لماذا سلَّم "أبو العباس" وقرر الانسحاب من تعز؟
- الجزيرة نت الاربعاء, 29 أغسطس, 2018 - 05:07 مساءً
لماذا سلَّم

[  كتائب أبو العباس سيطرت في السابق على مواقع مهمة في تعز أبرزها قلعة القاهرة ومبنى الاستخبارات (مواقع التواصل) ]

دعا قائد كتائب أبو العباس العقيد عادل عبده فارع الذبحاني، المُكنّى بـ"أبو العباس" في 25 من الشهر الجاري أفراده للخروج من مدينة تعز (جنوب غربي اليمن)، بعد تسليمه المباني والمنشآت والمواقع التي كانت تحت سيطرة كتائبه إلى لجنة رئاسية شكلها رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي في 11 من الشهر الجاري.
 
وكان أبو العباس -المدعوم من الإمارات- سيطر على معظم تلك المواقع، وأهمها قلعة القاهرة، ومبنى جهاز الأمن السياسي (الاستخبارات الوطنية)، في يناير/كانون الثاني 2017، بعد عملية عسكرية سريعة، تمكن خلالها من انتزاعها من قوات تابعة للجيش الوطني.
 
ومنذ ذلك الحين، ظل أبو العباس يرفض إعادة تسليمها للجيش، رغم تشكيل عدد من اللجان لهذا الغرض، بينها لجان رئاسية سابقة، إلا أنه اضطر مؤخرا إلى تسليمها بعد مواجهات عسكرية مع قوات الحملة الأمنية التي تشكلت في أواخر أبريل/نيسان الماضي لمطاردة ما أطلق عليها "الجماعات الخارجة عن النظام والقانون".
 
وهي الحملة التي كانت توقفت بأمر من محافظ تعز أمين محمود، بعد أيام من إطلاقها، لتستأنف عملياتها مطلع هذا الشهر، بعد عودة عمليات اغتيال أفراد من الجيش الوطني في المربعات المحسوبة على كتائب "أبو العباس".
 
ويُتهم أبو العباس -الذي كان له دور فاعل في مقاتلة الحوثيين في تعز- بإيواء وحماية مسلحين متهمين بارتكاب عدد من تلك الاغتيالات، وأكدت بيانات صحفية سابقة عن اللواء 22 ميكا (مقر عملياته بمدينة تعز) أن عدد من تم اغتيالهم من الجنود والضباط بتعز تجاوز ثلاثمئة فرد، ومعظمهم من اللواء 22 ميكا.
 
لماذا التسليم الآن؟
 
وبعد التسليم ودعوته أفراده لمغادرة تعز، أثيرت تساؤلات عن الأسباب التي دعت أبو العباس إلى ذلك، في وقت كان يعتقد على نطاق واسع أن داعميه الإماراتيين يعدونه للسيطرة الكاملة على المدينة، كما هي حال الحزام الأمني في عدن والمحافظات الجنوبية؟
 
إزاء ذلك، اعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحديدة والمتواجد في تعز فيصل الحذيفي أن الرفض الاجتماعي لفكرة الحزام الأمني شعبيا ومن القوى السياسية والمجتمع المدني، وعسكريا من الجيش الوطني، وغياب الحاضنة الشعبية بتعز للجماعات المتشددة؛ أدت إلى فشل مشروع أبو العباس.
 
وأضاف للجزيرة نت أن وجود تكوين متماسك للجيش بتعز رفضت قياداته الانخراط للعمل خارج السلطة الشرعية، صعّب على التدخلات الخارجية اختراقه للحصول على أرضية قابلة لخلق كيان مواز يمكن الاعتماد عليه؛ الأمر الذي دفع الأطراف الخارجية الداعمة لأبو العباس للتخلي عن مشروعه في تعز.
 
وفي وقت سابق، سعت الإمارات إلى تشكيل قوات حزام أمني بتعز، تسند مهمتها إلى كتائب أبو العباس، بحسب قائد عسكري تحدث مع الجزيرة نت، شريطة السرية لحساسية الأمر.
 
وأضاف أنه بعد أن خرجت جماهير غفيرة بتعز تعلن رفضها لأي تشكيلات من هذا القبيل، أرجأت الإمارات الفكرة، ثم ذهبت لدعم فصائل أخرى، بعضها أنشقت عن أبو العباس، ودعمتها بالمال والسلاح والتدريب لتأهيلها لهذه المهمة.
 
فشل الحزام الأمني
 
وعلى ضوء ذلك، أصبح يُعتقد لاحقا بأن الاغتيالات التي تسارعت وانتشرت في تعز بصورة كبيرة ضد جنود وضباط الجيش، كان الهدف منها إيجاد المبرر لتشكيل حزام أمني.
 
إلا أن تماسك الجيش -بحسب الحذيفي- أفشل ذلك المخطط. وكان يشير في ذلك إلى إصرار قيادة الجيش على تنفيذ حملة أمنية واسعة ومنظمة لمطاردة الخارجين عن القانون والمتسببين في تلك الاغتيالات، رغم الآلة الإعلامية المدعومة من الإمارات التي حاولت تشويه تلك الحملة من خلال تصويرها على أنها مواجهات مسلحة بين فصيلين مختلفين (السلفيين وحزب الإصلاح الإسلامي).
 
وهو ما نفاه حزب الإصلاح وقيادة محور تعز واللجنة الرئاسية، في بيانات وكل على حدة.
 
وخلص الحذيفي إلى أنه وبسبب هذه الصعوبات، وتوسع الرفض الشعبي لفكرة التدخل الإماراتي، والتسليم لأي قوة موازية للسلطة الشرعية، والحزم الذي أبدته قيادة الجيش بتعز؛ لم تكن أمام أبو العباس خيارات أخرى غير التسليم.
 
وأضاف "هذا ما يبدو ظاهريا، ولا يستبعد أن يكون هناك سيناريو آخر يتم إعداده على نحو مختلف".
 
وهو ما لم يستبعده مراقبون أيضا، خاصة أن محافظ تعز -الذي يقال إنه مدعوم من الإمارات- حث أبو العباس وأفراد كتيبته على العدول عن قرار الانسحاب من تعز.


التعليقات