التوتر في القدس يزيد من فُرص التصعيد "المحدود" بغزة
- الأناضول الثلاثاء, 19 أبريل, 2022 - 12:25 مساءً
التوتر في القدس يزيد من فُرص التصعيد

تزداد فُرص التصعيد العسكري بين الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة وإسرائيل، في ظل ارتفاع منسوب التوتر بمدينة القدس على خلفية الاقتحام المتكرر للمستوطنين للمسجد الأقصى، أو استمرار الاعتداءات الإسرائيلية في الضفة الغربية، بحسب محللين سياسيين.

 

ومساء أمس الإثنين، أطلق فلسطينيون، لم يكشفوا عن هويتهم قذيفة من غزة باتجاه إسرائيل، اعترضتها منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية المعروفة باسم "القبة الحديدية".

 

وردا على القذيفة، أغارت مقاتلات إسرائيلية فجر اليوم الثلاثاء، على موقع لكتائب القسام، الجناح المسلح لحركة "حماس".

 

بدورها، قالت "القسام" في بيان، إنها تصدت للطائرات المُغيرة بصواريخ "أرض جو"، دون أن يصدر الجيش الإسرائيلي تعقيبا حول الأمر.

 

ورغم فرص التصعيد العسكري في غزة، يستبعد محللون سياسيون، في أحاديث منفصلة مع وكالة الأناضول، أن يتدحرج إلى مواجهة واسعة على غرار معركة مايو/ أيار 2021.

 

وفي مايو 2021، تسببت الانتهاكات الإسرائيلية في المسجد الأقصى، وحي الشيخ جرّاح بالقدس، لاندلاع مواجهة عسكرية بين إسرائيل والفصائل في غزة، استمرت 11 يوما.

 

وأرجع المحللون ذلك إلى "أوضاع قطاع غزة الاقتصادية، والاجتماعية، التي لم تتعاف بعد من العدوان الإسرائيلي الأخير، والتي من شأنها أن تُثني الفصائل عن خوض معركة جديدة مفتوحة".

 

فيما أرجع بعضهم ذلك إلى "خشية الحكومة الإسرائيلية، التي تعيش فترة عدم استقرار بعد تقليص قاعدتها في الكنيست، من الدخول في أي مواجهة تهدد استمراريتها".​

 

وتحذر الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، من استمرار اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى، والاعتداء على المصلين المسلمين فيه، متوعدة بأنها "لن تصمت، في حال تم تجاوز الخطوط الحمراء".

 

ومنذ بداية عيد الفصح اليهودي، الجمعة، ينظم المستوطنون اقتحامات متكررة للمسجد الأقصى، بحراسة الشرطة، ودعت جماعات استيطانية إلى تكثيف الاقتحامات خلال فترة عيد الفصح.

 

وقبيل الاقتحام، تُجبر الشرطة الإسرائيلية، المصلين المسلمين على إخلاء المسجد، الأمر الذي يرفضه المصلون ما يتسبب بحدوث مواجهات.

 

يقول حسام الدجني، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، إن شبح التصعيد بين غزة وإسرائيل، على خلفية أحداث القدس، ما زال قائما، إلا أن فرصه محدودة.

 

وأضاف، في حديث للأناضول، إن منع "شرطة الاحتلال لمتطرفين يهود من ذبح قرابين داخل المسجد الأقصى، أدى إلى خفض وتراجع فرص التصعيد بين غزة وإسرائيل".

 

وكانت جماعات إسرائيلية متطرفة قد دعت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلى ذبح قرابين داخل المسجد، خلال عيد الفصح، لكنّ الشرطة أعلنت أنها لن تسمح بذبح القرابين، متعهدة بالحفاظ على النُّظم المتبعة فيه.

 

إلا أن فرص التصعيد، وفق الدجني، ما زالت قائمة، إزاء "استمرار الاعتداء على المصلين في الأقصى، واقتحام باحاته من المستوطنين، وسفك المزيد من دماء الفلسطينيين".

 

واستكمل قائلا: "الكرة الآن في الملعب الإسرائيلي، فإذا تجاوز الخطوط الحمراء، في تدنيس المقدّسات والسماح بالمزيد من الاقتحام، فإن المقاومة لن تبقى بعيدة عن ذلك".

