تعز تدفع ضريبة مواجهة مشروع الحوثي لتدمير اليمن (تقرير)
- الخليج الاماراتية الخميس, 29 أكتوبر, 2015 - 02:29 مساءً
تعز تدفع ضريبة مواجهة مشروع الحوثي لتدمير اليمن (تقرير)

[ تعز تصدرت ثورة الشباب ضد صالح مبكراً ]

قالت صحيفة الخليج الإماراتية إن محافظة تعز دخلت  دائرة الأحداث العاصفة في اليمن في العاشر من شهر فبراير/‏‏شباط من العام 2011، عندما اندلعت فيها أول شرارة ثورة فبراير لإسقاط حكم الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح قبل أن تنتقل العدوى إلى العاصمة صنعاء، ومن ثم إلى بقية مناطق البلاد.

مئتا شاب كانوا نواة الثورة عندما افترشوا الأرض في ساحة الحرية بمدينة تعز، حيث أفاق اليمنيون على وقع أحداث تعز ومن ثم العنف الذي طال الثورة والثوار، وتجاوبت معها صنعاء ومن ثم بقية مناطق اليمن، ليصنع معها الشعب اليمني، وفي مقدمته الشباب، ثورة عدّها الكثيرون واحدة من أنبل ثورات الربيع العربي، والتي تمت مواجهتها بالقمع من قبل نظام صالح، حيث نكّل بالثوار قتلاً بالرصاص وإحراقاً داخل خيم الاعتصامات، حيث كان يقف وراءها أتباع النظام السابق والمستفيدون من بقائه.

قدمت تعز الكثير من الضحايا لانتصار الثورة، سواء ضد نظام الرئيس المخلوع خلال العام 2011، أو ضد الانقلابيين من حوثيين وأتباع للرئيس المخلوع خلال الفترة الأخيرة بعدما أغرق الانقلابيون المدينة بقذائف الموت.

كانت تعز تقف على الدوام في خط المواجهة الأول في الحدثين الكبيرين، فالمعارك الكبرى كان أبطالها أبناء تعز، سواء في محافظة تعز نفسها أو في بقية مناطق البلاد، بخاصة صنعاء، إذ إن الوقود المحرك للثورة الشبابية هم أبناء تعز المقيمون في صنعاء وغيرها.

وقدم أبناء تعز الكثير من أرواحهم في سبيل انتصار الثورة ضد المخلوع صالح الذي تنكّر لتعز ولأهلها الذين احتضنوا نظامه خلال ثلاثة عقود، لكنهم انتفضوا ضده عندما بدأت رياح التغيير تهبّ على اليمن، مثلما هبّت على بلدان عربية كثيرة أثناء ثورات الربيع العربي.

فعندما اندلعت ثورة الشباب في 13 فبراير/‏‏شباط من العام 2011، كان شباب تعز في مقدمة الصفوف، وكافأها الرئيس المخلوع بالبطش الذي لم يكن مبرراً، حيث قتلت القوات التابعة له العشرات من الشباب في محطات عدة، لكن أسوأها كانت في التاسع والعشرين من مايو عندما قامت قوات الأمن بإحراق خيام المعتصمين في ساحة الحرية التي كان يتجمع فيها الآلاف من شباب الثورة.

في تلك الليلة، ومع حلول الليل على مدينة تعز، كانت قوات الأمن والعصابات المسلحة تحاصر ميدان الحرية، وهو ساحة أصبحت مركزاً للتظاهر ضد نظام صالح في تلك الفترة، عندما أطلق المهاجمون النار على المتظاهرين من بنادقهم، قبل أن يشعلوا النار في خيام المتظاهرين، وداهموا المستشفيات القريبة، وخيمة طبية مملوءة بالمتظاهرين المصابين، وهدموا المخيم بالجرافات، ومع حلول الفجر، كانت المجزرة قد وقعت إذ قتل نحو 30 شخصاً حرقاً، وأصيب نحو 300 آخرين، ولم يشفع لتعز احتضانها للمخلوع صالح في بداية حكمه، فكافأها بالقتل والخراب والدمار.

