وقوف طويل في الممرات من اجل تجديد الإقامة، فعلى سبيل المثال استيقظت الساعة السابعة صباحاً وحتى السابعة مساء اتنقل من مكتب الى مكتب لاستكمال المعاملة، وانتهى الامر ان أقف نحو 6 ساعات بلا جلوس من اجل المقابلة مع مسؤول الامنيات الذي احالني مجدداً الى مدير ضرائب الإقامة على امل ان اعود في اليوم التالي.
لكن النقاش مع الشباب العرب كان ثمرة ذلك الوقوف على طريقة الطواف والوقوف من اجل الحرية كما حصل في ثورات البلاد العربية حينما وقفت الشعوب في اهم لحظة من تاريخ الحرية الحديثة.
منتهى السورية قالت ساكتفي بالصمت فوضع سوريا اكبر من الكلام وخصوصاً بالنسبة لشابة "مليانها" قهر قادمة من الغوطة الشرقية ورأيت بعيني اهوال جرائم الأسد.
يعمل سند 8ساعات ويعمل حذيفة 5 ساعات ويدرس وتعمل منتهى في محل ملابس 6ساعات واعمل انا 8 ساعات يومياً.
كان سند من ليبيا اكثر حديثاً من الجميع يمتلك ذاكرة روائية عجيبة ومتابع شغوف لتفاصيل الروايات العربية التي صدرت بعد ثورات الشباب ويراهن على الرواية اكثر من أي شيء لتفكيك الديكتاتورية العربية كما فعلت الروايات اللاتينية على تفكيك الديكتاتوريات في أمريكا اللاتينية وكما ان الحريات تتشابه فالديكتاتوريات تتشابه ايضاً.
سرد لنا 5 رويات بشكل عجيب وتحدث عن التفاصيل الدقيقة والسرد والمضمون وحتى دور النشر الصادرة عنها ومن تلك الروايات:
1- رواية «كان الرئيس صديقي» للسوري عدنان فرزات، ويتناول فرزات الثورة السورية من وجهة نظر خاصة عن طريق ضابط سوري يراقب أحد الفنانين التشكيلين، وتتحول شخصية الضابط تدريجياً تأثراً بالفنان الذي يراقبه حتى ينقلب على النظام الذي يعمل معه ويشترك في الثورة.
2- رواية «عدو الشمس البهلوان الذي صار وحشاً» للمغربي محمد سعيد الريحاني، وتتناول الرواية الثورة الليبية، وكان الأديب قد بدأ في نشرها على صفحات جريدة العرب اليوم الأردنية في 2011، وأنهى آخر فصولها عقب مقتل القذافي.
3- رواية «ورقات من دفتر الخوف» للتونسي أوبكر العيادي، تحكي الرواية عن مثقف تونسي يرفض الانصياع للنظام فيتعرض للنفي خارج البلاد حتى تقوم الثورة.
4- رواية «ثورة العرايا» للروائي المصري محمود أحمد علي وهي الرواية الفائزة بجائزة إحسان عبد القدوس لعام 2013، ينجح الروائي في لفت انتباهك منذ قراءة الإهداء « إهداء خاص جداً..إلى كل حمار ..مصلوب ..ممصوص دمه.. كعود القصب بعد عصره _مثلي تماماً_ شكا لي حاله .. وشكوت له حالي».
5- رواية «مدينة لن تموت» للروائي المصري يوسف الرفاعي، وتلقي الرواية الضوء على صراعات رجال الأعمال في مصر وعلاقاتهم بأهل السياسية.
حدثتهم انا ايضاً عن الروايات اليمنية وسجلت لهم ماخطر في بالي من روايات تم إصدارها بعد الثورة الشبابية في اليمن منها جدائل صعدة لمروان الغفوري، وتبادل الهزء بين الرجل وماضيه لمحمود ياسين، ورواية خلف الشمس لبشرى المقطري، ورواية صنعائي لنادية الكوكباني، ورواية مراكب الضوء لنجلاء العمري، ورواية تحت الطبع لفكرية شحرة تحمل عنوان "صاحب الابتسامة "، ورواية الدائرة المقدسة لبسام شمس الدين، وروايات قديمة متعلقة بتحولات الثورة منها الرهينة سفر الروايات اليمنية، ورواية الثائر للغربي عمران، و كذا كتاب محمد لجمال جبران، وهو كتاب اقرب الى السيرة الذاتية ليومياته مع اخوه محمد.
هذا الذي تذكرته وقلت لهم ان هنالك الكثير من الروايات الحديثة التي لا اتذكرها في هذا الطابور الطويل وختمت كلامي عن حياة العربي التي تشبه طابور طويل ينتظر الحرية.
قالت منتهى السورية ان هذا العبارة رائعة وسجلتها بذاكرة هاتفها الشخصي قبل ان يأتي الشرطي ويمنع الدائرة التي تجمعنا بها وسط الطابور.
وهذا يعني ان النقاش سيستمر، لكن ليس بتلك الوتيرة عندما كنا دائرة متقاربة، ولم نتوقف بعدها عن إطلاق النكت عن بعد، وترجمتها من اللهجات الشعبية الى الفصحى البسيطة، وخصوصاً النكت الليبية التي كانت بعضها طويلة تقترب من الفصل الأول للكتاب الأخضر الذي الفه القذافي، وفرض على الشعب الليبي قراءته، وهذه النكتة اعجبت سند من ليبيا وسجلها في نوتة صغيرة في جيبة ايضاً.
كان النقاش يدور بينما شاب آخر لا اتذكر اسمه يحدق في الجدار لحظة ثم يواصل لعبة السودوكو كما يبدو في صحيفة عربية كانت في يديه.
*محمد المقبلي ناشط سياسي واعلامي يمني مقيم في تركيا.
*المقال خاص بالموقع بوست.