 

وبحسب الدجني، فإن مشاركة الفصائل في الدفاع عن القدس، ليس بالضرورة أن تبدأ بالعمل العسكري مباشرة، إنما قد يكون لها تدخلات "تتدحرج بالتصعيد في الضفة لتنتقل إلى غزة".

 

كما يعتقد الدجني أن الحراكات السياسية والوطنية، نجحت في دفع الوسطاء للضغط على إسرائيل، لنزع فتيل التصعيد.

 

يقول مصطفى إبراهيم، الكاتب والمحلل السياسي، إن الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، لا يرغبان بالدخول في جولة جديدة من التصعيد العسكري، بسبب تكاليفها الباهظة ورغبة الطرفين في هدوء من شأنه أن يحقق مستوى من الاستقرار السياسي في إسرائيل، أو الاقتصادي والمعيشي بغزة.

 

لكن رغم ذلك، فإن الأحداث في المسجد الأقصى، تُعطي، وفق إبراهيم، مؤشرات لاحتمالية اندلاع تصعيد بغزة، نصرة لهم.

 

وقال، في حديث لوكالة الأناضول: "هناك خشية من أن يدفع استمرار التصعيد الإسرائيلي القاسي، إلى ردود فعل غاضبة، تؤدي إلى تدهور عنيف".

 

ويعتقد إبراهيم أن الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، غير راغبة بالدخول في جولة تصعيد جديدة، إلا أنها قد تضطر لذلك تحت ضغط الشارع الفلسطيني والعدوان في القدس.

 

وقال: "حماس غير معنية بالتصعيد، لأن أوضاع قطاع غزة صعبة، وعملية الإعمار لم تبدأ بشكلها الحقيقي بعد، الحركة تضع هذه الملفات في اعتبارها، لرغبتها في تحسين الأوضاع بغزة".

 

وأضاف إن "أوضاع الفلسطينيين الداخلية صعبة وكارثية، سواء بغزة أو بالضفة، أكان ذلك من تداعيات الانقسام السياسي، أو حالة التطبيع العربي مع إسرائيل".

 

وفي السياق، فإن إسرائيل أيضا "لا ترغب بالتصعيد، في ظل حالة عدم الاستقرار التي تواجهها الحكومة الإسرائيلية، لذا قدّمت عددا من التسهيلات سواء لغزة أو للضفة خاصة بمدينة جنين بعد أيام من الإغلاق"، بحسب إبراهيم.

 

وتابع: "تخشى الحكومة الإسرائيلية من تنفيذ المزيد من العمليات داخل المدن الإسرائيلية، ومن سيناريو تدخل فيه مواجهة متعددة الجبهات، الأمر الذي يجعلها تبتعد عن أي معركة جديدة".

 

ويتوقع إبراهيم أن يكون "حجم التصعيد العسكري بين غزة والضفة في حال اندلاعه، محدودا، وأن يقتصر على إطلاق صواريخ باتجاه غلاف غزة، دون التوسّع لمواجهة مفتوحة تشمل إطلاق صواريخ بعيدة المدى".

 

ويتفق مع إبراهيم، المختص بالشأن الإسرائيلي، وديع أبو نصار، الذي يقول إن "إسرائيل غير معنية بتصعيد مع غزة، إنما بتهدئة طويلة المدى".

 

وأضاف أبو نصار، أن أي تصعيد محدود يبدأ من غزة، سيُواجه برد "محدود أيضا من إسرائيل".

 

وأرجع ذلك إلى حالة "الأزمة التي تعيشها إسرائيل، على عدة مستويات، والتي تجعلها غير معنية بفتح جبهة تصعيد جديدة".

 

ويرجّح وجود جهود، تبذلها مصر وقطر، لإبقاء قطاع غزة "خارج دائرة الصراع".

 

وأوضح أن التفاهمات (التسهيلات الحياتية وحالة الهدوء) التي ما زالت جارية بين الطرفين (غزة وإسرائيل)، تشير إلى "عدم نية أي طرف، في الدخول بمعركة جديدة"، وفق قوله.

 

إلا أن التطورات الميدانية تبقى "سيدة الموقف"، بحيث قد يتسبب حدث صغير، غير محسوب، باندلاع مواجهة جديدة، كما قال أبو نصار.

 

واستكمل قائلا: "الكثير من المواجهات السابقة، بدأت بأزمات صغيرة خرجت عن سيطرة الطرفين، ويبقى لكل واحدة منهما حساباتهما الداخلية".


التعليقات