عندما يأتي العيد ، يستعد باعة الألعاب ، لحشد عدة العيد وعتاده ، حتى ليخال لروادهم إذا ما قاموا بزيارة محلاتهم ، أنهم بصدد الدخول إلى معركة لا عيد ! هكذا تبدو محلات الألعاب في كل عيد ، متخمة بالقليل من الألعاب ، والكثير من الأسلحة ،وهكذا تبدو أفراحنا مفخخة دائما ..
في أحد أيام العيد مررتُ وابني من أمام محل للألعاب ، وما أن لمحه حتى أفلت يدي ، وهرول مسرعا نحوه ، يفتش بين ألعابه عن أي جديد لم يقتنه بعد ، فلفتت نظره كرة صغيرة سوداء ، أخذها وجاء بها إلي ، طالبا مني شراءها ، لم أتنبه وقتها عن ماهية ما بيده ، بل لم أتوقع مطلقا !!إلا عندما لاحظت فزع صاحب المحل ، إنها قنبلة !!
خطفها من يد ابني قائلا لي : " ستر الله ، لو كان سحب الخيط ، كانت انفجرت في يده " فبُهتُّ وعلقت على كلامه : " فعلا ستر الله " ثم أردفت قائلة في نفسي : هذا ستر الله ، فلماذا لا تسترون على أنفسكم ، من ذنوب الضحايا والأبرياء ، التي ستجلبها مبيعاتكم في العيد !
لماذا لم يجد هؤلاء الباعة رادعا قويا ، يمنعهم من كل هذا العبث ، ويوقف استهتارهم بفرحة وأرواح الصغار الأبرياء ؟ لن أقول من المعنيين ، إنما من الأهالي وعقال الحارات ، وقبل كل هذا من أنفسهم ، فمن لا يجعل لنفسه من نفسه رادعا لا خير فيه .
لست أدري كيف يمكن لشعب ، يعيش ما يعيشه من طوارق الليل والنهار والبؤس ، وما زال يرى من السلاح والمتفجرات مدعاة للفرح والتسلية !! فيا أيها البائعون ، هلّا ترفقتم بأرواح ودماء الصغار ؟ من فضلكم لا تجعلونا كلنا علينا ،هلّا كنتم أكثر استشعارا للمسؤولية ؟ فمن يدري قد تكون الضحية القادمة أحد أبنائكم ، وقلوبنا لا تتسع للمزيد من الحزن .
لماذا لا نصنع لأنفسنا قوانينا ، وأعرافا ، تُلزمنا السير في الطريق السليم ؟إذا ما غاب من يقوم بذلك بدلا عنا ! لماذا لا تكون ضمائرنا هي البوصلة التي توجه خطواتنا دوما كي لا نضِل ، ولا نُضِل !وقبل أن تزل أقدامنا في متاهات الظلام ، ووحل الخيبات .
وأنتم أيها المحتفلون بالرصاص ، لم ننسَ بعد مآسي العيد الماضي ، الذي لم يمر إلا بالكثير من الضحايا والحزن والألم ،فلا تجعلوا أرواح الأبرياء مرتعا لرصاصاتكم الطائشة .
ختاما ..
إن كنا لا نستطيع أن ندفع عن أنفسنا ضرر الحرب ، ولا نستطيع منع سقوط المزيد من ضحايا الاقتتال والصواريخ ، فأقل القليل أن نحمي بعضَنا من بعضِنا ، ولا نكون ضحايا أيضا لإهمالنا وتقصيرنا وتصرفاتنا اللامسؤولة.