ثلاثة آلاف يوم من الحصار..  تداعيات ومعاناة تنتظر الحلول (تقرير)
- أشرف الصوفي - تعز السبت, 15 يوليو, 2023 - 08:51 مساءً
ثلاثة آلاف يوم من الحصار..  تداعيات ومعاناة تنتظر الحلول (تقرير)

[ وقفة احتجاجية في تعز تندد باستمرار حصار الحوثيين للمدينة ]

بعد مضي ثلاثة آلاف يوم من الحصار على مدينة تعز، يتساءل مواطني هذه المدينة، عن مصيرها في ظل المساعي الدولية لإحلال السلام في اليمن، ويترقب بصبر ذكر ملف حصار تعز، في المفاوضات المرتقبة بين المجتمع الدولي والحوثيين.

 

اكتملت ثمانية أعوام منذ أن فرضت جماعة الحوثي حصارها على مدينة تعز، لتتحول حياة ملايين الساكنين في المدينة إلى معاناة طالت معها مسافة سبعة كيلومترات بين وسط المدينة وطرفها إلى عشرات الكيلومترات من الطرق الجبلية الوعرة، والملتفة حول المدينة.

 

فعاليات وتنديد

 

يستقبل مواطني المدينة العام التاسع من المأساة، بعدد من الفعاليات الاحتجاجية التي ترعاها السلطة المحلية في المدينة، في حملة واسعة تنديدا بالحصار الحوثي على مدينة تعز، يتخلل هذه الفعاليات، حملات إعلامية، وجلسات نقاشية، ومعرض صور؛ كذلك سيعرض القائمون على الحملة، فيلمًا وثائقيًا، يحمل أسم " على قيد الحصار" ضمن فعاليات الحملة.

 

يتمنى صالح الشرعبي، أن يتم فك الحصار على مدينة تعز، كي يستطيع أن يزور أولاده، والالتقاء بهم.. وعورة الطريق، والمخاطر المحدقة بها، وكذلك المحسوبية السياسية، وقفت عائقا بين صالح وأولاده.

 

 

في حديثه لـ "الموقع بوست" يصف صالح الحصار، بـ "الموت البطيء" و"الحرمان"، وبالنسبة لصالح فإن الحرب ستنتهي، عندما يستطيع أن يسلك الطريق بشكل آمن، وبدون مخاوف.

 

يرى الناشط والصحفي، عبد الكريم الشيباني، والمدير السابق لمكتب قناة الحرة في اليمن، أن حصار تعز، واستمراره للعام التاسع على التوالي، يعتبر "جريمة إنسانية مكتملة الأركان"، ويُحمل الشيباني مسؤولية ذلك، القادة في كلا الجانبين، والرافضين فتح المعابر ورفع الحصار، رغم المعاناة، التي يتكبدها ملايين السكان في تعز.

 

ويعتقد الشيباني، بوجود عددًا من القادة والمسؤولين الذين يستثمرون في هذه المعاناة، ويتاجرون بها طيلة هذه السنوات، ويتساءل عن المانع من فتح المعابر من طرف واحد، مع الأخذ بالتدابير الأمنية اللازمة لمثل هذه الحالات لفضح الطرف الآخر، و"الكشف عن نواياه"، ويشير إلى أن طرفي الصراع مشتركين في هذه الجريمة الإنسانية ضد أبناء تعز.

 

المطالبة برفع الحصار، مسألة في غاية الأهمية، ينبغي أن تضطلع بها المنظمات الحقوقية المحلية، والفعاليات الشعبية المختلفة، والضغط على سلطات الأمر الواقع هنا وهناك، لرفع الحصار عن سكان المدينة، دون أي تعويل على المجتمع الدولي ومنظماته التي لا يهمها سوى "مصالحها الخاصة"، هو ما ينبغي للسلطات في صنعاء وعدن استيعابه، بحسب الشيباني.

 

ويرى في الارتكان، إلى المجتمع الدولي، ومجلس الأمن الدولي، والأمم المتحدة، ومندوبها، والولايات المتحدة، وإلى المفاوضات "المارثونية"، كما يصفها، أمر لا طائل منه، وباعتقاده أنها شريكة أيضا في معاناة الشعب اليمني.

 

إحياء للقضية

 

نبيل جامل، عضو الفريق الحكومي للتفاوض لفتح طرق تعز، يؤكد أن في إحياء ذكرى مرور ثلاثة آلاف يوم على الحصار، هو إحياء لذاكرة أبناء تعز، و لتحالف الشرعية، و لذاكرة العالم الذي يبدو أنه تناسى قضية تعز.

