كانت الأنظمة الشمولية عندما تريد التخلص من الرئيس تتخلى عنه وتتركه وحيداً في الساحة في مواجهة القضايا فيتخذ قرارات فردية لإدارة شؤون الدولة وعلى إثرها تجتمع اللجنة المركزية لتحاكمه بتهمة التفرد في اتخاذ القرار فيؤخذ بجريرتها كما حصل مع الزعيم الراحل سالم ربيع في أواخر سبعينات القرن الماضي.
جاء ذلك في مقابلة مع الرئيس علي ناصر محمد في مجلة المجلة اللبنانية مطلع ثمانينيات القرن الماضي عقب احداث يناير 86 م منهجية حكم تآمريه من الدرجة الأولى للتخلص من زيد أو عمر من الناس حيث يلقونه في اليم مكتوفاً ويحاسب لِم ابتل بالماء معطفه وثيابه؟!
وذلك ما جرى مع السفير اليمني لدى جمهورية الصين الاستاذ محمد المخلافي والذي تم تعيينه استحقاقاً بعد أن شغل نائباً للسفير اليمني في الهند ونائباً لدائرتي أسيا وأستراليا في ديوان الوزارة، وأملته مؤهلاته الدراسية ودرجاته الوظيفية التي تدرج في سلمها حتى وصل إلى درجة السفير عام 2012م، تعين استحقاقاً في زمن الفيد والمجاملات بعد أن دفع الكثير نتيجةً لموافقه الرافضة للانقلاب والمساندة للشرعية وما الهجمة التشويهية التي أثارها بعض الحاقدين ضده إلا انعكاساً لمواقفة الثابتة مع الشرعية والثورة والجمهورية.
ولن تنطلي تلك الحملة على أحد لأنه عُرِف قبل وبعد توليه السفارة سمحاً متواضعاً دمث الخلق ولطيف المعشر حصيف الكلمة والمقال.
يضع دوماً خدمة الناس نصب عينيه و ينكر ذاته و يتفانى في خدمة الناس. يشعر بالبسطاء لأنه منهم، فقد سكن في بداية حياتة الوظيفية بيتاً شعبياً تضيق جدرانها بالساكنين. عانى من العوز أزماناً لأنه عُرف عنه الشفافية وصدق الحديث وعفة النفس ونظافة اليد.
عاش حياة غاصَة بدفاتر المديونيات التي تذهب حيناً وتأتي أحايين أُخر. لا أقول ذلك مجاملة او محابااة أو راجياً لخدمة او متوسماً تهليل أو منفعة. اقول هذا لأني عرفته عن قرب وحاولت معه برغم قِدم الصداقة، مساعدة أحد الشباب في الحصول على مقعد دراسي في الصين فأعتذر بطريقة لا تجرح ولا تُحرج حتى فتح الله له باباً اخر عن طريق غيره.
تم تعيينه في ظروف إستثنائية في ظل دولة تعيش في المنافى تعتصرها مرارة الحرب والشتات ومواجع الوطن والشعب. أُلقيَّ به في سفارة إرثها ثقيل جداً. أبتداءاً من مبنى متهالك طاله الخراب من بوابته الى آخر مفتاح من مفاتيح الكهرباء، ومع طاقم عمل تتجاذبه الأهواء والمطامع ولا يرعوي عن عملٍ قد يحط من قدر الدولة أو يخل بالقواعد الدبلوماسية المتعارف عليها بين الدول.
ومع طاقم عمل يفتقد لأبسط قواعد التناغم والانسجام في أداء المهام والواجبات، وما أصعب العمل في بيئةٍ كتلك وفي أتون عرفٍ إداري بدعة، أسسه النظام القديم الذي كان يصدر قراراً لتعين (س) من الناس وزيراً أو مديراً أو قائداً للواء فيزرع له وكيلاً للوزارة أو نائباً للمدير أو رئيساً لأركان اللواء يُمنح الدعم والصلاحيات الواسعة فيصبح عائقاً لرئيسة يعرقل أعماله ويهدم خططه وطموحاته ويصبح مشكلةً لا حلاً وعائقاً في الطريق لا مساعداً ويتلقى أوامره من جهات عليا بصفةٍ رسمية أو من خلف الستار.
ما هكذا تبنى الدول وليست بتلك الطريقة ترتقي الشعوب وتمثل دبلوماسياً لدى دول العالم في ظروف تختفي فيها الحكمة ويترهل فيها الأداء الوظيفي وفي أجواء قاتمة تفككت فيها الدولة وحجبت السحب الرمادية الأفق البعيد. ضروف غاب فيها العقل واختنق صوته المتزن وحواره الهادئ الذي يجب أن ينطوي على التناغم والانسجام واحترام الآخر وتطبق فيه مبادئ التنافس والاختلاف الشريف.