الرثاء التافه
الأحد, 09 فبراير, 2020 - 10:05 صباحاً

-هل من الضروري أن يموت الإنسان في وطني أو يمرض كي يتضامن معه المثقفين والمشهورين والمسؤولين، لماذا تحول التضامن إلى نوع من النفاق المبتذل والمجاملة الساقطة، في لحظة وجع ، نتذكر النضال ونستحضر عبارات البكاء وكلمات التضامن في الوقت الضائع ؛ نفتش عن بقايا صور مدفونه في ذاكرة جوال وفي نستعرض بها اهليتنا لهذا الرثاء ، وكأننا نسقط واجبنا ، أو نداري عورنا لإنسانيتنا الضامرة ، التي غابت في ركام الاهتمامات الخاصة ، والأستعراضات الهامشية ، ننسج مجد من خيط عناكب متهالكة.
 
- نسينا أن التضامن حالة إنسانية تعبر عن ذاتها وتفيض بها الروح كخيوط الشمس ، وندى الفجر على اوراق الزهر ، وسلوك يلون حياتنا  العامة والخاصه ، ثقافة تترجمه مؤسسات التراحم الإنساني، والعطاء الرحيم   في البذل الروحي والهبة القلبية ، يجخل من ممارسة  استفزاز طفولية تمس كرامة الآخرين، من خلال إظهار طريقة عيشة في المنفى ، أو المقارنه بين وطنه الوهمي ووطنه الركام الذي تركه خلفة هاربا ، وأوكل مهمه استعادته لرجال مهمته أن يرثيهم.
 
إذا ماتوا بين الحطام،  أو يتذكرهم بخبرشات بعض عبارات الذكريات الباهتة ، اذا كنا جدرين بإنسانية كريمة تضامنية ، فلنمسك عن استفزازنا للآخرين ، صور العيش الرغيد والابتسامة في وجه وطن محطم ، سلوك لا يليق بنا ،  ولا بإنسانيتنا ، يقبض الكثير يديه في السر فلا يفيض إلا كلمات رثاء وعبارات العويل ، التي لا تعيد ميت ، ولا تشبع جائع ، وهو نفس العويل على وطن ، عجزنا أن تفيض إرادتنا فعلا سياسيا جمعي ، وممارسة مؤسسية فاعلة  ، تجمعنا على هدف كبير بحجم الكارثة التي حلت بنا ،  وفيه لمعاني فبراير ونقاءها  ، وصادقة مع تضحيات  المقهورين والانقياء المدافعين عن الثورة والجمهورية في المتاريس ،  هؤلاء يرتقبون فعلا سياسيا يحول الدماء التي سالت، والجماجم التي سقطت ، والارواح التي فاضت إلى فعل سياسيا منجزا  ، يتجاوز مراهقات الماضي التي أضاعت الوطن ،  وطبع الضرائر التي تحالف مع كل الشياطين نكاية بشركاء الوطن والعمل الوطني.
 
- كثير من أصحاب الرثاء التافه يشعرك أنه يعيش اجواء انتخابية، لكسب الجمهور ، وهو لم يعد يجد مساحة من وطن بحجم صندوق الانتخابات ليعيش فيها ، أول هؤلاء رؤساء الأحزاب المحنطه التي لم يعد لها من دكاكينها سوى بضاعة الاسترزاق والانبطاح،  وبيع المواقف ، هم في حكم الموتي سياسيا وواقعيا ، لكن ينفخ فيهم شيطان الاستعلاء الأجنبي والداخلي،  ليبقوا على قيد الحياة، ليبيعوا ما تبقي من وهم ويقضون على ما تبقي من أمل.
 
-  الرثاء الحقيقي اليوم يكون بصوت حر ، يستعيد للوطن القه ، ويفتح فتحة في الظلام ، وفسحه في الأفق المظلم ، صوت يرثي كل الحطام ، ويفتح فيه روح يمانية لا تموت، روح  تستعلي على انانية المنصب والظهور ، وتقدم الأفضل وتعمل معا على قلب رجل واحد ، نحن بأنتظارك هذا البعث واختفاء الرثاء التافه من صفحات التباكي واللطم الكتروني ، وفتح صفحاتنا لمشروع وطني جامع نقاشا وانجازا ومواقف ، وهو في حدود الممكن ، لا مستحيل أمام إرادة التحرر ،  بشرط أن نغادر مربع الانية والشعور بلذه الوطن الفندقي الآمن في المنفى، والتوقف عن الافتخار بأى فعل دون عودة الوطن، لدينا كل  الطاقات وقداسة الفكرة والمبدأ ، إلا أن ما يخيفني  إننا مازالنا نمارس الكثير من الأشياء التي تؤكد أننا لم نتأهل نفسيا لإستعادة وطن*!.
 

التعليقات