 

في حديث مع "الموقع بوست" يعتقد نبيل أن قضية تعز، قد أصبحت منسية، وانطلاق هذه الفعاليات، يُعيد تعز، لأن تكون حاضرة في أي مشاورات تتم حاليًا بين التحالف والحوثيين. ويُعيد أيضًا ملف حصار تعز، إلى المشهد والى طاولة المبعوث الأممي، والمحافل الدولية.

 

يشير نبيل إلى أن الفعاليات لها أهدافًا عريضة  وواسعة، من ضمنها عودة الكثير من أبناء مدينة تعز إليها، أولئك الذين لم يُعايشوا أزمات: انقطاع الأُكسجين، والمياه، والغاز، والحصار الخانق على المدينة. ويبدي رغبته في أن تنتقل هذه الذكرى إلى الأجيال القادمة من أبناء المدينة، حتى لا يتناسوا القضية المصيرية، والجرح النازف الذي أصاب المدينة.

 

الحصار الآن، مختلف عن السابق، وفي نظر نبيل قد تم تخفيفه، مقارنة بالحصار البشع في المراحل الأولى أي ما بين عامي (2016، 2017) ويصف نبيل هؤلاء العامين، ب"أحلك أعوام الحصار".

 

عدم فك الحصار وفتح المعابر،باعتقاد نبيل، عائد إلى تفكير وتركيبة وثقافة جماعة الحوثي، الذي ترى في حصار تعز، هدفًا أساسيا، لا يمكن المساومة أو التراجع عنه. كون تعز مدينة محورية تؤثر في رسم المتغيرات السياسية والعسكرية في ملف الحرب في اليمن. ويشير إلى هنالك أكثر من أجندة، وتوجهات مختلفة، تريد أن يستمر الحصار في مدينة تعز.

 

أعوام من المعاناة، وصمت دولي

 

ثمانية أعوام من الحصار، تجرع معها مواطنو المدينة صنوف المعاناة، تمثلت في شح الإمدادات الغذائية والدوائية وصعوبة وصولها إلى المدينة، وصعوبة التنقل في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان، والقوانين الدولية، والتي تؤكد في نصوصها على حق الإنسان في التنقل.

 

سليم محسن، أحد المشاركين في الوقفة الاحتجاجية التي أقيمت اليوم في مدينة تعز، في حديثة لـ "الموقع بوست" يقول: " كل شيء أصبح خانقًا، نحن في سجن كبير، يقبع فيه ملايين البشر في حيز صغير، لا متنفسات، لا طرق، لا شيء، نموت والعالم يراقب بصمت، ويكتفي بالتعبير عن قلقه".

 

 

 يعتبر ملف حصار تعز، من أبرز الملفات، التي تم مناقشتها في اتفاق ستوكهولم بين الحكومة الشرعية، والحوثيين في السويد عام 2018، ونص الإتفاق على إلزام الحكومة والحوثيين بـ"التفاهم لفك الحصار عن مدينة تعز"، عبر تشكيل لجنتين حكومية وحوثية، لمناقشة آلية لمعالجة الأوضاع وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل الحصار.

 

وفي منتصف العام الماضي، انطلقت مشاورات بين الحكومة الشرعية، والحوثيين، عن طريق لجنتين محليتين من كلا الجانبين، ولكن كان مصيرها الفشل، بعد أن تمسك الحوثيين بمقترحهم، لإنشاء طرق بديلة ومعابر جانبية توازي المعابر الرسمية، وقوبل هذا المقترح برفض من الحكومة الشرعية، بقولهم إنها " لا تلبي الاحتياج، وغير نافعة".

 

وبالرغم من وجود ملف حصار تعز، بين ملفات الجهود الأممية والدولية لإحلال السلام في اليمن، إلا أنه غائب على أرض الواقع. منذ أن أعلن المبعوث الخاص للأمم المتحدة "غروندبرغ" في 2 من أغسطس، التجديد الثاني للهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة لمدة شهرين، واعدًا فيها "غروندبرغ" بتكثيف جهوده للتوصل إلى اتفاق هدنة موسع، من شأنه أن ينص على التوصل إلى اتفاق بشأن فتح الطرق في تعز.. حتى الآن لم يحدث شيء، ولم تفتح الطرق.

 

 

 

 

 


التعليقات