حصار جائر
لم تدفع مدينة يمنية، باستثناء عدن، ضريبة الثورة ضد جماعة الحوثي، كما هو الحال في تعز، ولم تعد المدينة، كما يطلق عليها «الحالمة»، و«عاصمة الثقافة اليمنية» تمتلئ بالمعارض والفعاليات الثقافية، بل بالقبور، فمنذ انقلاب المتمردين الحوثيين على الشرعية في اليمن، كانت تعز في مقدمة الرافضين لهذا الانقلاب، لهذا عندما شنوا، ومعهم المخلوع صالح، الحرب ضد الشعب اليمني، كانت تعز في مقدمة المناطق المنتفضة ضدهم، وقد منعت وصول السلاح إلى عدن، التي بدأ الحوثيون باستهدافها بحكم وجود الرئيس عبدربه منصور هادي فيها.

وفرضت جماعة الحوثي والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح منذ أشهر عدة حصاراً خانقاً على مدينة تعز، بهدف تجويع سكانها وتركيعهم، بهدف النيل من المقاومة التي تصدت لمشروعهم التخريبي الذي بدأ قبل سبعة أشهر، عندما اجتاح حليفا الشر ( الحوثي وصالح ) مدناً عدة، من بينها تعز، إضافة إلى عدن.

وتحاصر محافظة تعز العديد من الألوية العسكرية التي كانت تدين بالولاء للرئيس المخلوع صالح وأنصاره، في وقت زاد الحوثي من تعزيز هذه الألوية بالمزيد من المقاتلين القبليين القادمين من محافظات الشمال.

ويتخذ الحصار الذي تفرضه قوات الحليفين أشكالاً عدة، من بينها منع دخول المواد الغذائية والمياه إلى مدينة عرف عنها بأنها مدينة تفتقر إلى مشاريع مياه، لم يتمكن المخلوع صالح من إنشائها طوال مدة حكمه الممتدة إلى أكثر من 3 عقود، إضافة إلى افتقار المدينة إلى المستلزمات الضرورية الأخرى، مثل الأدوية وغيرها.

وحذرت منظمات دولية من الوضع الكارثي الذي تعيشه مدينة تعز، حيث يصعب على المنظمات الصحية المحلية والدولية الدخول إلى المدينة، لتقديم الرعاية الصحية للمحاصرين في شوارعها وأزقتها، في واحدة من أسوأ المحطات التي عاشتها تعز على مر تاريخها.

ويؤكد تقرير للصليب الأحمر في اليمن أن الوضع في تعز سيئ للغاية، حتى بمقاييس الظروف المريعة التي تشهدها جميع مناطق اليمن، مشيراً إلى أن أكثر من ستة أشهر من تصاعد القتال في المدينة تسببت بإغلاق المستشفيات في تعز، ومعاناة السكان نتيجة النقص الحاد في الماء والغذاء والكهرباء والغاز والوقود. ومارس الحوثيون وصالح أشد أنواع العقاب والحرمان ضد السكان، وأمطروا مدنها وقراها بمئات القذائف، وأحرقوا الكثير من المزارع والمساكن، ودمروا الكثير من المعالم السياحية، من بينها منتزه الشيخ زايد بن سلطان، وقلعة القاهرة وغيرهما، وعملوا على تغيير ملامح المدينة بتقسيمها إلى مربعات أمنية.

 وعلق وزير الثقافة والسياحة السابق خالد الرويشان على ذلك بقوله إن القتلة «يضربون المنازل بسكانها، ويحرقون تعز التي لا تزال تطعم اليمن من سمنها ولبنها وجبنها وحلوياتها وبسكويتها، بل ويكافئونها بقذائف الموت وقتل الأطفال وضرب المنازل بوحشية لن يغفرها التاريخ، ولن تغفرها اليمن».

ويتساءل الرويشان: «كيف يمكن ليمني أن يضرب مدينة يمنية مأهولة بالسكان بهذه الطريقة؟ بل كيف لإنسان أن يفعل ذلك وبلا سبب؟ ماذا فعلت تعز كي يتم ضربها على مدار الساعة؟ ».

وخاطب الرويشان المتمردين الحوثيين بالقول: «لاحظوا أن عدن لم تجر وراءكم، وأن تعز لم تذهب لقتال أحد في أي مكان، أنتم من أتيتم تقاتلون وتدمرون (... ) هل تدركون خطورة ماتفعلون بالنسبة إلى المستقبل؟ (... ) أعرف أنكم تدركون ما تفعلون، مع سبق الإصرار والترصد، الذي تقترفونه الآن لم يقترفه أحد في تاريخ اليمن».

وكانت مسيرة الماء التي منع الحوثيون من وصول منظميها إلى تعز تعبيراً عن الوضع الذي تعيشه مدينة تعز، حيث تحاصر قوات الحوثيين وصالح المدينة من المنفذ الرئيسي لها، والواقع في منطقة الحوبان.

