مستشفيات تعز في دائرة الانهيار والقتل المتعمّد (تقرير)
- البيان الاماراتية الخميس, 19 نوفمبر, 2015 - 01:40 مساءً
مستشفيات تعز في دائرة الانهيار والقتل المتعمّد (تقرير)

[ في مستشفى للاطفال بتعز ]

شددت منظمة مواطنة اليمنية لحقوق الإنسان، أنه على مليشيات الحوثي المسلحة، والرئيس المخلوع علي صالح، سرعة الاستجابة لنداءات الاستغاثة العاجلة، ورفع الحظر الذي تفرضه على دخول الأدوية والمستلزمات الطبية والمواد التشغيلية، خاصة الوقود ومادة الأوكسجين، إلى ما تبقى من مستشفيات توشك على التوقف، وهو ما يهدد حياة مئات المدنيين في مدينة تعز جنوبي اليمن.
وأكدت المنظمة، أن حرمان المدنيين، سواء المرضى أو ضحايا الصراع الجاري، من بقايا الخدمة الطبية المتوفرة في المدينة، وتسبب الحصار بانهيارها، يمثل انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان، وخرقاً واضحاً للقانون الإنساني الدولي، ويرقى إلى مستوى جرائم الحرب. وحملت قوات ميلشيا الحوثي والرئيس المخلوع صالح، مسؤولية ما يسفر عنه حصارها الخانق، من تداعيات كارثية، تضع حياة مئات المدنيين في خطر وشيك، نتيجة منع وصول الاحتياجات العلاجية ومشتقات الوقود الأساسية إلى المستشفيات والمراكز الطبية، التي لا تزال تعمل في ظروف بالغة السوء في المدينة.
تدهور واحتضار
وخلصت زيارة قام بها فريق منظمة مواطنة إلى المدينة، خلال الفترة من 28 إلى 31 أكتوبر 2015، إلى أن ما تبقى من مستشفيات المدينة، تعيش أوضاعاً قاسية من الاحتضار والتدهور المريع في الخدمات، نتيجة انعدام المواد العلاجية والتشغيلية الأساسية فيها، والتي تمنع ميلشيا الحوثي وصالح وصولها إلى هذه المستشفيات، وتحظر دخولها عبر النقاط والممرات الرئيسة التي تسيطر عليها.
شهادات
ورصد الفريق أثناء الزيارة، عدداً من الشهادات لمسؤولي هذه المستشفيات، توثق حالتها وافتقارها الحاد لأهم الاحتياجات، بما في ذلك الأدوية والأوكسجين والمحاليل الطبية والوقود والمياه المقطرة، بالإضافة إلى تعرض بعض هذه المستشفيات للهجمات بالقذائف الحوثية.
حصار خانق
وتجول الفريق في مدينة تعز، التي تعيش أوضاعاً معيشية في غاية التدني، وظروفاً إنسانية بالغة السوء، نتيجة القتال المحتدم فيها منذ مارس الماضي، واستمرار فرض قوات الحوثي وصالح حصاراً خانقاً على المدينة منذ نحو شهر. والتقى فريق المنظمة مع مسؤولي أربعة مستشفيات: المستشفى الجمهوري التعليمي العام، وهيئة مستشفى الثورة العام، ومستشفى الروضة، ومستشفى الصفوة.
ويعتبر المستشفى الجمهوري، أحد المستشفيات الحكومية في المدينة، وتبلغ طاقته الاستيعابية في الظروف الطبيعية قبل اندلاع الحرب، حوالي 500 سرير، وبكادر يقدر بـ 600 موظف.
وقال أحد المسؤولين في المستشفى، إنه حالياً يعمل المستشفى بطاقة استيعابية تقدر بـ 80 سريراً، وثلاثة في المئة من القوة البشرية التي يحتاجها المستشفى لتشغليه بشكل كامل، حيث إن معظم العاملين فيه حالياً من المتطوعين، كما أفاد أحد المسؤولين في المستشفى. وأوضح أنه، وإلى جانب تعرض مبنى المستشفى إلى أضرار كبيرة، جراء القتال الدائر، وموقعه في منطقة الاشتباكات سابقاً، فإن المستشفى عاجز عن تأدية عمله بأكمل وجه، بسبب انعدام الطاقة وشح المحروقات والأدوية والمياه.
مهدد بالإغلاق
وقال المسؤول: إنه هناك حوالي 12 ألفاً و500 لتر من مادة الديزل، ما زالت محتجزة في مخازن شركة النفط اليمنية، والتي لم تصل إلى المستشفى. «استطعنا الحصول على بعض الأدوية، وبشكل محدود للغاية، عبر تهريبها من قبل أشخاص، لكن الأهم هو توفر المحروقات، وبدونها لا نستطيع عمل شيء. المستشفى مهدد بالإغلاق بشكل كلي، إذا لم تتوفر المحروقات». وبحسب ما ذكره، فإن قسم الكلية مهدد بالإغلاق، إذا لم تتوفر المحاليل والمحروقات.
حصار الأوكسجين
 
