سيف محمد الحاضري

سيف محمد الحاضري

رئيس مؤسسة الشموع للصحافة والاعلام رئيس تحرير صحيفة اخباراليوم اليمنيه.

كل الكتابات
المعلن والخفي للتحالف في حرب اليمن.. رؤية في الواقع والأبعاد
السبت, 06 أغسطس, 2022 - 03:30 صباحاً

منذ انقلاب مليشيات الحوثي عام 2014، والعمل السياسي يترنح ويفقد قيمته الوطنية ويكاد يتلاشى وهو يتجه إلى منحدرات غاية في الخطورة يفقد معها الوطن والثورة والجمهورية ومقومات الانتماء إلى هذه الأرض.
 
ومع انغماس الساسة في تعزير هذا الانحراف تمكنت المليشيات من ابتلاع اليمن شمالاً وجنوباً وتفرقت أيادي سبأ وصار لكل فريق اتجاهاته وأطماعه وبوصلته إلى خارج الوطني، أو لنقل: إلى الارتهان للخارج عبر مليشيات متعددة الألوان وبأوجه مستعارة وثقافة انتهازية خالصة.
 
هذه المليشيات التي توزعت على مفترق طرق الشمال والجنوب منها من يرتهن لإيران والأخرى في الجنوب إلى دول في المنطقة لها أطماعها واتجاهاتها في النيل من الوطن اليمني.
 
وبالمقاربة مع أهداف التحالف غير المعلنة نجد أن عمق الأزمة اليمنية وسبب إطالة الحرب وتمدد المليشيات هو انحراف التحالف عن أهدافه المعلنة وهي :
 
- استعادة الدولة.
- إنهاء الانقلاب.
 
إذاً فعمق الأزمة اليمنية وسبب بقاء الحرب واستمرار وجود المليشيات هو انحراف الجميع عن أهدافهم المعلنة " إنهاء الانقلاب " واستعادة العاصمة صنعاء وتحقيق السيادة الوطنية، وتمكين القيادة السياسية من إدارة شؤون وطن، وهو أمر للأسف الشديد لم يتحقق إن لم يكن قد نأى كثيراً عما كان ينبغي.
 
هذا إذا لم يكن قد غاب في زحمة التكالب المليشاوي والأطماع الخارجية وتشظي الأحزاب وانعدام التعددية السياسية والحزبية بولائها الوطني الخالص. وتدمير الديمقراطية كمشروع وطني يحقق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص والبناء السليم. ولا شك أن العملية الجراحية التي أجريت للشرعية اليمنية والتي تم من خلالها استئصال الرئيس الشرعي ونائبه واستبدالهما بثمانية أعمدة كانت من أجل أهداف محددة كما أعلن عنها في حينه وقد تمثل ذلك في:
 
- وحدة الصف.
 
- إنهاء الانقلاب الحوثي حرباً أو سلماً.
 
غير أن هذا المسار سرعان ما تبدد وتلاشى وغاب في زحمة التدخلات ليتحول إلى مشكلة عميقة تهدد العمق الحقيقي والوطني لشرعية الدولة من خلال تشكيلات مليشاوية.
ضمن هذا المعنى وبإلقاء نظرة فاحصة على واقع رتيب مفكك سياسياً ووطنياً يمكننا القول: إن الحديث عن توحيد الصف لمواجهة الحوثي أصبح كذبة نعيشها ومجرد بعثرة كلام فالمحددات على الأرض تؤكد أن التحالف هو الأكثر حرصا على بقاء الانقلاب الحوثي وتمكينه من هزيمة الخط الوطني ليبقى هو الأقدر كمشروع تدميري فارسي على هزيمة الحياة وزراعة الاستبداد وإبقاء التخلف عنواناً عريضاً تستثمره دول التحالف في الوصول إلى أهدافها غير المعلنة (السيطرة على المنافذ البرية والبحرية والجوية، وقضم الأرض، واحتلال الجزر).. هذه عناوين لا مفر من وضعها في إطار كبير وواضح ليستقيم الفهم، وليعرف الجميع كيف يتعاطى مع قضية وطن ينشد الحرية والانتصار على المشروع الفارسي. ولعل تجاهل هذه العناوين وعدم الإفصاح عنها وتغييبها هو الذي أحدث شرخاً واسعاً بين القوى النضالية، وجعل التحالف يتمادى في توسيع هذا الشرخ لصالح الحوثية كمركب جهل واستعلاء وسيطرة وقهر وطن. وفق هذا المنحى لا بد من القول: إن فشل القيادات السياسية في رسم ملامح العمل السياسي لتحرير الوطن ضمن مشروع أهدافه يتفق عليها الجميع كان وما يزال أبرز أسباب إطالة الحرب واستلاب البلاد قرارها السياسي.
 
