السلطة ليست كذلك..يا فاسدين
الجمعة, 14 يوليو, 2017 - 10:10 صباحاً

السلطة ليست عمالة ومد لأيادي للتسول، وليست ارتماء في كل حضن قريب وبعيد، وليست أرصدة ونقود، وليست هنجمة ونفوذ، وليست أراضي وفلل، ومصادرة للحقوق والمرتبات، ونهب أصحاب المحلات التجارية وأرباب العمل والمهن. 

الحكم والسلطة في بلادي تسلطٌ ونهبٌ وفسادٌ وكبرٌ ونفوذٌ.. بينما هي في الأصل مسؤولية أمام الله أولاً وأمام المواطن المسكين المحروم من حقه ثانياً. السلطة وفاء وإبداعٌ وعمل، السلطة واجب تجاه الأمةً أرضاً وإنسانا، السلطة تاريخٌ من الإنجازات العملاقة والذكريات يكتب ويدون، السلطة حبٌ في قلوب الجماهير يغرسه أصحاب الهمم العالية عشاق المواطن ومن يحمل في قلبه كلّ معاني الوطن.

السلطة في الحقيقة أمان لمن خدم الناس؛ أينما اتجه تصافحه وتحضنه بأعينها، تغمض عليه الجفون إجلالاً واحتراماً في حياته حتى الممات، بكى الناس عمر بن الخطاب بعد مماته وامتنعوا حتى عن الأكل حزناً عليه حتى قال قائلهم: أيها الناس مات الرسول فأكلنا وشربنا، ومات خليفته أبو بكر وأكلنا وشربنا، كدنا نهلك!! ما كل ذلك؟ إنه حب في عمر؛ لأنه أجاع نفسه لأجل الرعية، وقسم بينهم كل ما يستحقونه بالسوية. بكت الناس عمر بن عبدالعزيز الذي أدخل حتى جواهر زوجته فاطمة التي قيل عنها:"بنت الخليفة والخليفة جدها أخت الخلائف والخليفة زوجها" - بيت مال المسلمين وخيّرها بينه وبين الجواهر؟ ولم تتردد في الانصياع لأمر الخليفة الذي خلّده تاريخ العدل، ولا يُذكر موضوع العدل حتى يذكر عمر بن عبدالعزيز وجدٌّه عمر بن الخطاب رغم قصر فترة حكمه التي لا تتجاوز العامين ونصف العام. السلطة إذن بناء وإعمار ومشروع للعيش التعايش والسلام وقبول الآخر بكل رضىً.

السلطة يا شرعيةً في الرياض، ويا صالحاً في صنعاء، ويا حوثياً في صعدة، ويا زبيدياً في عدن، ليست تسلطاً على أكوام الجماجم والأشلاء وشلالات الدماء، ليست أحقاداً دفينة، وأضغاناً غائرة، وكرهاً وحقداً أحيل وقوداً للمعارك. 
 
ويعتقد الكثير بأن السلطة هي كرسي وثير، ومركب فاره، ودخل وفير، ومرافقون يصدون الناس عن الطريق كلما ترجّل صاحبهم، يهشون عنه التراب والذباب، ويحيطونه بهالة من إجلال، كما تعيش في مخيلة الفاسدين عبر السنين، وما كانوا يرددونه دائماً: أن من يريد السلطة عليه بصندوق الانتخابات. ذلكم الصندوق المفخخ بكل أدوات التزوير، وشراء الذمم في مواسم الانتخابات والتي تعود أدراجها تعض أصابعها، وتهرش جنوبها حاجةً وألماً.

السلطة هكذا عندنا "ديْولة و فحاط"  كبرٌ (وعنطزةٌ)، وتخازين بقات أضرعي، واتصالات عبر الهواتف الصارخة لا لشيء سوى ترتيب: أين المقيل غداً؟ أين ومع من سيكون؟. لا حظت ظاهرة في السنوات الأخيرة تتمثل في المقايل الموازية للكبار بجوار ديوان كل مسؤول تكون للمراهقين الصغار من أبنائهم يحمل كل واحد منهم مربطاً من القات، أو كيساً تملؤه المعلبات والسجائر من الماركات المختلفة، لا يخالطون الكبار ويستمعون إليهم حتى وإن لم يستفيدوا منهم.. سيكونون بعيداً عن هراء الكلام، وتبادل الأحاديث التي لا تحمل معنىً سوى ما قد يطرحه البعض منهم عن مجون وضياع وتشتت في الفكر يتبعه الخلق. 

لم يسلم ذلك المفهوم الهابط للسلطة حتى عند العوائل؛ عوائل الذوات من نساء بنات فبات لهن مقايل أو مجالس موازية للرجال، فيها من القات وأنواع الشيَش، ومختلف أصناف المشروبات والمرطبات من كل ما لذ وطاب، وكل ذلك البذخ مصدره من الميزانية التي يدفعها الجائعون والبائعون وأصحاب العربيات في الشوارع: رشاوىً أو ضرائب وواجباتٍ تصب في النهاية في تلك الجيوب.
 

التعليقات