على خطى السيسي والإمارات ودعما لماكرون.. لماذا يحرض مفتي مصر على مسلمي أوروبا؟
- الجزيرة نت الإثنين, 12 أكتوبر, 2020 - 10:19 صباحاً
على خطى السيسي والإمارات ودعما لماكرون.. لماذا يحرض مفتي مصر على مسلمي أوروبا؟

في الوقت الذي انتقد فيه الأزهر تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المسيئة للإسلام؛ أثارت تصريحات مفتي مصر شوقي علام جدلا في مواقع التواصل، بعد ادعائه انضمام كثير من مسلمي أوروبا إلى تنظيم الدولة الإسلامية، ومهاجمته المراكز الإسلامية في أوروبا.

 

وأعادت تصريحات علام التذكير بتصريحات سابقة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ومسؤولين إماراتيين، اعتبرها البعض تحريضا على مسلمي أوروبا، وقالت تقارير إعلامية إنها تغذي الإسلاموفوبيا وتعطيها المبرر الشرعي.

 

وفي تصريحات تلفزيونية الجمعة الماضي، قال شوقي علام إن ما يقرب من 50% من الجيلين الثاني والثالث من المسلمين في أوروبا ينتمون إلى تنظيم الدولة، زاعما أن هذه النسبة توصلت إليها دراسة أجريت عام 2016.

 

لكن البعض توقف عند سياق حديث المفتي، مشيرين إلى أنه كان يقصد أن نصف تنظيم الدولة ينتمي إلى الجيلين الثاني والثالث من مسلمي أوروبا.

 

ورفض مفتي مصر تصريحات الرئيس الفرنسي حول أن الإسلام يعيش في أزمة حاليا، قائلا "أحزنتنا كثيرا تصريحات ماكرون، وأدعو لفهم أفضل للإسلام من مصادره المعتبرة والمعتمدة، الإسلام لا يعيش في أزمة لأنه جاء رحمة للعالمين، لكن فهمنا نحن للإسلام ربما هو ما يؤدي لتأزيم الموقف لأنه بعيد عن الإسلام الحقيقي المنضبط".

 

ورغم رفض علام تصريحات ماكرون، فإن نشطاء اعتبروا حديث مفتي مصر نوعا من التبرير والغطاء للرئيس الفرنسي، حيث هاجم علام المراكز الإسلامية في الخارج، قائلا إنها تحتاج إلى إعادة نظر في التدريب والتأهيل والتكوين العلمي.

 

وأضاف -خلال اللقاء ذاته- أن "منظومة المراكز الإسلامية على مستوى العالم تتنازعها في الغالب أجندات مختلفة إخوانية وغير إخوانية، ويتم تمويلها بسخاء وبأشكال مختلفة، لأنها تحمل خطابا معينا أدى بالفعل إلى تأزيم وتقزيم الموقف".

 

ومنذ الانقلاب الذي قاده الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي في صيف 2013 عندما كان وزيرا للدفاع وأطاح خلاله بالرئيس المنتخب محمد مرسي، الذي كان ينتمي لجماعة الإخوان؛ والسلطة المصرية تضع جماعة الإخوان المسلمين دائما في مرمى اتهاماتها، سواء في ما يتعلق بأحداث داخل مصر أو حتى خارجها.

 

غضب وانتقادات

 

بدروه، قال ‏‏‏‏‏الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي القره داغي إن تصريحات مفتي مصر لها أثر سلبي كبير، وانطباعات حزينة في نفوس المسلمين بالغرب، بل في العالم أجمع، وإن المؤسسات الدينية في مصر تحولت إلى جهاز وظيفي يخدم الدولة البوليسية.

 

ووصف القره داغي في تغريدات ما قاله علام بالكلام السلطوي الصادر من جهة الإفتاء، والانحدار العلمي والأخلاقي، وأنه يفتقر إلى الدقة والموضوعية، وقبل كل شيء رقابة الله سبحانه وتعالى.

 

كما عبر العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن غضبهم من تصريحات مفتي مصر، واعتبروا أنها تقدم المبرر الفكري لاستهداف المسلمين في الغرب.

 

وقال مغردون إن تصريحات علام نتيجة طبيعية لتماهي دار الإفتاء المصرية مع سياسة نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي الداخلية والخارجية، والتي من أبرز خصائصها مهاجمة التيار الإسلامي، والتي تحولت مع الوقت إلى مهاجمة التراث الإسلامي ذاته، مما أثار انتقادات الأزهر بشكل متكرر، كما أثار سجالات جرت بين السيسي وشيخ الأزهر أحمد الطيب على الهواء مباشرة.

 

وكانت دار الإفتاء المصرية تلقت صدمة قوية عبر مواقع التواصل، عندما كُشف عن فقدان المصريين ثقتهم في المؤسسة الدينية الرسمية.

 

ففي أغسطس/آب الماضي، وعبر صفحتها الرسمية بموقع فيسبوك؛ استطلعت دار الإفتاء رأي المصريين في الجهة التي يلجؤون إليها بحثا عن الفتوى، وخيّرتهم بين محرك البحث غوغل وبين موقع دار الإفتاء.

