شهدت منطقة الشرق الأوسط، الجمعة، حراكا دبلوماسيا مكثفا تركز على تطورات الملف السوري عقب سقوط نظام بشار الأسد، متضمنا 6 اتصالات هاتفية رفيعة المستوى وزيارتين لمسؤولين أمريكيين.
وأكدت التصريحات الرسمية الصادرة عن الدول المشاركة في هذا الحراك أهمية الحفاظ على وحدة سوريا واستقرارها، إلى جانب الدعوة لإطلاق عملية سياسية شاملة تضمن مشاركة جميع الأطراف دون استثناء.
وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، سيطرت الفصائل السورية على العاصمة دمشق وقبلها مدن أخرى، بعد انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، منهية بذلك 61 عاما من حكم حزب البعث، و53 عاما من حكم عائلة الأسد.
** 6 اتصالات هاتفية
الحراك الدبلوماسي بشأن سوريا، اليوم، شمل إجراء 6 اتصالات هاتفية شارك فيها زعماء ومسؤولون من الإمارات وقطر والكويت والعراق والأردن وروسيا واليونان وقبرص الرومية.
من بين هذه الاتصالات، أجرى وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد 3 مكالمات مع نظيريه الكويتي عبد الله علي اليحيا، والروسي سيرغي لافروف، ورئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن.
في الاتصال مع لافروف، أكد الجانبان "ضرورة تفعيل وتعزيز دور المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون".
كما شددا على "أهمية الالتزام وتفعيل قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، للتوصل إلى تسوية سياسية في سوريا، بما يلبي تطلعات الشعب السوري الشقيق نحو تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار"، وفق بيان للخارجية الإماراتية.
والقرار 2254 أصدره مجلس الأمن عام 2015، ويعرب عن الدعم لعملية سياسية تيسرها الأمم المتحدة في سوريا بقيادة سورية، وتقيم حكما ذا مصداقية يشمل الجميع، ولا يقوم على الطائفية، ويحدد جدولا زمنيا وعملية لصياغة دستور جديد.
وفي الاتصال مع اليحيا، أكد ابن زايد حرص بلاده على "وحدة سوريا وسيادتها ودعم جهود تحقيق الاستقرار والأمن المستدامين فيها وتلبية تطلعات شعبها الشقيق في التنمية والازدهار"، وفق وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية.
من جهتها، أبدت قبرص الرومية اهتماما بالملف السوري، حيث أجرى وزير خارجيتها كونستانتينوس كومبوس، اتصالا هاتفيا بالخصوص مع نظيره العراقي فؤاد حسين.
واستعرض الوزيران، خلال الاتصال، "التحديات الأمنية والسياسية المرتبطة بالوضع السوري، وتقييم تداعياته المستقبلية، وسبل التعامل معها"، وفق بيان للخارجية العراقية.
الملف السوري كان بندا رئيسيا على أجندة الدبلوماسية اليونانية، اليوم.
فقد أجرى رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس مباحثات هاتفية مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وملك الأردن عبد الله الثاني، ركزت على مستجدات الأوضاع في المنطقة، وخاصة على الساحة السورية.
وأكد ملك الأردن، خلال الاتصال، أن "ضمان أمن سوريا واستقرارها سيعزز أمن المنطقة واستقرارها"، لافتا إلى "ضرورة تنسيق الجهود الدولية بهذا الصدد"، وفق بيان للديوان الملكي الأردني.
** زيارتان لمسؤولين أمريكيين
إلى جانب الاتصالات الهاتفية، حضر الملف السوري بقوة في أجندة زيارتين لمسؤولين أمريكيين إلى المنطقة.
فقد أجرى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن زيارة مفاجئة للعراق اليوم، حيث التقى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
ووفق بيان لمكتب السوداني، "ناقش الطرفان تطورات الأوضاع في المنطقة، والأحداث الجارية في سوريا، وما تتطلبه من جهود إقليمية ودولية لتعزيز الأمن في سوريا واستقرار المنطقة بالكامل".
وفي اللقاء، جدد السوداني موقف العراق "بدعم سوريا وأهمية أن تضطلع الدول الصديقة بمساعدة السوريين في إعادة بناء دولتهم، ومواجهة التحديات التي قد تؤثر على السلم الأهلي فيها".
وشدد على "ضرورة تمثيل كل مكونات الشعب السوري في إدارة البلاد لضمان تعزيز استقرارها".
كما دعا السوداني إلى "ضرورة عدم السماح بالاعتداء على الأراضي السورية من أي جهة كانت"، معتبرا ذلك "تهديدا للأمن والاستقرار في المنطقة".
من جانبه، أكد بلينكن اتفاق الولايات المتحدة مع الجانب العراقي على "ضرورة احترام خيارات الشعب السوري، والعمل على تشكيل حكومة شاملة تعكس إرادة الشعب السوري وتنوع مكوناته".
ومستغلة إطاحة الفصائل السورية بنظام الأسد، كثفت إسرائيل في الأيام الأخيرة هجماتها الجوية مستهدفة مواقع عسكرية بأنحاء متفرقة من البلاد، في انتهاك صارخ لسيادتها.
كما أعلنت إسرائيل انهيار اتفاقية فض الاشتباك مع سوريا لعام 1974، وانتشار جيشها في المنطقة العازلة منزوعة السلاح بهضبة الجولان السورية التي تحتل معظم مساحتها منذ عام 1967، في خطوة نددت بها الأمم المتحدة ودول عربية.
على النحو ذاته، شغل الملف السوري جزءا مهما من أجندة مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان خلال زيارته لقطر اليوم، ولقائه رئيس الوزراء وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن.
فقد ذكر بيان لوزارة الخارجية القطرية أن ابن عبد الرحمن وسوليفان شددا خلال اللقاء "على ضرورة ضمان وحدة سوريا والعمل على انتقال سلمي للسلطة من خلال عملية سياسية جامعة استنادا إلى قرار مجلس الأمن 2254، وتعزيز جهود حماية المدنيين ومكافحة الإرهاب".