خواطر يمني في إسطنبول.. الحلقة (1)
الجمعة, 10 مارس, 2017 - 03:36 مساءً

وقفت ومشيت  نحو عشر ساعات على اقدامي من اجل تجديد الإقامة في  المدينة التي تشكل مهوى لافئدة  بعض من زارها وعرفها عن قرب ..
 إسطنبول التي يتبدل طقسها بشكل عجيب وغريب مثل طبقات المكياج لكنها المدنية التي تبتسم في وجوه الغرباء ولاتشعرك ملامح الزمان والمكان فيها  انك غريب ولاتراقبك عيون "العسس" مادمت ملتزم بالقوانين ..
 
 كان يوم مزحوم على غير عادة طابور طويل من العرب والأجانب امتد الى ثلاثة طوابق في مبنى الامنيات الذي يتوسط قلب مدينة إسطنبول على مقربة من شارع محمد الفاتح الذي لايخلو من حضور من روح التاريخ و بعض عصابات سرقت الهواتف الشخصية ومنها هاتفي الشخصي الذي لم يستمر في يدي الا 3 ساعات فقط بعد غياب طويل وحضور قصير جداً.. قبل ان يلتقطه احدهم من على دراجة نارية كما لو انها نسر يطير على الأرض..
 
كنا نحو عشرة شباب ثلاث  فتيات من العرب في ذات المساحة المتقاربة وسط الطابور ولاننا انتظرنا  وقتا طويلاً كان لابد من كسر الملل بحديث ما.. بنقاش ما.. ولو كان قصير على هامش الطابور الذي أعاد الى ذاكرتي طوابير الغاز في بلادي  ..
 
بادرت اولاً وعرفت بنفسي محمد من اليمن ثم توالت التعريفات وماحفظته ذاكرتي الى اللحظة سند من  ليبيا ومنتهى من سوريا وحذيفة من مصر ..
 
اطلق الشاب الليبي النكات  من اللحظة الأولى وبعض النكت الليبية تنقض الوضوء وخصوصاً المتعلقة بالقذافي وقوات الخاصة
  أشار سند باصابعه  الى صدره وقال :انا سند من بنغازي ضحية الانقلاب العسكري الذي يقوده حفتر هاجر ابي الى أوروبا  للخلاص من  بطش معمر القذافي وهاجرت انا الى هنا بعد ان نجوت باعجوبة من اختطاف قوات حفتر التي عملت على التنكيل بشباب ثورة 17 فبراير  وكأن لاهدف لها الا تصفية الثورة والثوار  ..
 
وبالمصادفة قال حذيفة من مصر  وانا ايضاً حذيفة هاجر ابي الى النرويج احدى الدول الاسكندنافية وقبله جدي في   هاجر الى بريطانيا رفقة جدتي أيام عبد الناصر  وانا الآن في إسطنبول لاني من شباب ثورة 25 يناير الذين رفضوا التوقيع على شيك مفتوح للسيسي لابتلاع ثورة يناير والديمقراطية  المصرية الناشئة و تعرضت للاعتقال 3 أيام في قسم شرطة خلف جسر أكتوبر ..
 
قدمت لهم ايضاَ سيرة المنفى  التي لاتختلف عن سيرة المنفى بالنسبة لهم فجميعنا شباب ثورات عربية ضاقت بنا البلاد التي اردناها ان تتسع للجميع  بالثورة والحرية وضافت  بنا  واتسعت للا نقلاب والسجون ..
 
وبعد ان أصبحت يومياتنا تحت الحصار والخطر  فكرنا بالمنفى تحت الاكراه فالمسألة ليست ترف والغربة ليست "شاليهات" كما تصورها بعض الذهنيات التي اعتادت الفهلوة والتنميطات المستهلكة  وليس الامر فنادق ويوميات "للفهنة" الامر ابعد مما يتصورون.
 
* محمد المقبلي اعلامي وناشط يمني.

التعليقات