قالت إن بكين وموسكو تجنيان المكافآت الجيوسياسية اثر التصعيد..
بلومبيرغ: أميركا تخسر معركة البحر الأحمر.. هل يمكنها الاعتراف بالهزيمة كقوة عظمى منهكة على طول الطريق؟ (ترجمة خاصة)
- ترجمة خاصة السبت, 07 سبتمبر, 2024 - 10:22 مساءً
بلومبيرغ: أميركا تخسر معركة البحر الأحمر.. هل يمكنها الاعتراف بالهزيمة كقوة عظمى منهكة على طول الطريق؟ (ترجمة خاصة)

[ السفينة سونيون التي تعرضت لهجوم حوثي في البحر الأحمر ]

قالت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية إن الولايات المتحدة تخسر المعركة في البحر الأحمر حيث تشن جماعة الحوثي هجماتها المتصاعدة منذ 19 من نوفمبر الماضي على سفن الشحن وتسببت بأزمة حادة في سلسلة التوريد.

 

وذكرت الوكالة في مقال تحليلي للكاتب هال براندز تحت عنوان "أميركا تخسر معركة البحر الأحمر، وترجم أبرز مضمونه إلى العربية "الموقع بوست" إنه حتى وفقًا للمعايير الشرق أوسطية، كان العام الماضي مليئًا بالمفاجآت. فقد أدى هجوم مفاجئ من قبل حماس إلى إنتاج أكثر الأيام دموية لليهود منذ الهولوكوست.

 

وأضاف "لكن المفاجأة الأكبر هي أيضا الأكثر شؤما بالنسبة للنظام العالمي، فقد شنت جماعة الحوثيين في اليمن، وهي جهة فاعلة شبه دولة لم يسمع بها معظم الأميركيين من قبل، أخطر تحد لحرية البحار منذ عقود ــ ويمكن القول إنها هزمت قوة عظمى منهكة على طول الطريق".

 

وتابع "بدأ الحوثيون حملتهم ضد الشحن عبر باب المندب، الذي يربط البحر الأحمر وخليج عدن، في أواخر عام 2023. وهم يهاجمون ظاهريا بدافع التعاطف مع الشعب الفلسطيني، ولكن أيضا لكسب مكانة داخل ما يسمى محور المقاومة، وهي مجموعة من الوكلاء في الشرق الأوسط الذين زرعتهم إيران".

 

وأردف براندز "في يناير/كانون الثاني، ردت واشنطن بعملية حارس الرخاء، التي تضمنت جهودا دفاعية (إلى حد كبير من قبل المدمرات الأميركية) لحماية الشحن من الطائرات بدون طيار والصواريخ، فضلا عن الغارات الجوية ضد قدرات الحوثيين الهجومية داخل اليمن. وكانت النتائج متوسطة في أفضل تقدير. فقد خفض الحوثيون حركة المرور في قناة السويس بأكثر من النصف، مما أدى إلى حرمان مصر من عائدات الرسوم. كما أفلسوا ميناء إيلات الإسرائيلي في خليج العقبة.

 

وقال "بعد مرور ما يقرب من عام، تبدو جماعة الحوثي أقل ردعا من التشجيع: فقد شلت مؤخرا ناقلة نفط، مما يهدد بتسرب مع عواقب بيئية كارثية. وأصبح الممر المائي الذي يحمل 10٪ إلى 15٪ من التجارة العالمية منطقة قتل، حيث تجمع هذه الملحمة بين الديناميكيات القديمة والجديدة.

 

واستدرك "كان باب المندب، الذي يعني باللغة العربية "بوابة الدموع"، منذ فترة طويلة مركزا للصراع. وتحيط بهذه النقطة الخانقة حالة من عدم الاستقرار في جنوب شبه الجزيرة العربية والقرن الأفريقي. لقد أدى هذا الوضع إلى نشوب صراعات وتدخلات أجنبية لعقود من الزمن، ولكن حملة الحوثيين تعرض أيضًا مشاكل عالمية أحدث".

 

"أحدها هو انخفاض تكلفة فرض القوة، يقول براندز إن الحوثيين ليسوا قوة عسكرية تقليدية؛ فهم لا يسيطرون حتى على اليمن بشكل كامل. ومع ذلك فقد استخدموا الطائرات بدون طيار والصواريخ للسيطرة على الوصول إلى البحار الحيوية".

