إيطاليا والإمارات.. حظر توريد السلاح سبب التوتر الدبلوماسي بين البلدين
- الجزيرة نت الإثنين, 28 يونيو, 2021 - 10:17 مساءً
إيطاليا والإمارات.. حظر توريد السلاح سبب التوتر الدبلوماسي بين البلدين

تشهد العلاقات بين إيطاليا ودولة الإمارات توترا دبلوماسيا، كان آخر تجلياته حينما طلبت السلطات الإماراتية من نظيرتها الإيطالية مغادرة قواتها قاعدة المنهاد الجوية العسكرية الموجودة في إمارة دبي بحلول الثاني من يوليو/تموز المقبل، لكن ما الذي حدث بين روما وأبو ظبي إلى الحد الذي سبّب "الاحتباس" في التعاون العسكري.

 

قبل انتهاء سنة 2020 أخذت العلاقات الدبلوماسية تنحدر نحو توتر تدريجي بين روما وأبو ظبي، منذ أن ألغت الحكومة الإيطالية تصاريح لتصدير السلاح للإمارات، تماشيا مع القانون رقم 185 لعام 1999، الذي ينص على حظر بيع السلاح للدول التي تنتهك حقوق الإنسان، وهي المرة الأولى التي يعمل بهذا القانون في إيطاليا.

 

وأُقرّ هذا الحظر بعد مصادقة البرلمان الإيطالي على القرار في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وجاء القرار بعد ضغوط من منظمات حقوقية دولية، على رأسها منظمتا العفو الدولية (أمنستي) وأوكسفام. وقال وزير الخارجية الإيطالي، لويجي دي مايو، آنذاك في بيان له "في نظري، احترام حقوق الإنسان هو التزام لا تهاون فيه".

 

قرار حظر بيع السلاح تم في عهد حكومة جوزيبي كونتي الثانية، التي كانت تقودها حركة "خمس نجوم"، وقد حافظ رئيس الوزراء الإيطالي الحالي ماريو دراغي على دي مايو ضمن حكومته، وهو من أبرز قيادات الحركة الشعبوية التي كانت غير راضية عن التقارب الحاصل بين الإمارات والجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر ومصر، إذ أبدت روما تقاربا واضحا مع القوى السياسية في طرابلس، المتمثلة في حكومة الوفاق المعترف بها دوليا.

 

حكومة دراغي

 

غير أن الحكومة الحالية بقيادة دراغي تبدو غير متجانسة على مستوى التحالفات الخارجية في التعاطي مع الملف الليبي، وقد امتد ذلك إلى موضوع بيع السلاح للإمارات والتعاون العسكري معها، وهو ما يظهر في فيديو على فيسبوك نشره أخيرا ماتيو بيريغو دي كريمناغو، نائب رئيس مجموعة حزب فورتسا إيطاليا، وهو مشارك في الأغلبية الحكومية.

 

فقد حمل دي كريمناغو مسؤولية انهيار العلاقات الدبلوماسية والعسكرية بين الإمارات وإيطاليا لوزير الخارجية لويجي دي مايو، وعدّه "المسؤول السياسي عن قرار إيطاليا فرض حظر توريد السلاح لأبو ظبي".

 

وانتقد ماتيو بيريغو دي كريمناغو، في تدوينة على صفحته بفيسبوك، قرار وزير الخارجية دي مايو حظر تصدير السلاح لكل من الإمارات والسعودية، وقال إن قيمة الاستثمارات العسكرية الإيطالية في البلدين الخليجيين تقدر بـ58 مليار دولار، وأضاف السياسي الإيطالي أن الفرنسيين "يخطفون هذه الفرصة".

 

ويرى يونس توفيق المحلل السياسي والأستاذ الجامعي في جامعة جنوة أن "سياسة إيطاليا الخارجية اليوم تعاني تخبطا واضحا لأن الأمر يتعلق بعدم التوافق بين الأحزاب المكونة للائتلاف الحاكم الهش. فوزارة الخارجية التي يقودها عضو مهم في حركة الخمس نجوم تنظر إلى سياسة الإمارات والسعودية من وجهة نظر تأثير خارجي مرتبط بدول وجماعات مؤثرة دوليا، وبخاصة من تلك التي لها تأثير مباشر في جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان، والمجتمع المدني في الداخل الإيطالي".

 

منع عبور

 

وفي نهاية الأسبوع الأول من شهر يونيو/حزيران الحالي، كان وزير الدفاع الإيطالي لورنزو جويريني متجها إلى أفغانستان، على متن طائرة بوينغ 767، لتحية قوات بلاده بمناسبة بدء انسحاب القوات الأجنبية من الأراضي الأفغانية، غير أن دولة الإمارات رفضت السماح للطائرة الإيطالية بالمرور فوق مجالها الجوي.

 

لم تتقبل السلطات الإيطالية القرار الإماراتي، فأقدم الكاتب العام لوزارة الخارجية الإيطالية السفير إيتوري سيكي -بناء على تعليمات من وزير الخارجية- على استدعاء السفير الإماراتي في روما عمر الشامسي للتعبير عن "دهشته وخيبة أمله الكبيرة تجاه الرفض غير المتوقع الذي يصعب فهمه"، حسب بيان الخارجية الإيطالية.

 

وتربط إيطاليا والإمارات العربية المتحدة شراكة إستراتيجية، لا سيما في المجال الاقتصادي وفق ما يذكره الباحث الاقتصادي السياسي بجامعة تورينو محمد كمال، في تصريح للجزيرة نت، فحسب إحصاءات وزارة الخارجية الإيطالية، فإن حجم التبادل التجاري بين البلدين ناهز عام 2020 نحو 8.4 مليارات دولار، وتصنف إيطاليا الشريك التجاري الأول أوروبيا والثامن عالميا لدولة الإمارات.

 

وبخصوص الصادرات، انتقلت إيطاليا في عام 2020 من المركز 11 إلى المركز التاسع ضمن أكبر الدول الموردة للإمارات، وتحتل المركز الثاني بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بعد ألمانيا. ويقول الباحث محمد كمال إن قرابة 600 شركة إيطالية موجودة ضمن مختلف القطاعات في السوق الإماراتية، ولا سيما في مجالات البناء، والطاقة، والسلع الاستهلاكية، والأمن والدفاع، والخدمات المصرفية والتأمين والفضاء.


التعليقات