 

وجاءت الإجابة صادمة؛ حيث كشف الاستطلاع عن أن نحو 70% من المشاركين يتجهون إلى غوغل للإجابة عن أسئلتهم الدينية وطلب الفتوى.

 

وقال رواد مواقع التواصل إن هناك أسبابا عدة وراء فقدان الثقة في دار الإفتاء، على رأسها "تسييس الفتوى" حسب وصفهم.

 

ومنذ الانقلاب العسكري في صيف 2013، انشغلت دار الإفتاء المصرية عن مهمتها القانونية بالاشتباك مع الأحداث السياسية، بما يخدم رؤية نظام السيسي، خاصة في ما يتعلق بمهاجمة التيار الإسلامي وتمجيد قادة الجيش والأعمال الفنية العسكرية والأمنية، فضلا عن مهاجمة تركيا، وتحديدا رئيسها رجب طيب أردوغان، وصولا إلى انتقاد فتح القسطنطينية والسلطان محمد الفاتح، لكنها تراجعت عن هذا الموقف الأخير تحت ضغط مواقع التواصل.

 

استهداف المراكز الإسلامية

 

أما بالنسبة لتصريحات شوقي علام حول المراكز الإسلامية في أوروبا، فإنها تأتي اتساقا مع تصريحات سابقة للرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أرجع ما سمّاه انتشار الإرهاب والتطرف إلى غياب رقابة القادة الأوروبيين على المساجد، وعدم معرفة الخطاب الديني الموجّه إلى المسلمين فيها.

 

وخلال مؤتمر ميونيخ للأمن، في فبراير/شباط 2019، قال السيسي إنه دأب في لقاءاته مع المسؤولين الأوروبيين أو من أي دولة أخرى على حثهم على الانتباه لما ينشر في دور العبادة.

 

حديث السيسي وعلام عن المراكز الإسلامية في أوروبا سبقه تحريض إماراتي واضح عام 2017، عندما قال وزير التسامح الإماراتي نهيان مبارك آل نهيان إن إهمال الرقابة على المساجد في أوروبا تسبب في الهجمات الإرهابية.

 

ورفضت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تصريحات الوزير الإماراتي، ووصفتها بأنها "حملت تحريضا مبطنا على المسلمين في أوروبا، ومحاولة يائسة لتحويل المساجد في أوروبا إلى مراكز أمنية تخدم أجندات إماراتية".

 

وفي مارس/آذار 2018، خلص مقال بمجلة "فورين بوليسي" الأميركية إلى أن بعض الأنظمة العربية هي أشد كراهية للإسلام، وهي أكثر من يمنح ظاهرة "الإسلاموفوبيا"، أو "الخوف من الإسلام" القوة في العالم.

 

وجاء في التقرير أن وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد حذر في ندوة عامة في الرياض عام 2017 الأوروبيين من أن الإسلام الراديكالي سينمو في أوروبا، وسيأتي يوم نرى فيه أعدادا أكبر من المتطرفين والإرهابيين الراديكاليين يخرجون من أوروبا، لأن سياسيي أوروبا لا يرغبون في اتخاذ قرار صحيح، بعدم التسامح معهم بدعوى حقوق الإنسان وحرية التعبير والديمقراطية.

 

مهاجمة ماكرون

 

وكان ماكرون قال في خطاب الأسبوع الماضي إن الإسلام يعيش اليوم أزمة في كل مكان بالعالم، وعلى فرنسا التصدي لما وصفها بالانعزالية الإسلامية، الساعية إلى إقامة نظام مواز وإنكار الجمهورية الفرنسية.

 

وجاء تصريح ماكرون متزامنا مع استعداده لطرح مشروع قانون ضد "الانفصال الشعوري"، بهدف "مكافحة من يوظفون الدين للتشكيك في قيم الجمهورية"، على حد قوله.

 

وأدت تصريحات ماكرون حول الإسلام إلى غضب واسع في وسائل التواصل، كما نددت بها هيئات دينية وعلمية في العالم الإسلامي.

 

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن ماكرون يحاول التغطية على الأزمة التي تعيشها فرنسا، وإن حديثه عن إعادة تشكيل الإسلام "قلة أدب ويدل على عدم معرفته لحدوده".

 

وأكد الأزهر أن تصريحات الرئيس الفرنسي عن الإسلام "عنصرية وتؤجج مشاعر ملياري مسلم"، كما وصف شيخ الأزهر أحمد الطيب تصريحات ماكرون بأنها "غير مسؤولة، وتتخذ من الهجوم على الإسلام غطاء لتحقيق مكاسب سياسية واهية، هذا السلوك اللاحضاري ضد الأديان يؤسس لثقافة الكراهية والعنصرية ويولد الإرهاب".

 

بدوره، أكد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن المقتنعين بالإسلام يزدادون كل يوم، "فهو ليس في أزمة، وإنما الأزمة في الجهل بمبادئه وحقائقه والحقد عليه وعلى أمته، فهي أزمة فهم وأزمة أخلاق"


التعليقات