 

وأشار إلى أن الحوثيين حصلوا على مساعدة في القيام بذلك: فقد قدمت إيران الأسلحة والمعرفة اللازمة لتصنيعها. لكن أزمة البحر الأحمر لا تزال تُظهر كيف يمكن للجهات الفاعلة الصغيرة على ما يبدو استخدام قدرات رخيصة نسبيًا لتوسيع نطاقها التدميري.

 

والميزة الثانية -حسب الكاتب- هي التآزر الاستراتيجي بين أعداء الولايات المتحدة. فقد أصبح الحوثيون أكثر شراسة بفضل التوجيه من إيران وحزب الله. فمنذ أكتوبر 2023، سمحوا لمعظم الشحن الصيني بالمرور دون ضرر. كما تلقى الحوثيون التشجيع - ويبدو الدعم المباشر - من روسيا الحريصة على الانتقام من واشنطن.

 

وبشأن موقف الصين وروسيا يقول براندز إن "بكين وموسكو تجنيان المكافآت الجيوسياسية عندما تتحمل أميركا أعباء الصراعات في الشرق الأوسط، لذا فإن كلاً منهما على استعداد للسماح لهذه الأزمة بالتفاقم، أو حتى جعلها أسوأ".

 

ولفت إلى أن هناك عامل ثالث يزيد من تأجيج الأمور: نفور أميركا من التصعيد، والذي يتجذر في الإفراط في التوسع العسكري. فقد تحولت قوة عظمى عالمية إلى مجرد عداء غير حاسم مع مجموعة من المتطرفين اليمنيين. ومن التهرب أن نزعم أن هذا التطرف ذاته يجعل الحوثيين "غير قابلين للردع".

 

ويرى الكاتب أن القضية الأساسية هنا هي أن واشنطن ترددت في اتخاذ تدابير أقوى ــ مثل إغراق سفينة الاستخبارات الإيرانية التي تدعم الحوثيين، أو استهداف البنية الأساسية التي تدعم حكمهم داخل اليمن ــ خوفا من تأجيج الموقف الإقليمي المتوتر. مشيرا إلى أن هذا النهج قد حد من خطر التصعيد في الأمد القريب، ولكنه سمح لطهران والحوثيين بإبقاء المواجهة على نار هادئة عند درجة الحرارة المفضلة لديهما.

 

وأكد أن هذا النهج يعكس التعب الكامن الذي يعاني منه الجيش الأميركي الذي يفتقر إلى ما يكفي من الصواريخ المجنحة والقنابل الموجهة بالليزر والطائرات الهجومية والسفن الحربية لمواصلة الحملة بشكل أكثر عدوانية دون المساس باستعداده للصراعات في أماكن أخرى.

 

ونوه براندز إلى أن هناك سمة رابعة: هي تعفن المعايير التي اعتبرها المجتمع الدولي أمرا مفروغا منه. والواقع أن الضرر التجاري العالمي الذي تسبب فيه الحوثيون كان محدودا في واقع الأمر، وذلك بفضل قدرة شبكات الشحن التي تدعم الاقتصاد العالمي على التكيف. ولكن السابقة مروعة: فقد قلب الحوثيون حرية البحار في منطقة بالغة الأهمية ودفعوا ثمنا متواضعا للغاية.

 

وطبقا للكاتب فإن حرب روسيا في أوكرانيا تؤكد في الوقت نفسه على مبدأ أساسي آخر، وهو القاعدة ضد الغزو القسري. الواقع أن الجهات الفاعلة التنقيحية تتحدى القواعد العالمية التي تدعم الرخاء النسبي والأمن والاستقرار في عالمنا بعد عام 1945.

 

وقال "ربما لا يكون التصحيح الدرامي للمسار من جانب الولايات المتحدة وشيكاً. فما زال الرئيس جو بايدن يطارد وقف إطلاق النار المراوغ بين إسرائيل وحماس؛ وهذا من شأنه على الأقل أن يحرم الحوثيين وغيرهم من وكلاء إيران من ذريعة العنف، حتى لو لم يكن أحد متأكداً حقاً من ما إذا كان هذا من شأنه أن ينهي هجمات الشحن في البحر الأحمر. وهو يأمل في اجتياز الانتخابات الرئاسية دون المزيد من المتاعب مع طهران".

 

وخلص براندز في مقاله إلى القول إن "هذا النهج المرتبك قد لا يستمر طويلاً بعد ذلك. فمن يصبح رئيساً في عام 2025 سوف يضطر إلى مواجهة حقيقة مفادها أن أميركا تخسر الصراع على البحر الأحمر، مع كل العواقب العالمية الخبيثة التي قد تترتب على ذلك".

 


التعليقات