معارك وبطولات
يسطر أبناء تعز بطولات كبيرة في مواجهة الوحشية والهمجية التي تنتهجها جماعة الحوثي والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح ضد تعز، وقد خاضت المقاومة الشعبية خلال الأشهر الماضية مواجهات شرسة ضد الآلة العسكرية التي أمطرت سكان المدينة بمئات القذائف وصواريخ الكاتيوشا أودت بحياة المئات من الناس وأصابت مئات آخرين، إضافة إلى إلحاق أضرار بمنازل المواطنين.

وتمكنت المقاومة خلال الأسابيع القليلة الماضية من تحقيق انتصارات عدة في معاركها ضد ميليشيات الحوثي وصالح، وتمكنت بمساندة من قوات التحالف من تحرير أجزاء كبيرة من المحافظة، من بينها باب المندب وجزء كبير من منطقة المخا.

وبحسب المصادر المحلية في مدينة تعز؛ فإن المقاومة تسيطر على ما يقرب من 70 % من مساحة المدينة، فيما يتحكم الحوثيون وقوات صالح بالنسبة الباقية، خاصة تلك التي ترتبط بمحافظة إب المجاورة. ورغم الدمار الذي ألحقته الآلة العسكرية بمصالح أبناء المدينة وخسارة الكثير منهم منازلهم ومحالهم التجارية، التي استهدفها الحوثيون؛ فإن جبهات القتال تشهد يومياً موجات إضافية من رجال المقاومة، شباباً ورجالاً ونساء على حد سواء.

وفي المناطق التي تسيطر عليها، تنتظم المقاومة للدفاع عن الأحياء وحماية الناس من أي اختراقات من قبل جماعة الحوثي وموالي صالح، بخاصة وأن الكثير من أصحاب النفوس الضعيفة ما زالوا قادرين على الإضرار بالناس ومصالحهم، وخلال الأسابيع القليلة الماضية أمنت المقاومة الأحياء التي تسيطر عليها، بل وامتدت سيطرتها إلى مناطق أخرى لم تكن تحت سيطرتها، بخاصة المحيطة بالقصر الجمهوري، التي تمكنت المقاومة من بسط نفوذها عليها خلال المعارك الأخيرة. وكانت سيطرة المقاومة على جبل جرة الاستراتيجي، الذي خسرت من أجله ميليشيا الحوثي وصالح الكثير من أنصارها من أجل استعادة السيطرة عليه، واحدة من أهم الإنجازات التي حققتها المقاومة، خاصة أنه يطل على مرتفع في المدينة، وقد هبت تعز بريفها لنصرة المقاومة حيث تشهد مناطق عدة انتفاضة ضد الحوثيين، وترفد المقاومة بما لديها من إمكانات لتتمكن من الصمود في وجه الميليشيات التي عاثت فساداً في المدينة وخربت النفوس قبل الأبنية.

تعز تخلد زايد
ما إن يذكر اسم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في أي محفل، بسيطاً كان أو كبيراً في اليمن، حتى يسمع المرء عبارات الثناء والتقدير لرجل ارتبط اسمه بكل خير للبلاد، ويتساوى في ذلك المشتغل في السياسة مع المواطن، الرجل والمرأة، وهذه حقيقة لا جدل فيها ولا مزايدة، ولعله الشخصية العامة الأولى التي يجمع عليها اليمنيون تقديراً واحتراماً له ولدوره في إعادة تعمير اليمن خلال ثمانينات القرن الماضي.

وخلد اسم الشيخ زايد بصور شتى في اليمن، ابتداء من سد مأرب في محافظة مأرب، وفي صنعاء بإنشاء مستشفى زايد الذي تم افتتاحه في وقت سابق من العام الماضي في العاصمة صنعاء، وفي عدن بحي عبدالعزيز عبدالولي السكني، وغيرها الكثير من المشاريع.

وفي تعز يخلد اسم المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان بالمنتزه الذي يحمل اسمه، والواقع في أعلى قمة بمدينة تعز، المعروفة بقمة جبل صبر، حيث بني المنتزه على نفقة الشيخ زايد، رحمه الله، خلال ثمانينات القرن الماضي. وقد كان خلال السنوات القليلة الماضية متنفساً مهماً لسكان تعز ومقصداً سياحياً جميلا للقادمين إليها من خارجها، بخاصة وأن المتنزه يقع في أعلى قمة تطل على المدينة ويستطيع الموجود فيه أن يتمتع بجمال منظر المدينة من كل زواياها.


التعليقات