اللقطاء الجدد.. ضاحي خلفان نموذجا
الثلاثاء, 22 ديسمبر, 2020 - 06:54 مساءً

لا تقاس الحضارة بما يملكه شعب ما من مال أو ثروة مادية.
 
بل بما قدمته تلك الحضارة لشعبها وللعالم وللتاريخ والبشرية.
 
بما عكسته من إنجازات خالدة.
 
بما سطرته من مآثر عريقة، وبما أبدعه إنسان تلك الحضارة، وبما خلفه من آيات ظلت وستظل عناوين ناصعة عن عظمته وقوته ومصدر بأسه، وسعة تفكيره، وقدرته على تحدي كل الصعوبات عبر التاريخ.
 
لذلك كلما يقال اليوم من كلام مشين بحق اليمن واليمنيين وتاريخهم وأصالتهم لايعدو عن كونه نوع من الجهل بالتاريخ، وشكلا من أشكال الحقد، واعترافا صريحا بكون هؤلاء ليسوا سوى لقطاء يجهلون ماضيهم، فيلجئون للنيل من الأخرين.
 
تصريحات الإماراتي ضاحي خلفان عن اليمن واحدة من البراهين التي تدل على أولئك اللقطاء، الذين يفتقرون لتاريخ حقيقي، ويعيشون الحاضر في ترف المادة، وليس لهم ماض يمتدون إليه، وينفقون وقتهم في الحديث عن ما ينقصهم، ويحولونه لإساءة تطال غيرهم.
 
ليس المقام هنا واسعا لسرد تاريخ اليمن وشواهده الحضارية الزاخرة، الدالة على قدم الإنسان اليمني واعتباره أصل الإنسان العربي، وبوابة العرب الأولى ونافذتهم على الإنسانية.
 
لكن الذي يبدو مهما هنا هو مدى الجناية التي يرتكبها هؤلاء وهم يكررون إساءاتهم ومغالطتهم المتعمدة متناسين ما فعلته بلدهم والبلدان المجاورة لها من مؤامرات طالت الدول العريقة كاليمن والعراق وسوريا، ولم يبقى سواهم كطارئون ودخلاء يمارسون الغواية والدجل والتزييف.
 
إن إطلاق مثل تلك التصريحات المشينة لايمثل سلوكا فرديا بل منظومة كاملة تتبناها دولة الإمارات وسخرت لها كلابا مسعورة ينبحون من وقت لآخر، تارة يهاجمون تاريخ اليمن وحضارته وجغرافيته، وتارة رموزه السياسية وشخصياته المعاصرة.
 
إن هذه التصريحات أيضا تتعدى الموقف الشخصي العابر، بل تعد عملا مقصودا يستهدف إثارة النعرات، وخلق الانقسام والانشقاق بين أبناء البلد الواحد، ووجدت لها صدى للأسف بين جموع ظلت الإمارات نفسها تدعمها وتغذي في عقولها الانفصال عن هويتها اليمنية، وسلختها من انتمائها لليمن أرضا وتاريخا، وتلك جريمة أخرى.
 
إن بشاعة هذا الرغو الإماراتي المتكرر يقابله أيضا جرم آخر يتعلق باليمنيين أنفسهم، خاصة الحكومة وأجهزتها والمرتبطين بها، ممن صموا آذانهم، وابتلعوا ألسنتهم، وتناسوا انتمائهم لبلدهم، وتركوا البلد عرضة تنهشها الحشرات، وتتغذى منها القوارض وأشباه الرجال.
 
تلكك الإساءة المتكررة لخلفان وبقية المعتوهين الإماراتيين تضاف اليوم لسلسلة الانتهاكات التي تمارسها بلده في اليمن، وكلا ينال من اليمن ويسيء لها بالطريقة التي يجيدها، فمن كلاب تنبح في وسائل التواصل الإجتماعي، إلى قتلة ومحتلين يتحركون فوق التراب اليمني بكل عنجهية وغرور.
 
وما كان لهؤلاء أن يوغلوا في هذه الأعمال الشنيعة لولا سقوط الكثير من اليمنيين في وحل المال الإماراتي المدنس، ففضلوا السكوت رغم أنهم أكثر شراسة في الحديث والفعل عندما يتعلق الأمر بالخلاف الحزبي مع أبناء جلدتهم من اليمنيين.
 
وإن كان من شيء إيجابيا لهذا كله فيتعلق بكون مثل هذه التفاهات ستوقظ اليمنيين اليوم،وتوحد مشاعرهم، وتعيد توجيه بوصلتهم نحو تاريخهم وهويتهم وأرضهم، وتجعلهم أكثر التفافا حول أنفسهم، ومثلما فشلت كل المحاولات الماضية الهادفة للإساءة اليمن وتاريخه وحضارته ستفشل أيضا هذه الترهات الجديدة، ولن يجني هؤلاء سوى على أنفسهم وهم يظهرون بهذه الصورة المقززة والحاقدة والبذيئة.
 
أما اليمن فسيبقى كبيرا عاليا، لا ينال منه الأقزام، ولا يضره نبح النابحون، ولا تطاول الصغار الطارئون من اللقطاء الجاهلون لأمسهم ويومهم وغدهم.
 

التعليقات