لدى كندا واحدة من أفضل النظم القانونية في العالم؛ قضاة مستقلون، ومحامون مدربون تدريباً جيداً، وتشريعات قانونية يمكن التنبؤ بها، ومحاكمات علنية.
لكن استخدام نظام العدالة الكندي غير متاح لمعظم الكنديين إلى حد كبير بسبب ارتفاع تكلفة الخدمات، فعدد قليل جداً من الكنديين سوف يكونوا قادرين على تحمل التكلفة المادية لنظام العدالة الرسمي.
بحسب النتائج البحثية لمشروع تكلفة العدالة (2011-2017) التابع للمنتدى الكندي المعني بالعدالة المدنية فإن رسوم المساعدة القانونية في كندا باهظة الثمن؛ ويمكن أن يصل متوسط الرسوم القانونية لكل ساعة إلى مئات الدولارات!
أما إذا كنت بحاجة إلى الذهاب إلى المحكمة فيمكن أن يكلف إجراء قصير نسبياً عشرات الألاف من الدولارات، كما أن المساعدة القانونية متاحة فقط لأكثر الناس احتياجاً.
المسح الوطني للمشاكل القانونية في كندا هو أحد البرامج التي نفذها مشروع تكلفة العدالة، بغرض دراسة المشاكل القانونية اليومية التي يعاني منها الجمهور في كندا وتكلفتها، والمشاكل الأكثر شيوعاً بدأت بمشاكل الديون، ثم مشاكل العمالة، ثم مشاكل الجيران، ومشاكل التمييز، وأخيراً المشاكل العائلية.
يرى المستشار القانوني الكندي جون بول بويد أن نظام العدالة الأسرية في كندا وصل إلى نقطة الانهيار، فالرسوم المرتفعة لمحامي قانون الأسرة، بعيدة عن استطاعة الكنديين ذوي الدخل المتوسط، إضافة إلى أن بعض المناطق في البلاد الكندية لا يوجد فيها عدد كافٍ من المحاميين لتلبية احتياجات الجمهور، ونتيجة لذلك يدخل عدد كبير من الناس إلى المحاكم دون أن يستطيعوا الحصول على خدمات محامي!
بحسب بيانات الحكومة الفيدرالية فإن أكثر من نصف ملفات الطلاق أمام القضاء الكندي في العام 2015 كان قد مضى عليها أكثر من أربع سنوات أمام المحاكم! وهذا بدوره أثر على ثقة الجمهور بنظام العدالة الأسرية الذي يستهلك مدخراتهم ووقتهم ويفقدهم الكثير من الميزات التي يتمتعون بها في ظل نظام عدالة أفضل وسريع وأرخص تكلفة.
في 2012 حذر قاضي المحكمة العليا الكندية ريتشارد فاغنر من مخاطر عدم تسهيل وصول الكنديين إلى العدالة، ولاحقاً في 2017 أصدرت لجنة مجلس الشيوخ الكندي المعنية بالشؤون القانونية، تقريراً يزيد عن مئتي صفحة خلاصته أن نظام العدالة الجنائية في كندا بحاجة ماسة إلى الإصلاح، وأن التأخير في الإجراءات الجنائية يمثل مشكلة خطيرة؛ فالمحاكمات المطولة والتأجيلات المتعددة صعبة بشكل خاص على الضحايا وعائلاتهم، وكذلك على الأشخاص المتهمون.
من المؤكد أن كندا ستعمل على تطوير نظامها القضائي وإصلاحه في أسرع وقت ممكن، مع ارتفاع حدة المطالبات الرسمية والشعبية بضرورة إجراء إصلاحات عاجلة لتسهيل وصول الجمهور إلى الخدمات القضائية والقانونية، وتسريع إجراءات التقاضي.
ومع ارتفاع نسبة هجرة العرب إلى كندا بسبب حروب منطقة الشرق الأوسط، والأزمات الاقتصادية والسياسية، تبدو فرصهم في الحصول على خدمات قضائية جيدة محدودة، ولذلك فهم بحاجة إلى الاستعانة بمصادر خارجية لتعزيز ثقافتهم القانونية بطريقة تمنعهم من الوقوع في المحظورات التي قد تدفعهم مجبرين لاستخدام القضاء ودفع أموال طائلة واستنزاف مدخراتهم ووقتهم واستقرارهم في إجراءات تقاضي مرهقة ومكلفة.