كيف وحدت الإمارات بعلم السعودية أذرعها العسكرية في اليمن ضد الجيش الحكومي في أبين؟
يدور كلام كثير حول معارك أبين جنوب اليمن والسيطرة على زنجبار عاصمة المحافظة مثلما دار كلام كثير لسنوات حول نهم والتقدم لصنعاء دون أن يحدث شيء يذكر.
والحقيقة أنني تحدثت اليومين الماضيين إلى مصدرين حكوميين رفيعين وسألتهما عن هدف معارك أبين وهل التقدم إلى عدن جزء من الخطة فأبلغاني أن ذلك غير صحيح.
كما أنني سألت سؤالا آخر حول تسريب وصلني من أحد الزملاء الصحفيين عن جلاء القوات السعودية عبر البحر من عدن فأكدا لي أن ذلك غير صحيح.
كان التسريب يريد القول أن القوات السعودية غادرت عدن وأن تلك إشارة لكي تدخل القوات الحكومية عدن لكن أيا من ذلك لم يحدث بحسب مصادري كما أن المعارك لا تدل على أي من هذا.
لقد كنت استغرب خلال اليومين الماضيين من تصريحات قائد القوات الخاصة بأبين وقائد الشرطة العسكرية حول أنه لم يتبق سوى ساعات قليلة لدخول زنجبار وساعات أيضا لدخول عدن لكن الواقع يكذب كل ذلك فالمعارك الدائرة في أبين كر وفر والطرفان يخسران ويراوحان مكانهما حتى الآن.
وبالنظر اليوم إلى تصريحات هاني بن بريك رئيس المجلس الإنتقالي المتهجمة على مصدر مسؤول في التحالف السعودي الذي انتقد المجلس وقناة الحدث والعربية السعوديتين وتدخل جيش طارق صالح لمساندة المجلس الإنتقالي فإنه من الواضح أن السعودية والإمارات متفقتان على استنزاف جيش الحكومة الموجود في أبين باعتباره جيش الإخوان وقبائل مأرب وشبوة المساندة له.
لقد دفع الإماراتيون كل ما لديهم من مدرعات وكل الترسانة العسكرية التي جهزوا بها طارق صالح ومضوا بترسانتهم الإعلامية وقنواتهم المحلية اليمنية والإماراتية لمساندة الإنتقالي وجيش طارق صالح ضد الحكومة بعلم السعوديين ومعرفتهم فغرفة العمليات واحدة.
أما الخلاف الظاهري فهو ليس سوى مجرد ضحك على الناس وعبر وسائل الإعلام ولا شيء من ذلك الخلاف يصل لمستوى القطيعة بين الطرفين على الإطلاق أو حتى مجرد الإعتراض لأن الأجندات متطابقة.
وقد كنت أشاهد بالأمس حوار قناة بي بي سي البريطانية مع وزير الخارجية اليمني محمد عبد الله الحضرمي وهو يحاول التهرب من اسئلة كثيرة طرحتها المذيعة عليه حول دور الإمارات في اليمن ودورها فيما جرى مؤخرا من إعلان المجلس الإنتقالي الإدارة الذاتية للجنوب وبدا الحضرمي غير قادر على تحديد ماذا تريد الحكومة من الإمارات ومن السعودية واستغرق الحوار وقتا طويلا للهروب من اسئلة المذيعة التي حاصرته حين عاد يقول إن المجلس الإنتقالي إخواننا ونحن نعترف بدور أشقائنا الإماراتيين لدرجة أنه لم يستطع الدفاع عن موقف الحكومة من اتفاق الرياض بشكل جيد وأسباب قبولهابه.
وهو ما أعطاني مؤشرا على أن الرجل يعبر عن توهان حكومي وفقدان القدرة على إرسال رسائل حول معارك أبين بالتحديد.
الآن وقد أعلن هاني بن بريك بشكل رسمي التحاق طارق صالح وجيشه للقتال في صفوف المجلس الإنتقالي وأفتى بجواز قتل أفراد الجيش الحكومي فإن ذلك يعني أن الإماراتيين وحدوا أذرعهم الإعلامية للقتال ضد الحكومة الشرعية اليمنية مع العلم بأن بن بريك وعيدروس مقيمان حاليا في أبوظبي.
ذلك يجري بالطبع بعلم السعودية والذين يحلمون بخلاف سعودي إماراتي يجانبون الصواب فالسعودية في ظل ظروفها الاقتصادية والعسكرية حاليا لا تستطيع سوى لعب دور وسيط وقد يكون وسيطا غير نزيه وهذا ما تقوله الأحداث ناهيك عن أن السعوديين خلال تدخلهم في اليمن لم يكونوا أمناء في التعبير عن أهدافهم التي بدأوا بها حملتهم العسكرية.
وعلى هذا فإن مع معركة أبين الحالية بالنسبة للحكومة الشرعية هي معركة استنزاف لا أكثر جاءت في الوقت الغلط وعدن واليمن بكاملها تواجه عدة أوبئة بينها كورونا ،ولن تغني بيانات مجلس الأمن شيئا فالدولة الداعمة للإنتقالي الجنوبي في اليمن تاريخها طويل في انتهاك قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة ولها في ليبيا مثال واضح.