عصام القيسي

عصام القيسي

المفكر عصام القيسي

كل الكتابات
في الزاوية الحرجة..
الخميس, 04 أغسطس, 2016 - 09:20 مساءً

من جماليات المشهد العربي الراهن، وهو مشهد كئيب في معظمه، أن الفرز فيه قد اتخذ بعدا جديدا لم يكن واضحا من قبل، فإلى جوار الفرز الحزبي والفرز الطائفي والفرز القبلي والفرز المهني الذي كان سائداً أصبح لدينا الفرز القيمي.
 
 فأمام الأحداث الجسيمة التي حدثت وتحدث في السنوات الأخيرة غادر كثير من أذكياء التيار العلماني بمدارسه المختلفة مواقعهم القديمة في هذه العشوائيات المذكورة وبنوا لأنفسهم مقاعد صلبة في خندق المواجهة بين القيم.
 
لقد ادركوا أن الصراع لم يعد على مستوى السطح بين عناوين أفقية، بل أصبح صراعا عموديا على مستوى القيم. أدركوا ان مواجهة الاستبداد والنظم الفاشلة شرف لا يجوز أن يحتكره الإسلاميون.
 
وهو موقف يدل على أن الفرز النهائي ليس على أسس فكرية بل على أسس تربوية، بدليل أن أصحاب التوجه الفكري الواحد قد انقسموا إزاء ما يجري، فترى يساريين مع ويساريين ضد، كما تجد ليبراليين مع وليبراليين ضد.
 
وهذا الموقف المشرف لبعض العلمانيين يسبب حرجا كبيراً لنوعين من الناس، الأول عبيد البيادات العسكرية، والآخر عبيد أحقادهم الأيديولوجية.
 
وسبب الحرج هو أن هذين الصنفين من العبيد كان يود لو أن معركة الحرية كانت من نصيب الإسلاميين وحدهم، لكي يسهل عليه تغطية عورته الأخلاقية بتصوير المعركة وكأنها بين العلمانيين والإسلاميين.
 
بين التقدميين والرجعيين. بين الوطنيين وعملاء البتاع. لكن العلمانيين الأحرار يحرمونه من هذه الميزة، ويضعونه في الزاوية الحرجة، زاوية الأخلاق، حين يقولون له إنها لم تعد معركة فكر، بل معركة قيم، فإما أن تكون مع قيم الخير أو في صف قيم الشر.
 
وللخروج من هذه الزاوية الضيقة يضطر عبد البيادة وعبد الحقد لاستعمال آخر الحيل الدفاعية فيصف العلماني الحر بأنه إسلامي، وتحديداً من الأخوان المسلمين، ليضيف إلى صفاته الرديئة الماضية صفة أخرى هي الكذب..!

 
* نقلا عن صفحة الكاتب
 

التعليقات