السياسة وأهمية البحث العلمي
الخميس, 10 نوفمبر, 2016 - 07:12 مساءً

في الوقت الذي اعتمدت فيه دول الشرق الأوسط عدى تركيا على  الكهول الثيوقراطيين القابعين في محاريب القرون الوسطى أو صغار السن ومراهقي السياسة في رسم سياساتها والتخطيط لمستقبلها والعيش بعيداً عن مؤسسات البحث العلمي ومراكزه والتضييق على الباحثين المحترفين وعدم الاهتمام بهم وإقصاءهم عن مراكز الحكم ودوائره السياسية. 

تعتمد الدول الغربية على مؤسسات ومراكز ابحاث استراتيجية منظمة ومحددة الأهداف وخبراء متخصصين في شتى مجالات المعرفة الانسانية والمهتمة بشؤون حياة شعوب العالم قاطبة، وبلدان الشرق الأوسط على وجه التحديد، يستعين بها صناع القرار في رسم سياساتهم واتخاذ قراراتهم السياسية والاقتصادية والعسكرية والاستخباراتية، استجابة للتحديات التي تواجهها وينتجها الحاضر والمستقبل والتي تعتمد على الرصانة والبعد الفكري والتي قد تفوق ميزانية أحدها ميزانية أحد دول العالم النامية في العالم الثالث.

والأدهى والأَمَرْ  من ذلك هو سيادة ونفوذ دولة إسرائيل المتمركزة في قلب العالم العربي على معظم تلك المراكز والمؤسسات إضافة إلى ما لديها، وخاصة المهتمة منها في قضايا الشرق الأوسط لأنها وفقاً لتقرير نشرته الجزيرة نت أنها من أبرز دول العالم الانفاقاً على البحث العلمي والتكنولوجي حيث  تنفق  9.4 مليار دولار ، لأن ذلك يلعب دوراً محورياً في توجيه سياسة القضايا البحثية الأمر الذي يؤدي إلى انحياز بعض المراكز والباحثين للدولة الداعمة لها أو إلى قناعتها المسبقة والمستقاة من مصادر غير محايدة.
 
وقد يستغرب البعض إذا ما سمع بأن كثيراً من الاختراعات المصنعة في أمريكا وبلدان الغرب أنتجتها عبقرية الشباب والكوادر العربية الذين ضاقت عليهم بلدانهم نتيجةً لعدم توفر مجالات البحث العلمي لأن ما تنفقه الدول العربية مجتمعه لا يوازي ما تنفقه جامعة أمريكية واحدة إذ تنفق أمريكا 405.3 مليار دولار سنوياً على البحث العلمي وفقاً لأحد الدراسات الصادرة من المركز العربي للدراسات والابحاث.

لأن العالم انتقل من عصر القوة الميكانيكية حيث التفاوت الكمي بين الدول إلى عصر المعلومة لأن المعلومة والتقنية أصبحتا المصدر الأساسي للتفوق في كل المجالات، في الوقت الذي فيه تُبعثَر أموال العالم العربي والإسلامي على الصراعات البينية الاقليمية اللامتناهية والتي لاتزيد الأمر إلا سوءً وخوفاً وفرقة.

نتيجةً لخوفها من العلم وإشراقاته على العقول وتطلع شعوبها إلى مزيد من الحريات والممارسة الديمقراطية وركزت فقط على حفظة التاريخ والجغرافيا والمسائل التي عفى عليها الزمن بل وتعيش في خيالات الفرح بالماضي والتغني فقط بما كنا علية.

 ولم تعي حتى الأن بأن البحث العلمي هو مرتكز الصناعة والزراعة والأمن القومي والمجتمعي. فاستغلت بعض الدول منها ايران تلك الحالة من الركود وقصر النظر والبعد عن منارات العلم وصناعها ودفعها إلى تفخيخ كل الطرق والملفات بين الشعوب العربية وتعمل على توسيع هوة الخلافات البينية بين الدول ذاتها وبينها وبين حكامها أو بينها وبين الدول الغربية والمنظمات الدولية لتشويه صورتها وتدمير علاقاتها بالشعوب والمنظمات الانسانية والحقوقية والسياسية وكذلك تفتت لحمة العرب القومية بمقابل سمو وسيادة القومية الفارسية على العرب المنهكين.

ختاماً للتأكيد على ما جاء سابقاً فقد بلغ عدد براءاة الاختراع لدولة اسرائيل 1162 عام 2008م، وهي تفوق ما انتجه العرب في تاريخ حياتهم  836 براءة اختراع فقط.

 فإذا ضاقت بنا الحيل كعرب وتفرقت بنا السبل وقعدنا بعيدين عن مسارات البحث وتخلفنا عن ركب المسيرة العلمية والصناعية العالمية سنبقى ضحية الخصوم ومهوى  الأطماع ومسخرة كبرى بين الأمم.
 

التعليقات