ولد الشيخ يواجه مصير بنعمر
الاربعاء, 09 نوفمبر, 2016 - 10:22 مساءً

غادر المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ الرياض دون أن يلتقي بالرئيس عبد ربه منصور هادي أو أي من المسئولين في السلطة الشرعية. اكتفى ولد الشيخ باللقاءات المحدودة التي أجراها مع المسئولين السعوديين وسفراء الدول الراعية الـ 18.
 
حينما يفقد أي وسيط دولي القدرة على التأثير في أحد الأطراف ويتحول إلى شخص غير مرغوب فيه فإنها أولى مؤشرات الفشل الذي ستواجهه مهمته، وأرى ولد الشيخ يواجه اليوم المصير نفسه الذي انتهى إليه جمال بنعمر عندما ابتعد أكثر من اللازم عن المعايير الأخلاقية في التعاطي مع قضية اليمنيين العادلة.
 
فهم ولد الشيخ الرسائل القوية التي جاءت من طرف السلطة الشرعية، ولم يكن بوسعه أن يذهب إلى الرئيس لمناقشة تفاصيل الإطاحة به وبحكومته، تمهيداً لإعادة الحوثيين وحليفهم صالح إلى رأس السلطة عبر مخطط دولي مفضوح الأهداف والمرامي، بعد أن فشل هؤلاء في الاستيلاء على السلطة وعلى الدولة بقوة السلاح.
 
لا يجب أن نتوقع أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي باتت أيامه معدودة في الوزارة سوف يعود إلى المنطقة ليعقد جلسة مشاورات مع الشركاء الإقليميين في الأزمة اليمنية لوضع تعديلات في خطة الحل التي حملها ولد الشيخ إلى الحكومة والمتمردين ولاقت رداً شديد القسوة من الرئيس هادي وحكومته وتحفظاً من جانب الانقلابيين.
 
يعيش ولد الشيخ الظرف ذاته الذي عاشه المبعوث الأممي السابق جمال بنعمر قبيل تدخل التحالف العربي، حيث كان لا يكف عن إطلاق الادعاءات الكاذبة عن قرب توصل الأطراف اليمنية إلى اتفاق.
 
قبل ذلك كان بنعمر قد انجرف أكثر من اللازم باتجاه مخطط أمريكي واضح للإطاحة بالقوى السياسية التي دعمت التغيير في اليمن، وخصوصاً القوى الإسلامية، وذهب يصمم اتفاقاً جديداً اسماه اتفاق السلم والشراكة، الذي سلم الدولة والجيش والأمن للحوثيين، وبعد أن أسلم اتفاقاً كهذا صنعاء للفوضى بعد السقوط المريع للدولة في 21سبتمبر 2014، تحصن بنعمر في فندق موفمبيك في الحي الشرقي لمدينة صنعاء داعياً الأطراف السياسية المذعورة من الانقلاب إلى حوار يهدف إلى استكمال تسليم السلطة والدولة للحوثيين بصورة رسمية وبتوقيع جميع الأطراف.
 
كان الحصار يضيق على الرئيس هادي في منزله الذي تحول إلى معتقل في شارع الستين بغرب المدينة.. وعندما تباطأت القوى السياسية في الاستجابة لمطالب بنعمر والحوثيين والمخلوع صالح قرر الحوثيون وصالح وضع اليد على دار الرئاسة وعلى السلطة ودفعوا بالرئيس إلى الاستقالة ومعه حكومة الكفاءات التي تشكلت بناء على اتفاق السلم والشراكة.
 
تمكن الرئيس من الإفلات من الحوثيين وذهب إلى عدن فلاحقته الطائرات وقصفت مقره في عدن، ما اضطره إلى طلب النجدة من المملكة العربية السعودية التي استجابت على الفور وشكلت تحالفاً عربياً وبدأت بعملية عاصفة الحزم ثم أتبعتها بعملية إعادة الأمل.
 
قال بنعمر حينها إن الأطراف اليمنية كانت قاب قوسين أو أدنى من التوقيع على الاتفاق لولا التدخل العسكري للتحالف. والسؤال أي اتفاق ذلك الذي كان يسوقه بنعمر؟ وهل كانت الأطراف السياسية تمتلك قرارها، وهل كانت أصلاً قادرة على حماية نفسها وتأمين قياداتها وعناصرها؟ بالطبع لا.
 
ذلك الاتفاق الذي لم ينجح بنعمر في تأمين موافقة الأحزاب على التوقيع عليه هو نفسه خارطة الحل التي يسوقها اليوم إسماعيل ولد الشيخ، الموريتاني، ويكاد يلاقي الفشل ذاته الذي مني به سلفه المغربي جمال بنعمر.
 
والآن وقد أحرقت هذه الخارطة، فإن على الرئيس أن يمضي قدماً في تكريس نفوذ السلطة الشرعية على كافة المستويات، عليه أن يبعث الأمل لدى اليمنيين بإمكانية استعادة دولتهم واستعادة الأمن والاستقرار والحق الضائع في الحياة.
 
كان قرار تعيين رئيس جديد للمحكمة العليا صائباً بامتياز، ورغم تأخره إلا أنه شكل ضربة قاصمة للانقلابيين الذين يشعرون أنهم يفقدون كل الامتيازات التي وضعتها السلطة الشرعية بين أيديهم بضغط من المجتمع الدولي.
 

التعليقات