تغييرات جهاز الأمن في الإمارات.. إلى أين تقود أبوظبي الدولة؟
- الإمارات 71 الخميس, 18 فبراير, 2016 - 10:23 مساءً
تغييرات جهاز الأمن في الإمارات.. إلى أين تقود أبوظبي الدولة؟

 
 
على مدى يومين متتابعين أُعلن عن إصدار رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد مرسومين اتحاديين، في الأول أطاح الشيخ هزاع بن زايد من منصب مستشار الأمن القومي في "المجلس الأعلى للأمن الوطني" وتم تعيين بدلا منه الشيخ طحنون بن زايد. وفي المرسوم الثاني تم الإطاحة بالفريق حمد مبارك الشامسي رئيس جهاز أمن الدولة وعضو المجلس الأعلى للأمن الوطني، وتعيين الشيخ خالد بن محمد بن زايد رئيسا للجهاز. فما هو الجهاز الأمني في الدولة، وما هو دور جهاز الأمن، ومن هم الشخصيات التي أطيح بها، وتلك التي تم تعيينها؟
 
 
 
المجلس الأعلى للأمن الوطني
 
يعتبر هذا المجلس أعلى سلطة أمنية في الدولة، ويترأسه رئيس الدولة، وبعضوية نائب رئيس الدولة، وهو أيضا نائب المجلس الأعلى للأمن الوطني، وعضوية محمد بن زايد، ثم يأتي بالتراتبية التنظيمية مستشار الأمن الوطني وهو الشيخ طحنون الآن، وعضوية الشيخ سيف بن زايد، والشيخ منصور بن زايد، وعبدالله بن زايد، ثم عضوية رئيس جهاز أمن الدولة، وأخيرا عضوية رئيس أركان القوات المسلحة وهو حمد الرميثي.
 
وبحسب التراتبية فإن رئيس جهاز أمن الدولة هو في المرتبة التاسعة من أصل عشر مراتب، في حين أن مستشار الأمن الوطني يأتي في المرتبة الرابعة. ومع ذلك، فإن المتتبع لواقع الأحداث يجد أن  جهاز أمن الدولة هو الذي يقود المجلس برمته وله كلمة مؤثرة في السياسة الداخلية والخارجية للسلطة التنفيذية والقضائية والتشريعية في كثير من الأحيان، وهو سلطة فوق جميع السلطات، نظرا للواقع الذي يؤكده حال مؤسسات الدولة من جهة ولما تؤكده منظمات حقوقية ووسائل إعلامية معتبرة.
 
 
 
جهاز أمن الدولة
 
لجهاز أمن الدولة قانون اتحادي سري لم يسبق أن تم نشره للعامة، كما أن الجهاز هو عضو "اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب"، وله دور كبير في برنامج التجنيد الإجباري ليس فقط  لأنه هو  الذي دفع لإصدار هذا القانون وإنما كونه يقوم بدور رئيس في تنفيذ البرنامج ويقدم للمجندين "عقيدة أمنية" خاصة وفق ما يؤكد ناشطون  وحقوقيون.
 
ولسرد الأدوار الكثيرة التي قام بها الجهاز في السنوات الأخيرة يمكن الوقوف على خروقات وطنية وسياسية في الداخل والخارج على حد سواء وخاصة بعد الربيع العربي. فقد قاد هذا الجهاز معركة انتقامية مع المثقفين والناشطين الإماراتيين من جهة وضد عموم الشعوب العربية والثورات من جهة أخرى. وقد بات الحديث عن دور أبوظبي المدفوع بهذا الجهاز وسياسياته الأمنية حديثا مشاعا معروفا لدى الخاصة والعامة وأحيانا تعترف به أبوظبي.
 
 
 
ماذا قالوا عن الجهاز
 
يصف تقرير حقوقي نشره موقع "هافينغتون بوست"الشهر الماضي بنسخته الإنجليزية جهاز أمن الدولة "بأنه النسخة الحديثة من جهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية عام 1980، إذ يسيطر جهاز أمن الدولة في الإمارات على معظم ما يحدث في الدولة".
 
وفي مطلع فبراير الجاري، نشر موقع "هيومن رايتس فيرست" الأمريكي تقريرا لـ"ربيكا شيف"، قالت فيه إن "جهاز أمن الدولة برئاسة "الرجل الكبير" ولي عهد أبوظبي  محمد بن زايد يخترق الدولة الإماراتية على نطاق واسع . الجهاز يخترق كل وزارة، يخمد أصوات الناشطين السلميين. هناك تقارير موثوق بها عن التعذيب في مراكز الاعتقال التابعة للجهاز".
وفي تقرير للمقرر الأممية لشؤون القضاء غابرييلا كنول في مايو الماضي أكدت على تدخل جهاز الأمن في القضاء الإماراتي ويعذب المعتقلين لانتزاع الاعترافات منهم ويمنع المحامين من الدفاع عن المتهمين.
 
