التسوية المطلوبة في اليمن
الاربعاء, 10 أغسطس, 2016 - 08:19 صباحاً

بعد طول ترقب وانتظار لمسار المفاوضات بين الأطراف اليمنية في الكويت، التي انعقدت لمدة 3 أشهر، عاد المتفاوضون إلى نقطة الصفر، بعد أن أفشل الانقلابيون خيار التوقيع على اتفاق يعيد للبلاد شرعيتها التي تم الانقلاب عليها في الحادي والعشرين من سبتمبر/ أيلول من العام 2014، وكان للرئيس السابق علي عبدالله صالح دور فيه بعد أن قدم الدعم العسكري والحماية القبلية لجماعة الحوثيين، التي تولت السيطرة على مؤسسات الدولة كافة.
 
وزاد الانقلابيون الأزمة بعداً أكبر بإعلان ما سمي «المجلس السياسي الأعلى»، الذي أرادوا له أن يكون بديلاً عن الإعلان الدستوري، غير الشرعي أصلاً، الذي أعلنه الحوثيون بعد سيطرتهم على العاصمة صنعاء، وكان الهدف منه إلغاء الدستور المعمول به في البلاد، وشرعنة الانقلاب الذي لم يعترف به أحد بما في ذلك القوى السياسية التي اعتبرته بمثابة طعنة غادرة وجهت إلى المؤسسات الشرعية القائمة.
 
كانت نتائج مشاورات الكويت فرصة لليمنيين للخروج من حالة الحرب التي أشعلها الانقلابيون منذ ما قبل عام 2014، والتي بدأت بالتمرد على الدولة ومؤسساتها وجيشها، مستغلة انشغال القيادة حينها بمعالجة الأوضاع التي نجمت عن الاحتجاجات التي شهدتها البلاد خلال عام 2011 وما تلاها من استحقاقات سياسية واقتصادية كبيرة وجدت الدولة نفسها غير قادرة على الإيفاء بها، خاصة وأن الطرف الذي خسر السلطة لم يدع لها فرصة لإعادة العافية إلى الحياة السياسية، حيث استمر الرئيس السابق علي عبدالله صالح في زرع الصعوبات أمام الدولة التي سلمها إلى نائبه الرئيس الحالي عبدربه منصور هادي، وهو يضمر لهما معاً الشر، وهو ما تحقق فعلياً بمد يده إلى جماعة الحوثي التي خاض معها ستة حروب في صعدة وعمران سقط خلالها الآلاف من الجنود والمواطنين الأبرياء.
 
لقد أراد صالح الانتقام ممن أرغموه على التنحي عن السلطة، ونقصد بذلك شباب الساحات الذين خرجوا لمواجهة الظلم الذي ميز نظامه طوال 33 عاماً، وانتظر اللحظة التي انشغل فيها الجميع في إعادة بناء الدولة مستغلاً رغبة الحوثيين في الوصول إلى السلطة، وقدم لهم الدعم الكامل عبر الأدوات التي عملت معه طوال فترة حكمه واستفادت من البقاء تحت حمايته، قبل أن يعلن تحالفاً جديداً معهم عبر «المجلس السياسي»، والذي جاء مخالفاً للقرارات الأممية، وبخاصة منها القرار 2216، الذي يدعو الانقلابيين إلى الامتناع عن اتخاذ إجراءات أحادية الجانب منعاً لانهيار فرص السلام.
 
الآن وبعد تعليق المفاوضات في الكويت، وحتى انتظار جولة أخرى لا يعرف لها موعد، يتعين على الانقلابيين الانصياع إلى إرادة الشعب اليمني التواق إلى إنهاء الحرب بعد المغامرات المجنونة التي قاموا بها، والبحث في تسوية سياسية شاملة ترتكز على القرارات الأممية، وقبلها على إرادة اليمنيين التواقين لحياة آمنة ومستقرة.

افتتاحية صحيفة الخليح لعدد اليوم الاربعاء 10 اغسطس/آب

التعليقات