أنباء استقالة حمدوك.. رحيل محتوم أم ضغط على البرهان؟
- الأناضول الخميس, 30 ديسمبر, 2021 - 11:46 صباحاً
أنباء استقالة حمدوك.. رحيل محتوم أم ضغط على البرهان؟

تتكثف في السودان أنباء عن اعتزام رئيس الحكومة الانتقالية عبد الله حمدوك، تقديم استقالته، ضمن أزمة حادة تشهدها البلاد على خلفية إجراءات أقدم عليها قائد الجيش، الفريق عبد الفتاح البرهان، في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

 

ووفق خبير سياسي، تحدث للأناضول، فإن حمدوك يرغب في الاستقالة لعدم قدرته على حشد دعم شعبي لاتفاقه السياسي مع البرهان، وفقدانه القوى السياسية الداعمة له، وهي ائتلاف قوى "إعلان الحرية والتغيير".

 

فيما ذهب آخر إلى أن تسريبات الاستقالة بدأت كمناورة من حمدوك للضغط على البرهان لكسب مزيد من الصلاحيات، ثم أصبحت أمرا واقعا؛ إثر تمسك الحركات المسلحة بمناصب حكومية دون الالتزام بشرط "الكفاءات"، وإعادة منح جهاز المخابرات سلطة الاعتقال.

 

ويشهد السودان، منذ 25 أكتوبر الماضي، احتجاجات رفضا لإجراءات اتخذها البرهان، تتضمن إعلان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وعزل حمدوك، واعتقال قيادات حزبية ومسؤولين.

 

وخلال هذه الاحتجاجات سقط نحو 48 قتيلا ومئات الجرحى، بحسب لجنة "أطباء السودان" (غير حكومية) وقوى سياسية ومدنية تعتبر إجراءات البرهان "انقلابا عسكريا"، مقابل نفي من الجيش.

 

** تسريبات الاستقالة

 

قبل نحو عشرة أيام، قالت مصادر مقربة من حمدوك إنه "يعتزم تقديم استقالته"، بعد نحو 40 يوما على إعادته لمنصبه، بحسب وسائل إعلام عربية ودولية.

 

وتزامن هذا الحديث مع مظاهرات حاشدة شهدتها العاصمة الخرطوم ومدن أخرى، في 19 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، رفضا لاتفاق البرهان ـ حمدوك.

 

وفي 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وقع البرهان وحمدوك اتفاقا سياسيا تضمن عودة الأخير لمنصبه، وتشكيل حكومة كفاءات (بلا انتماءات حزبية)، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتعهد الطرفين بالعمل معا لاستكمال المسار الديمقراطي.

 

لكن قوى سياسية ومدنية سودانية تعتبر هذا الاتفاق "محاولة لشرعنة الانقلاب"، متعهدة بمواصلة الاحتجاجات حتى تحقيق الحكم المدني الكامل.

 

وعاد حديث الاستقالة، الاثنين، إذ نقلت صحيفة "السوداني" (خاصة) عن مصادر مطلعة، أن حمدوك معتكف في منزله منذ أيام، و"أخطر طاقم مكتبه بأنه أبلغ المكون العسكري (في السلطة الانتقالية) باستقالته، خلال اجتماع مع رئيس مجلس السيادة (الانتقالي)، عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي)".

 

وقال مصدر مقرب من رئيس الوزراء، للأناضول الاثنين، إن "حمدوك أبلغ المكون العسكري باستقالته شفاهة، وليس بشكل رسمي ومكتوب".

 

والثلاثاء، حذر رئيس حزب الأمة القومي فضل الله برمة ناصر، من أن استقالة حمدوك ستكون كارثة على البلاد داخليا وخارجيا.

 

وأضاف ناصر، خلال مؤتمر صحفي: "ذهبنا إلى حمدوك لنثنيه عن الاستقالة، وطلبنا منه أن يصمد ونتشارك في تصحيح الأوضاع الحالية".

 

والسبت، قالت مكتب رئيس الوزراء، في بيان، إن حمدوك التقى وفدا من قيادة حزب الأمة لبحث سبل الخروج من الأزمة السياسية.

 

وسلم حزب الأمة، الأربعاء، البرهان نسخة من خريطة طريق "لاستعادة الشرعية واستكمال مهام المرحلة الانتقالية"، وفق بيان للحزب.

 

وحزب الأمة من أكبر أحزاب قوى "إعلان الحرية والتغيير"، ويكاد يكون الوحيد في الائتلاف الحاكم سابقا الذي يتمسك بحمدوك، إذ تصفه الكتل الأخرى بـ"رئيس الوزراء الانقلابي"، وترى أن "الاستقالة تخصه هو، لأن الشعب تجاوزه بعد أن أصبح جزءا من السلطة الانقلابية"، على حد تقديرها.

