ما الذي يعنيه أن تكون حافيا في هذه الحياة ؟! وما الذي قد يترتب على ذلك من خسائر ؟؟ هل سيتوقف ذلك على إتلاف باطن قدميك ، أم سيتجاوز ذلك الضرر لضرر أكبر بكثير ؟ هو إتلاف حياتك بأكملها !! أسئلة كثيرة تدور في ذاكرتي ، وكلما فكرت بما حدث ويحدث لهذا الوطن ، تحيلني ذاكرتي مباشرة ، للرائعة نبيلة الزبير وروايتها " زوج حذاء لعائشة " ..
أنت بلا حذاء ، إذاً أنت بلا مستقبل ، ولا تنتظر قادما ، كي تهيئ أقدامك للسير عليه بكل حفاوة ! أنت بلا حذاء ، أي أنك بلا ظهر ولا سند ، أنت بلا حذاء ، أي أنك بلا أمن ، بلا رادعٍ قد يخيف الشياطين من حولك ، فربما تخاف الشياطين من الأحذية ! أنت بلا حذاء أي أنك مطارد من كل شيء ، وكل شيء ضدك ، حتى أنت بضعفك ضد نفسك .
من المؤسف جدا أن تقتصر الأحذية على أصحاب الذوات ، والمناصب ، أشخاصا كانوا أو حتى دول ! والأكثر أسفا أن يبقى الشعب حافيا ، كل الشعب ! والشعب في نظري هو كل من لا يمتلك حذاء ...
تحضرني الآن - وأنا أكتب -عبارة "نشوى " في آخر أيام الرواية ، وهي تصر دائما باعتزاز على أن لا تكون وسيلة يستخدمها الآخرون بأي شكل مرددة للجميع : " لن أكون زوج حذاء لأحد " وأتساءل: ماذا لو تحول الوطن بعظمته إلى حذاء ، يعتليه الآخرون كجسر ، ليعْبروا به إلى مآرب شتى ، ويظل الشعب حافيا !!
لم تعد المشكلة الوحيدة أن تكون بلا حذاء ، المشكلة الأكبر والأخطرأن ينتعلك الآخرون ، فتصبح مجرد حذاء ، يسير عليه الآخرون ، لتحقيق مآربهم والوصول إلى مبتغاهم وأطماعهم ، وبهذا ينقسم الناس في الأوطان ليصبح البعض حفاة والبعض الآخر أحذية ، ولا أدري أيهما أكثر وجعا ..
أنت بلا حذاء ، أنت بلا وطن !! بلا حرية تتنفسها ، ولا عدالة تلجأ إليها كلما نازعتك الشياطين أي شيء ، أو كل شيء .
يا الله ..
أنا الآن أفكر بعائشة والشعب ، أو لنقل عائشة /الشعب ، كلاهما خُلق دون حذاء ، كلاهما تُرك حافيا دون ذنب ، وكلاهما تلاصقت به التهم التي لم يرتكبها ،أو حتى يعلم بها ! فمتى يا ترى سيبعث من يشتري حذاء كبيرا لهذا الوطن ؟
أفكر بكل حاف ٍ ، تُرك بلا وطن ، كلما رأيت بائسا أو مظلوما ، وقد أصبح الكل كذلك وإن تغافلنا ، المظلومون هم الحفاة دائما ، وليس بالضرورة أن تصبح صاحب حذاء لمجرد انتعالك له ، لا أبدا!! فربما تسير قدماك بحذاء ويبقى كل شيء فيك حافيا ..
إذا كانت كل أمورك تسير بلا عراقيل ، أنت صاحب حذاء ، والأحذية طبعا تختلف مقاساتها ، ولكن يمكننا أن نقول لأصحاب الأحذية الكبيرة :
لا تثقوا كثيرا بها ، فربما يأتي يوم وتجدونها في "بسطة" لصّ محترف . فالأيام دول حتى في عالم اللصوص .
* المقال خاص بالموقع بوست