 لقد تحول المشروع الوطني التحرري إلى مشروع متناثر تتغنى به المليشيات التي تذبح المشروع الوطني من الوريد إلى الوريد، وتتمكن يوما بعد يوم في غرس أنيابها البشعة في جسد الوطن اليماني وتلك معضلة كبرى تحتاج إلى إرادة جبارة لانتزاع هذه الأنياب وتحطيمها.. فهل نبقى على انتظار للمنقذ الذي ينتصر للأرض والإنسان؟ أم نوحد الصفوف ونحسم الأمر ونعقد العزم ونواجه التحدي بقوة وصلابة وعزيمة لا تلين وفهم عميق للمعطى بكل أبعاده السياسية والاجتماعية والثقافية ؟.
 
ودعونا نقول: إن حالة التدجين للنخب السياسية واستلابها الإرادة بشكل جمعي هي المرة الأولى التي تحدث في تاريخ اليمن القديم والمعاصر وهو ما يجب العمل على التخلص من هذا التدجين كخطوة أولى في طريق استعادة وطن.. وتبقى الحقيقة المؤلمة هي انحراف الجميع عن أهداف المشروع الوطني رغم أن الجميع يتغنى بها، بل إن البعض بات يردد أهداف المشروع الوطني المتمثلة في إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة العاصمة ليلاً ونهاراً. بينما هو على العكس من ذلك يهتم بمصالحه الذاتية وبشعار (أنا ومن بعدي الطوفان).
 
باعتبار أن أفعاله أبعد ما يمكن عن معركة استعادة الدولة وتحرير العاصمة صنعاء.
 
وبمعنى أوضح أن الجميع يعملون على إيجاد أسباب لإطالة الانقلاب الحوثي.. رغم افتقاد هذا الانقلاب لكل مقومات استمراره والتي يعتبر أهمها خسارته للحاضنة الجماهيرية .
 
وعندما أقول هنا: (الجميع) فأنا أقصد ذلك بدقة، ولا أستثني الصامتين وأسرى المخاوف والمتسلحين بسلاح الصبر الذي لم نجد له سقفا نقف عند حدوده. وما ينبغي الإشارة إليه هنا
أننا كنا نطالب بإصلاح مسار الرئيس هادي والتحالف، واليوم أيضاً مشكلتنا تكمن في تغييب المشروع الوطني الذي يجب أن يحدد مسار الجميع وأي خروج عنه حالة منبوذة ومرفوضة وتستوجب مواجهتها ،الذين صمتوا عن انحراف الرئيس هادي منذ أن كان قائما بأعمال الرئيس صالح حتى يوم الانقلاب عليه وتشكيل المجلس القيادي هم ذاتهم اليوم صامتون على انحراف المجلس القيادي، وهم ذاتهم الذين صمتوا عن انحراف التحالف العربي عن أهدافه المعلنة، وما لم تتحول القضية الوطنية العادلة والتي تتمثل في إنهاء الانقلاب الحوثي إلى قضية مقدسة في أذهان الناس، فإن ثمة تداخلات مؤلمة سيقع عليها الجميع وتفشل استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب، ويدخل الوطن في حالة ارتباك كبيرة، فتغزوه المناطقية والمذهبية والتشظي والتجزئة وتلك هزيمة كبرى لكل القوى الوطنية وخيانة لمن ضحوا بدمائهم من الشهداء والجرحى ومن تشردوا في الجبال والوديان والمنافي، ومن أكواهم الاستبداد في السجون وعذبوا حتى الموت. وإذاً ليس سوى الوعي بالراهن الوطني واختيار النضال الصادق وبضمير ينتمي إلى المستقبل وإلى الحرية وما يعبر عن الضمير الإنساني. هذا وحده الكفيل بمواجهة الانحرافات السياسية.. إننا أمام مرحلة دقيقة جدا وخطيرة تكاد تدفعنا إلى نفق اللاعودة وإلى شتات طويل الأمد وحروب متعددة لا أفق لها، والواقع هنا يفرض على القوى السياسية والنخب والنشطاء والعلماء مراجعة أنفسهم وسرعة التحرك قبل أن يفرض الواقع المظلم الذي نعيشه اليوم خارطة جديدة لليمن بتقسيمه مناطقياً وطائفياً وجهوياً، وهو ما سيجعل الجميع يدفع الثمن أضعاف ما دفعناه خلال ثمان سنوات من الحرب والدمار، فهل نجد فعلاً وطنياً يرتقي إلى مستوى هذا التحدي؟ هل ثمَّة قوى وطنية تحررية قادرة على اجتراح المعجزات وإنجاز النصر الذي طال انتظاره؟
 
ذلك ما نرجوه ونتمناه ونريده.
 

التعليقات