قادة الجهاز المعزولون والجدد متورطون بالتعذيب
 
تورط الجهاز بقضايا تجسس في السنوات الأخيرة في سلطنة عمان ومؤخرا في ليبيا، وتورط في تعذيب معتقلي الرأي في قضية ال"94"، وورد أسماء قادة جهاز أمن الدولة المعزولين أو الجدد ضمن المطلوبين للعدالة الدولة لارتكابهم جرائم تعذيب.
 
ففي مارس الماضي أصدر مركز الخليج لحقوق الإنسان تقريرا مفصلا وتاريخيا عن التعذيب في الدولة ذكر بالاسم بعض المتورطين بتعذيب معتقلي الرأي ومنهم، وزير الداخلية الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، و الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان رئيس جهاز أمن الدولة، و حمد الشامسي مدير جهاز أمن الدولة، وجميعهم أعضاء في المجلس الأعلى للأمن الوطني.
 
فإذا كان خالد بن محمد بن زايد أشار إليه التقرير الحقوقي كأحد المتهمين بتعذيب المعتقلين قبل تسلمه رئاسة الجهاز رسميا، فكيف يمكن تصور حال الجهاز والدولة بعد تسلمه المنصب رسميا. فالجهاز مسؤول عن تحديد علاقات الدولة بالدول الأخرى على معايير أمنية بحتة، فيعادي تركيا وقطر مثلا كونهما لا يروقان للجهاز أمنيا، ويصادق الهند وروسيا ونظام السيسي والمخابرات الأندونيسية لدواعي أمنية بحت. فللهند سلم مؤخرا 3 جهاديين، ويؤيد العدوان الروسي على سوريا كونه يستهدف الإسلام الوسطي، ويدعم مشروع الانقلاب، وتواطأ مع مخابرات جاكرتا في اختطاف عبد الرحمن بن صبيح في ديسمبر الماضي.
 
وحول شخصية الشيخ طحنون، فقد امتاز بتعلقه بألعاب العنف الجسدي منذ صغر سنه وجلب للدولة "الجوجيتسو" و الكاراتيه والتايكوندو، والمصارعة، والجودو.
 
وهو منسق عمليات عاصفة الحزم بين أبوظبي والسعودية، بخصوص العمليات الجوية.
كما يشغل منصب رئيس بنك (الخليج الأول) ويملك %5.40 من أسهمه، أي ما يعادل مليار دولار.
أما الشيخ خالد بن محمد بن زايد فإنه يحيط نفسه بهالة من الغموض تناسب هذه الوظائف والمهام الاستخبارية والأمنية خاصة إذا كانت سياسة جهاز الأمن كما هي سياسة جهاز أمن الدولة لدينا يقوم على التخويف وإرهاب الناشطين والشعب عامة.
 
 
مستقبل الدولة بيد الجهاز
 
لا يمكن تصور مستقبل الدولة دون السياسة الأمنية والتدخلات والاختراقات التي يحققها الجهاز في كل مفاصل الدولة وسيطرته على المواطن الإماراتي قبل أن يولد وحتى مماته نتيجة سيطرة الجهاز على التعليم ومراكز التنشئة الاجتماعية والجامعات والمؤسسات والوظائف والقضاء والمجلس الوطني الاتحادي والسياسة النفطية والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بصورة جعل دولة الإمارات دولة بوليسية بكل ما في الكلمة من معنى ولكن بدون "البزة" العسكرية.
 
لذلك، يتساءل الإماراتيون ويخشون على مصير الدولة مع هذا الجهاز الذي يعتزم التوسع بما يسميه مكافحة الإرهاب، في الوقت الذي يواصل فيه الانتهاكات الحقوقية في الدولة. ويسأل إماراتيون، عن أسباب هذه التغييرات المفاجئة وعن توقيتها إن كانت مرتبطة بتعزيز قبضة شخص ما على مقاليد الدولة بصورة رسمية، أو إن كانت تهدف إلى التراجع عن السياسات الراهنة لهذا الجهاز، أم دفع الجهاز لتطرف أكثر في مواقفه وسلوكه. ناشطون يتوقعون ونظرا لهذه التغييرات أنها تقود دولة الإمارات إلى مزيد من الأزمات والانتهاكات وتعزيز أيدولوجية أمنية وتنفيذية تزيد الفجوة مع الشعب وتعمق عزلتها مع الإماراتيين وتتقدم خطوات أخرى في عداء الشعوب العربية ومناكفة الدول الإقليمية واستدعاء الدول الكبرى للمنطقة.
 


التعليقات