 

وحمدوك هو رئيس الحكومة منذ أن بدأت في 21 أغسطس/ آب 2019، فترة انتقالية تنتهي بإجراء انتخابات في يوليو/ تموز 2023، يتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة في 2020، اتفاقا لإحلال السلام.

 

** الاتفاق والتوافق

 

وعقب خروج حمدوك من إقامته الإجبارية، وتوقيعه الاتفاق السياسي مع البرهان، قال إن هناك تحديات وعقبات ستواجهه.

 

ورهن حمدوك، مطلع ديسمبر الجاري، بقاءه في منصبه بتطبيق الاتفاق السياسي مع الجيش، والتوافق بين القوى السياسية.

 

وصرح، في مقابلة مع قناة "سودانية 24" (خاصة)، في 25 نوفمبر الماضي، بأنه "لو رأى الشعب السوداني أن الاتفاق لا يلبي مصلحته، فإنني سأتقدم باستقالتي".

 

** عزلة سياسية وشعبية

 

وقال أمير بابكر عبد الله، خبير سياسي، إن "استقالة حمدوك تعود لعدم قدرته على إكساب شعبية لاتفاقه مع البرهان، وفقدانه للقوى السياسية الداعمة له، والمتمثلة في قوى إعلان الحرية والتغيير".

 

ورأى عبد الله، في حديث للأناضول، أن "حمدوك فقد الكثير من شعبيته، وأصبح شبه معزول مع استمرار الاحتجاجات الرافضة لاتفاقه مع البرهان".

 

واعتبر أن "هذه العزلة السياسية والشعبية جعلت حمدوك محسوبا على معسكر قائد الجيش، ما يعني أنه يتحمل جزءا من إعاقة الانتقال الديمقراطي بعد قبوله العمل مع العسكر في المرحلة المقبلة".

 

وحمدوك كان يحظى بشعبية واسعة بوصفه رمزا مدنيا للسلطة الانتقالية، لكن استقالته، وفق مراقبين، لن يكون لها تأثير على الشارع، فالشارع المحتج ليس طرفا في اتفاق 21 نوفمبر.

 

** مناورة صارت واقعا

 

أما عمرو شعبان، خبير سياسي، فرأى في حديث للأناضول، أن التسريب بشأن "اعتزام رئيس الوزراء الاستقالة كان في البداية مجرد مناورة للفت الانتباه والضغط (على البرهان) لكسب مزيد من الصلاحيات".

 

واستدرك: "لكن بعد إصرار الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام على التمسك بمناصبها في الحكومة دون الالتزام بشرط الكفاءات، وقرار منح جهاز المخابرات سلطات الاعتقال، أصبحت استقالته أمرا واقعا".

 

والاثنين، ذكرت تقارير إعلامية أن البرهان أصدر تفويضا بمنح جهاز المخابرات العامة سلطات القبض على الأشخاص والاعتقال والتفتيش والرقابة على الممتلكات والمنشآت والحجز على الأموال وحظر أو تنظيم حركة الأشخاص.

 

وكانت هذه الصلاحيات قد سُحبت من جهاز المخابرات في أعقاب الإطاحة بالرئيس عمر البشير، في 11 أبريل/ نيسان 2019، وذلك في ظل غضب شعبي واتهامات للمخابرات بارتكاب انتهاكات عديدة بينها اعتقالات واسعة.

 

وأردف شعبان: "بعد أن أصبح مضي حمدوك في استقالته أمرا واقعا عقب إخطاره لمكتبه بذلك، بدأت الاتصالات والوساطات الإقليمية والدولية تدخل على الخط في محاولة لثنيه عن ذلك".

 

وزاد بأن "اتصالات المبعوث الأممي للسودان فولكر بيرتس، ووزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، تأتي لتأكيد أهمية استقرار السودان في الوقت الحالي وربط ذلك بوجود حمدوك في رئاسة الوزراء".

 

والثلاثاء، أجرى ابن فرحان مباحثات هاتفية مع كل من البرهان وحمدوك، أكد فيها حرص السعودية على تشكيل حكومة بالسودان في أقرب وقت، والتوافق بين المكونين العسكري والمدني.

 

كما تلقى حمدوك اتصالين من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش، والمبعوث الأمريكي للقرن الإفريقي جيفري فيلتمان، لحثه على العدول عن فكرة الاستقالة، وفق إعلام محلي.


التعليقات