ولي عهد السعودية يعزز قبضته على السلطة باحتجاز الأمير الوليد
- رويترز الأحد, 05 نوفمبر, 2017 - 09:52 مساءً
ولي عهد السعودية يعزز قبضته على السلطة باحتجاز الأمير الوليد

[ الأمير الوليد بن طلال ]

عزز ملك السعودية المقبل قبضته على السلطة من خلال حملة لمكافحة الفساد بإلقاء القبض على أمراء ووزراء ومستثمرين بينهم الملياردير الأمير الوليد بن طلال أحد أبرز رجال الأعمال السعوديين.
 
ويستثمر الأمير الوليد بن طلال، ابن أخي الملك وصاحب شركة المملكة القابضة للاستثمار، في شركات مثل سيتي جروب وتويتر. وقال مسؤولان كبيران لرويترز يوم الأحد إن الأمير الوليد كان من بين 11 أميرا وأربعة وزراء حاليين وعشرات الوزراء السابقين جرى احتجازهم في وقت مبكر من صباح يوم الأحد.
 
وتم احتجاز الأمير متعب بن عبد الله وزير الحرس الوطني بعد عزله وحل الأمير خالد بن عياف محل الأمير متعب.
 
ووردت أنباء الاحتجاز في الساعات الأولى من صباح يوم الأحد بعدما أصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز أمرا ملكيا بتشكيل لجنة عليا جديدة لمكافحة الفساد برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يبلغ من العمر 32 عاما.
 
وتتمتع اللجنة الجديدة بسلطات واسعة النطاق من بينها التحقيق وإصدار أوامر القبض والمنع من السفر وكشف الحسابات والمحافظ وتجميدها وتتبع الأموال والأصول.
 
وقال الأمر الملكي ”لن تقوم للوطن قائمة ما لم يتم اجتثاث الفساد من جذوره ومحاسبة الفاسدين وكل من أضر بالبلد وتطاول على المال العام“.
 
وتعيد حملة الاحتجاز للأذهان قرارا اتخذه الملك سلمان في يونيو حزيران بتعيين ابنه الأمير محمد وليا للعهد بدلا من ابن عمه الأمير محمد بن نايف الذي أعفي أيضا من منصب وزير الداخلية.
 
وكان من المتوقع أن يمضي الأمير محمد قدما على الأقل بإعفاء الأمير متعب بن عبد الله من منصب وزير الحرس الوطني أحد مراكز القوى الرئيسية التي تضرب بجذورها في قبائل المملكة.
 
وخلال العام الماضي أصبح الأمير محمد صاحب القرار النهائي في شؤون الجيش والسياسات الخارجية والاقتصادية والاجتماعية مما أثار الغضب داخل أسرة آل سعود التي أصاب صعوده الصاروخي للسلطة بعض فروعها بالإحباط.
 
ونزلت السوق السعودية 1.5 في المئة في بداية تعاملات يوم الأحد قبل أن تتعافى نوعا ما.
 
قال الأمر الملكي إن عمليات الاحتجاز جاءت ”نظرا لما لاحظناه ولمسناه من استغلال من قبل بعض ضعاف النفوس الذين غلبوا مصالحهم الخاصة على المصلحة العامة واعتدوا على المال العام دون وازع من دين أو ضمير أو أخلاق أو وطنية“.
 
* أجندة الإصلاح
 
الخط الفاصل بين الأموال العامة وأموال الأسرة الحاكمة غير واضح دائما في السعودية التي لا يوجد بها برلمان منتخب.
 
وأظهرت برقيات ويكيليكس تفاصيل الرواتب الشهرية الضخمة التي بتلقاها كل أمير في الأسرة الحاكمة فضلا عن عدة برامج استثمارية استخدمها البعض للإنفاق ببذخ.
 
ويقول محللون إن هدف القرارات يتجاوز مكافحة الفساد إلى التخلص من أي معارضة محتملة لبرنامج الأمير محمد الإصلاحي الطموح.
 
