتوفة الايدي امام هذه الحرب التي تمس وتهدد حياة ومعيشة المواطنين اليومية".

 

وفي المقابل، اعرب رئيس بعثة الاتحاد الاوروبي لدى اليمن غابرييل مونويرا فينيالس عن قلقه جراء أفعال الحوثيين التي تقوض اقتصاد اليمن الماثلة أمام تحديات كبيرة، عقب الاجتماع الافتراضي الذي عقده رئيس الحكومة.

 

ويقول الدبلوماسي الأوروبي إنه يجب وقف الأفعال التي تقوض اقتصاد البلاد والقطاع الخاص، وأن تسود وحدة دعم الإصلاحات، مؤكدا على ضرورة رفع القيود على التجارة.

 

احتياطي "محترم"

 

ويؤكد محافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب على امتلاك البنك احتياطي "محترم" من النقد الأجنبي يشمل ودائع وارصدة سائلة من مختلف العملات في عدد من البنوك العالمية، إضافة إلى سبائك ذهبية، نافيا أيضا مزاعم نفاد الاحتياطيات النقدية الأجنبية التي قال مصدرها رسالة نصية بثتها شركة "يمن موبايل" للاتصالات الخاضعة للحوثيين، في مسعى للتأثير سلبا على اسعار الصرف والاقتصاد الوطني.

 

ويقول "غالب" في مقابلة تلفزيونية مع قناة اليمن الحكومية إنه لا يمكن التفريط بتلك الاحتياطيات النقدية او استخدامها الا في "الاغراض المحددة والاوقات الصعبة"، مستطردا بأن "الوقت الصعب لم ياتي بعد".

 

ويشير إلى أن البنك المركزي لايزال يحافظ على استقرار العملة، ولم يلجأ الى تمويل ميزانية الحكومة من مصادر تضخمية رغم فقدان موارد ضريبية وجمركية تصل الى نحو 700 مليار ريال بسبب فتح ميناء الحديدة، فضلا عن مليار دولار بسبب توقف الصادرات النفطية.

 

تحذيرات دولية

 

وفي07 يونيو الماضي، أكد خبراء اقتصاديون من صندوق النقد الدولي في ختام اجتماعات افتراضية على حاجة الحكومة الى تمويل خارجي إضافي للحفاظ على المكاسب الاقتصادية المتحققة بصعوبة ودعم عملية الإصلاح المستمرة في البلاد.

 

ونفى صندوق النقد الدولي الاثنين الماضي، الادلاء بأي تصريحات صحفية حول البنك المركزي اليمني او الوضع الاقتصادي في اليمن، من قبل موظفي الصندوق بخلاف ما ورد في البيان الصحفي الصادر في 7 يونيو بعد زيارة فريق خبراء صندوق النقد الدولي لليمن.

 

وخلال الفترة من 25 مايو وحتى 8 يونيو، قام فريق من خبراء صندوق النقد الدولي، بقيادة جويس وونغ، ببعثة افتراضية ووجاهية في عمّان الأردن، مع السلطات اليمنية والتي تم خلالها بحث آخر التطورات الاقتصادية، والنظرة المستقبلية، والتقدّم الذي حققته الإصلاحات الرئيسية في اليمن.

 

وحذر صندوق النقد الدولي من توسع عجز ميزانية الدولة اليمنية إذا لم تُستأنف صادرات النفط التي اوقفتها ضرباتها هجمات الحوثيين بالرغم من خفض النفقات الضرورية، مؤكداً هذه الهجمات حرمت الحكومة من معظم إيراداتها بالعملة الأجنبية والتي تساوي حوالي نصف إيراداتها الإجمالية مما أدّى هذا إلى جانب ارتفاع أسعار النفط عالمياً- إلى اتساع العجز في المالية العامة إذ وصل إلى 2.5 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي في 2022.

 

وواصلت السلطات اليمنية جهودها لتعزيز المؤسسات بما فيها تحسين الرقابة على الإنفاق وتخطيط الموازنة وإدارة الضريبة وإعداد التقارير المالية، وصولا إلى اتخاذ خطوات نحو اعتماد أسعار صرف السوق للإيرادات الجمركية والحد من التضخّم من خلال الحفاظ على نمو صفري في القاعدة النقدية، وفق بيان صندوق النقد.

 

وشدد على ضرورة الحفاظ على استمرار نظام مزاد بيع العملة الأجنبية الأسبوعي الذي يوفر العملة الأجنبية لتمويل الواردات الأساسية بصورة شفافة وبأسعار صرف السوق، في مسعى للحد من التضخم ودعم استقرار سعر الصرف من خلال استيعاب السيولة.


التعليقات