أحمد الشلفي

أحمد الشلفي

كاتب وإعلامي يمني

كل الكتابات
أنياب الثورة المضادة (3)
الاربعاء, 13 مايو, 2020 - 09:24 مساءً

خلال المرحلة الانتقالية كنت متابعا دقيقا لما يجري في الساحة فعندي علاقات راكمتها مع الخبرة والتجربة منذ بداية عملي الصحفي مع كل الأطراف اليمنية دون استثناء وقد اكسبتني متابعتي الدقيقة واتصالاتي وتغطيتي الميدانية للأحداث القدرة على التحليل والاستنتاج بشكل جيد.
 
من بين الحوادث الرهيبة التي غطيتها في تلك الفترة محاولة اقتحام مجمع الدفاع بالعرضي في الخامس من ديسمبر2013م وكانت العملية كما فهمت هي محاولة لاغتيال الرئيس عبد ربه منصور هادي ورغم إعلان تنظيم القاعدة عن تبنيها بسبب ما قال إنها كانت تضم مركز تحكم لطائرات بدون طيار.
 
أسفرت العملية عن مقتل 56 شخصا غالبيتهم من الأطباء والممرضات، وإصابة 176 آخرين بجروح، بعد أن دخل المهاجمون مستشفى داخل المجمع وقتلوا معظم من فيه وقيل إنهم كانوا يبحثون عن الرئيس هادي.
 
كانت عملية كبيرة لم تأخذ حقها من البحث والتحري والكشف لأنه من الواضح أن وراءها عدة جهات.
 
ومن بين المعلومات التي كشفها مصدر لي أن عدد المتورطين في التخطيط للحادثة بلغوا أربعمائة شخص معظمهم من الجيش والأمن وأن أسمائهم مرصودة ومعروفه وتوجهاتهم واتجاهاتهم وأن بعض المتهمين في حادثة العرضي دخلوا قبل الحادثة من الحدود اليمنية-السعودية، بعضهم دخلوا بجوازات يمنيه مزورة وأن الأمن اليمني القى القبض على متهمين سعوديين حاولوا بعد الحادثة المغادرة عبر مطار صنعاء و أن بعض المتهمين الذين ألقي القبض عليهم في حادثة العرضي عثر عليهم مقتولين او منتحرين وبعضهم قام بقتل نفسه يوم الحادثة نفسها داخل مجمع العرضي.
 
وحوادث أخرى كثيرة كانت تدل على أن الوضع الانتقالي يسير إلى الفشل وأن كارثة ستحل بالبلاد لامحالة مع الأخبار التي ترد من صعدة على تقدم الحوثيين عسكريا في مناطق بالجوف وصعدة.
 
على المستوى الشخصي استبد بي الخوف مع تحليل شخصي أن البلاد ستنهار وبدأت أفكر جديا بالرحيل من اليمن وصارحت الكثير من أصدقائي وممن أعرف بأن الوضع أصبح خطرا على المستوى العام وعلى المستوى الشخصي أيضا وأصبح من المخاطرة الشديدة الاستمرار في العمل دون الأخذ بالاعتبار كل ما لدي من حقائق.
 
لازلت أتذكر ذلك التهديد الذي تلقيته من طارق محمد عبدالله صالح أواخر عام2012م وكان على شكل تعليق في أحد البوستات في الفيس بوك يتهمني بالعمالة ويهددني في عبارة صغيرة لا أتذكرها وقد رددت عليه بقوة وتضامن معي الكثيرون حينها.
 
أما أغرب المواقف فهي لقاء سريع وبالمصادفة كما يبدو مع علي معوضة سكرتير صالح الشخصي جدا، فقد التقاني مرة بجانب مخبز أمام منزل صالح بشارع الكميم عام 2013وكان منزلي قريب من ذلك المكان جدا وهذه مخاطرة أيضا وغفلة لم أكن أحسبها والحمدلله.
 
قال لي بالحرف بعد السلام إن الزعيم ويقصد صالح وهذا اسم أطلقوه عليه بعد أن ترك الرئاسة يغضب من تكراري الدائم لكلمة الرئيس المخلوع وأن الكلمة تستفزه جدا لكن قلبه كبير ويسامح .
 
ثم بدأ يشرح في زاوية بجانب المخبز كيف أن صالح لا علاقة له بما حدث في جمعة الكرامة إلى آخر ذلك من الكلام.
 
لم أعر الموضوع اهتماما لكن وقع كل ما كان يحدث علي كان كبيرا فالوضع الإنتقالي كما كنت أعتقد سينفجر قريبا وكان تقديري أنني سأكون أول الضحايا ولم أجانب الصواب بالطبع فقد حصل بعد ذلك ما توقعته .
 
زد على ذلك ما رأيته بعيني في مارس عندما كنت أغطي معارك الحوثيون مع القبائل في همدان ودخولهم إلى الصرم وكتبت على صفحتي بالفيس بوك في السابع عشر من مارس من العام 2014م التالي:
 
ظهر اليوم زرت منطقة الصرم بهمدان وسأنشر لاحقا انطباعاتي وبعض الصور عن الناس ..والخوف.. وتغول التوحش والمدرسة التي سويت بالأرض تفجيرا والمسجد.
 
أشعر ان شيئا ما تفجر في الذات اليمنية.
 
ما أبشع الحرب .. وما أبشع الخوف عدت متشظيا.
 
لكن سأحاول ان اكتب بهدوء كامل.
 
سأحافظ على سلامي الداخلي.
 
هناك شيء يحدث داخل الإنسان أكبر من كل هذه الصراعات الحقيرة.
 
تابعوا تقريري عن قرية الصرم اليوم في نشرة التاسعة وفي الحصاد على الجزيرة.
 
كانت صنعاء على مرمى حجر من الحوثيين وكانوا يتقدمون بقوة وثقة وكان على أي عاقل ومدرك لما يحدث أن يشعر بالخطر وهذا ما فعلته عندما حزمت حقائبي للدوحة في إبريل من العام 2014م تاركا ورائي يقينا بأن البلاد تنتظر الطوفان وأن الاستمرار مخاطرة وأنني سأكون أول المطلوبين.
 

التعليقات