وفي سبتمبر أيلول أعلنت السعودية أنها ستسمح للنساء بقيادة السيارات. ويسعى الأمير محمد لإنهاء عقود من التقاليد المحافظة في المملكة من خلال وسائل الترفيه وزيارات السائحين الأجانب. وعلى صعيد السياسة الاقتصادية قلص ولي العهد الإنفاق العام في بعض المجالات ويعتزم بيع الكثير من أصول الدولة ومن بين ذلك طرح جزء من شركة النفط العملاقة أرامكو المملوكة للدولة في الأسواق العالمية.
 
صورة من أرشيف رويتزر للملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال في الرياض .
وكتب جيمس دورسي وهو زميل كبير في كلية إس. راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة يقول إن الحملة الأخيرة تمثل خروجا على تقاليد التوافق والإجماع داخل الأسرة الحاكمة.
 
وتابع ”يعزز الأمير محمد -بدلا من السعي لتكوين تحالفات- قبضته الحديدية لتشمل الأسرة الحاكمة والجيش والحرس الوطني لمواجهة معارضة واسعة النطاق فيما يبدو داخل الأسرة والجيش لإصلاحاته ولحرب اليمن“.
 
وقال الباحث جوزيف كيتشيتشيان إنه مع ذلك ستظل مصالح آل سعود تحظى بالحماية.
 
وأضاف ”كل من الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد ملتزمان تماما تجاههم. ما يرغبان فيه ويبدو أنهما عازمان على تنفيذه هو تحديث المؤسسة الحاكمة ليس فقط من أجل رؤية 2030 ولكن لما وراء ذلك أيضا“.
 
وأشاد كثير من السعوديين بحملة الاحتجاز ووصفوها بأنها طال انتظارها.
 
* فندق فخم
 
ومن بين المحتجزين الآخرين وزير المالية السابق إبراهيم العساف وهو عضو في مجلس إدارة شركة أرامكو السعودية العملاقة للنفط ووزير الاقتصاد السابق عادل فقيه الذي لعب في يوم ما دورا كبيرا في وضع مسودة إصلاحات الأمير محمد والأمير السابق لمنطقة الرياض الأمير تركي بن عبد الله وخالد التويجري الذي كان رئيسا للديوان الملكي في عهد الملك الراحل عبد الله.
 
وأشاد أشخاص على تويتر باحتجاز وزراء بعينهم وقارنه البعض ”بليلة السكاكين الطويلة“ وهي حملة تطهير عنيفة طالت زعماء سياسيين في ألمانيا النازية عام 1934.
 
ومن المحتجزين أيضا بكر بن لادن رئيس مجموعة بن لادن السعودية الكبيرة للمقاولات والوليد آل إبراهيم مالك شبكة (إم.بي.سي) التلفزيونية.
 
وقالت مصادر على اتصال بالحكومة لرويترز إن السلطات أبقت على بعض المحتجزين في فندق ريتز كارلتون بالحي الدبلوماسي في الرياض.
 
وتم إغلاق البوابة الخارجية للفندق صباح يوم الأحد وأبعد الحرس مراسلا لرويترز وقالوا إن الفندق أغلق لدواع أمنية رغم أن سيارات خاصة وعربات إسعاف شوهدت تدخل عبر المدخل الخلفي.
 
وقبل 10 أيام أقيم في الفندق ومنشأة مجاورة له مؤتمر دولي للترويج للاستثمار في السعودية حضره واحد على الأقل من المحتجزين حاليا.
 
وصدرت قرارات الاحتجاز بعد حملة سعودية على المعارضين السياسيين في سبتمبر أيلول وشملت نحو 30 من رجال الدين والمثقفين والنشطاء.
 
وفي بعض الأحيان استخدم الأمير الوليد شهرته كمستثمر في توجيه التعليقات اللاذعة لحكام المملكة.
 
وفي ديسمبر كانون الأول 2015 وصف الأمير الوليد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي كان لا يزال مرشحا رئاسيا بأنه ”عار على أمريكا كلها“ وناشده عبر حسابه على موقع تويتر الانسحاب من الانتخابات.
 
ورد ترامب بكتابة تغريدة قال فيها ”يريد الأمير الوليد التحكم في السياسيين الأمريكيين بأموال والده. لن يمكنك فعل هذا عندما يتم انتخابي“.
 
ويعتبر والده الأمير طلال واحدا من أشد أنصار الإصلاح داخل الأسرة الحكمة ويدعو منذ عقود لإقامة ملكية دستورية.
 


التعليقات