وواصل المسؤول: «كما لم يستطع المستشفى إدخال أدوية الإسعاف وأدوية ومحاليل الغسيل الكلوي، بسبب الحصار المفروض على المدينة. ولم يستطع المستشفى الحصول على دعم إحدى المنظمات الدولية الطبية لذات السبب. وبحسب إفادته، أشار المسؤول إلى أن المستشفى يمتلك، وقتئذ، أسطوانتين اثنتين فقط من مادة الأكسجين، ما يهدد استمرار عمل المستشفى في ظل هذه الظروف الحرجة».
المشتقات النفطية
ويعد مستشفى الروضة، أحد المستشفيات الخاصة في مدينة تعز، وتصل طاقته الاستيعابية إلى حوالي 96 سريراً، ويعمل بقوة بشرية تقدر بـ 250 موظفاً، بحسب ما ذكره سهيل الذبحاني المدير العام للمستشفى. وأكد أن انعدام المشتقات النفطية، وارتفاع أسعارها في السوق السوداء، إلى جانب انعدام مادة الأكسجين، من أبرز المعوقات التي تواجه المستشفى وتهدد بانهياره.
أما مستشفى الثورة العام، فهو أحد المستشفيات الحكومية في المدينة، وتبلغ طاقته الاستيعابية حوالي 400 سرير، وبقوة بشرية تقدر بـ 750 موظفاً. ومع اندلاع الحرب خلال العام الجاري، تقلصت قدرته الاستيعابية إلى حوالي 120 سريراً، وتقلص عدد العاملين فيه إلى حوالي 145 موظفاً، بحسب حديث الدكتور أحمد الدميني مدير أحد الأقسام بالمستشفى. وقال الدميني: «بسبب الحصار المفروض على المدينة، لا تصل إلى المستشفى المحروقات والأدوية والمستلزمات الطبية وأسطوانات الأكسجين. كما أن جهاز فحص الدم العام، لا يزال محتجزاً في أحد مداخل المدينة.
أقسام مغلقة
وشدد الدميني أن هناك احتياجاً طارئاً لإدخال 16 أسطوانة أوكسجين إلى قسم الغسيل الكلوي في المستشفى، ولم يتم السماح بمرورها من نقطة تفتيش ثعبات، من قبل مندوب جماعة الحوثي، رغم وجود التصاريح اللازمة لدخولها.
وذكر أن جميع أقسام المستشفى مغلقة، بسبب الوضع المتردي الذي يشهده المستشفى، باستثناء قسم حمى الضنك والمركز الجراحي وقسم الكلية الصناعية. وقال: «لا نستطيع استقبال حتى حالات الولادة، ومنذ 28 أكتوبر 2015، نقوم بتحويل الحالات التي يتم استقبالها إلى مستشفى آخر».
وأشار الدميني إلى أن المستشفى يحصل على بعض الأدوية التي يتم تهريبها إلى داخل المدينة، ولكن بأسعار باهظة.
وفي مستشفى الصفوة، وهو أحد المستشفيات الخاصة في مدينة تعز، وتصل طاقته الاستيعابية إلى حوالي 60 سريراً، ويعمل بطاقة بشرية تقدر بـ 118 موظفاً، بحسب ما قاله الدكتور مرتضى الهويش مدير عام المستشفى.
وذكر الهويش أن شركة النفط اليمنية، لم تقم بصرف كميات المحروقات المخصصة للمستشفى، على الرغم من دفع المستحقات المالية منذ أكثر من شهر ونصف، ما يدفع المستشفى إلى شراء المحروقات من السوق السوداء بشكل يومي، وبأسعار مضاعفة. وأشار إلى أن المستشفى أغلق منذ مايو وحتى يوليو 2015، بسبب انعدام المشتقات النفطية، وفي حال استمرار هذا الوضع، فإن المستشفى سيبدأ بالإغلاق بصورة تدريجية.
العناية المركزة
وأضاف: إنه في حال انعدمت مادة الأكسجين، فسيتوقف قسم العناية المركزة وغرفة العمليات. ويوجد حالياً في مخزن المستشفى 12 أسطوانة أكسجين، ونعمل بصورة متقشفة، بسبب منع نقاط التفتيش لموردي مادة الأكسجين من الدخول إلى المدينة من المدخلين الشرقي والغربي للمدينة. وذكر الهويش، أن المستشفى يعاني من شح المستلزمات الطبية لغرف العمليات والعلاجات الطبية، وكذلك شح وانعدام الماء المقطر والمحاليل المخبرية والطبية بسبب الحصار.
خنق للحياة
وطبقاً للهويش، فإن: الحصار أدى إلى خنق كامل لحياة المستشفيات.
رفع الحصار
وقالت رئيسة منظمة مواطنة لحقوق الإنسان، رضية المتوكل، لـ «البيان»: إنه على قوات جماعة الحوثي وصالح، سرعة الاستجابة للحالة الإنسانية المريعة في المدينة، ورفع الحصار عن المواد الأساسية للحياة بشكل عام، ورفع الحظر عن المواد العلاجية والتشغيلية للمستشفيات بشكل خاص، والكف عن سياسة العقاب الجماعي، التي تخاطر بحياة مئات المدنيين العُزل.
دائرة الانهيار
وأضافت المتوكل، أنه، وبالإضافة إلى حالة التدهور التي تشهدها المستشفيات اليمنية بشكل عام، نتيجة شح الأدوية والمستلزمات الطبية، بسبب حصار المليشيات الحوثية لتعز، فإن حالة مستشفيات مدينة تعز، بلغ مستويات غاية الخطورة، وأصبحت جميعها في دائرة الانهيار، مع استمرار الحصار الخانق الذي تفرضه قوات صالح والحوثي على المدينة منذ نحو شهر. وأكدت أن تعمد استهداف المدنيين وحرمانهم من الإمدادات الأساسية للحياة، مثل المياه والغذاء والدواء، يعد جريمة حرب، وانتهاكاً جسيماً للقانون الإنساني الدولي، وحقوق الإنسان، على حد سواء.
 


التعليقات