الغارديان: مساعدات أسترالية سخية لليمن.. ماذا عن صفقات السلاح؟
- عربي21 الاربعاء, 30 يناير, 2019 - 02:22 مساءً
الغارديان: مساعدات أسترالية سخية لليمن.. ماذا عن صفقات السلاح؟

[ الغارديان: على أستراليا ألا تقوض تمويلها الإنساني بإصدار رخص تصدير الأسلحة - جيتي ]

نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا لنائب رئيس مؤسسة "أنقذوا الأطفال في اليمن"، جايسون لي، يقول فيه إنه يجب أن تتوقف الصادرات العسكرية إلى المملكة العربية السعودية إذا كنا جادين في إنهاء الحرب التي دامت أربع سنوات، وأودت بحياة 85 ألف طفل.

 

ويقول الكاتب: "وصلت قبل 15 شهرا إلى اليمن، الذي يعاني من أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وعملت أكثر من عقد في العمل الإنساني، وأرسلت إلى مناطق طوارئ، مثل أفغانستان وسيراليون وزمبابوي وتيمور ليشتي، لكن لا شيء هيأني لمواجهة هذا الأمر".

 

ويعلق لي في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، قائلا إن "نطاق المعاناة في اليمن واسع لدرجة يصعب استيعابه".

 

ويقول الكاتب: "لقد زرت حديثا مركزا للتغذية تابعا لمؤسسة (أنقذوا الأطفال) بالقرب من مدينة الحديدة، حيث شاهدت رضيعا عمره 8 أشهر يعالج في المركز بسبب سوء التغذية، كان وجهه نحيلا، وأضلاعه بارزة، وكان بين الحياة والموت، وكان أخوه البالغ من العمر 18 شهرا قد مات قبل فترة وجيزة بسبب حمى أصابته".

 

ويضيف لي: "مع أنني كنت أعلم بأن آلاف الأطفال يعانون من سوء التغذية وإعاقة النمو، إلا أنني لم أستطع أن أخفي صدمتي عندما رأيت هذا الطفل الذي كان وزنه 4 كيلوغرامات، أي نصف المعدل لسنه".

 

ويعلق الكاتب قائلا: "لقد أصابني حزن عميق، حيث ذهب ذهني مباشرة إلى ابنة أخي البالغ عمرها 10 أشهر، وهي الحفيدة الأولى لوالدي، إنها مصدر سعادة لعائلتي: مليئة بالحياة، ونابضة بالحياة ولطيفة وفضولية، والأهم من ذلك أنها بصحة جيدة وفي أمن، لم أستطع إلا أن أقارن بين الطفلين والحياة التي ولد كل منهما فيها، وبالرغم من الأثر الذي تركه لقاء هذا الطفل علي، إلا أن قصته ووضعه ليسا فريدين".

 

ويقول لي: "هنا في اليمن يموت طفل كل عشر دقائق بسبب سوء التغذية وأمراض يمكن الوقاية منها، ويقدر عدد الأطفال الذين ماتوا منذ بدء الصراع قبل حوالي 4 سنوات بحوالي 85 ألف طفل، فكم يستطيع أطفال اليمن أن يتحملوا؟".

 

ويضيف الكاتب: "على مدى 15 شهرا رأيت بأم عيني المصاعب التي يواجهها الأطفال، نتيجة مباشرة لصراع غير ضروري ويمكن تجنبه في هذا البلد المنسي، الذي لا يزيد عدد سكانه على عدد سكان أستراليا".

 

ويتابع لي قائلا: "لا أستطيع تذكر وقت آخر في حياتي شاهدت فيه هذا المستوى من اليأس والجوع، وفي الوقت ذاته قابلت فيه بعض الناس الأكثر لطفا الذين رحبوا بي في بيوتهم، بالرغم من كونهم بالكاد يملكون ما يسد رمقهم، لطفهم ومقدرتهم على التحمل كانا مصدر إلهام لي، كما حظيت بالسفر في أجزاء مختلفة من اليمن، بلد جميل ذو جبال وعرة وسهول خصبة وتاريخ غني يعود لآلاف السنين".

 

ويشير الكاتب إلى أن "اليمن كان قبل الحرب يدرج على قوائم مناطق المغامرة للمسافرين، والآن أصبح إحدى أكثر مناطق العالم خطورة للأطفال".

 

ويجد لي أن "ضحايا هذا الصراع المجنون يذهب أبعد من الإصابات الجسدية للأطفال خلال المعارك، والغارات الجوية، وظهور الأمراض المعدية والقابلة للمكافحة، مثل الكوليرا والدفتيريا، التي يفاقمها نظام صحي تحت ضغط غير عادي".

 

ويلفت الكاتب إلى أن "جيلا من الأطفال اليمنيين سرقت طفولتهم وخسروا التعليم، هؤلاء الأطفال هم مستقبل هذا البلد -مدرسو وأطباء ومحاسبو الغد- لكن كيف يمكنهم تحقيق ذلك دون أن يتعلموا القراءة والكتابة؟ وماذا عن حالة الكرب والصدمة والمشكلات النفسية للأطفال الذين شاهدوا عنفا شديدا وسفك دماء؟ وكيف سيتعافى الأطفال من هذا كله عندما تضع الحرب أوزارها؟".

 

وينوه لي إلى أن "أستراليا كانت من ناحيتها سخية غي المساعدات الإنسانية للأزمة اليمنية، فتمويلها ساعد في البدء في مهمة إعادة بناء النظام الصحي حتى تستطيع النساء وضع أطفالهن في مستشفيات مناسبة، ويصلن إلى العناية والعلاج اللازمين، بالإضافة إلى أن مؤسسة (أنقذوا الأطفال) استعانت بتمويل أسترالي لتوفير الماء النظيف والغذاء للعائلات وللمساعدة في منع انتشار الكوليرا".

 

ويستدرك الكاتب بأنه "مع ذلك فإنه يقلقني أن أستراليا لم تكن إلى الآن مستعدة للكشف عن تفاصيل صادراتها العسكرية لأطراف النزاع، مثل السعودية، المتهمة بارتكاب انتهاكات خطيرة لقانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي ضد مدنيين، بينهم الأطفال".

 

ويؤكد لي أن "الإمدادات بالأسلحة من أكثر الدول ثراء ساعد على استمرار الحرب على مدى السنوات الأربع الماضية، حتى وصل الصراع إلى مستوى أعلى من الترويع للأطفال".

 

ويعلق الكاتب قائلا: "هذا ببساطة غير مقبول، وأنا أحث أستراليا على ألا تقوض تمويلها الإنساني بإصدار رخص تصدير الأسلحة، ويجب إعادة النظر في الرخص التي تمت المصادقة عليها للسعودية وغيرها من أطراف الصراع".

 

ويفيد لي بأن "دولا أخرى، بينها بلجيكا والنرويج وألمانيا وهولندا، قامت بالتوقف عن إصدار رخص تصدير الأسلحة للسعودية أو تجميدها".

 

ويستدرك الكاتب بأنه "بالرغم من الدمار الذي لم أشاهد مثله فإنه لا يزال يحدوني الأمل، ووصلت المساعدات الغذائية هذا الأسبوع لأول مرة في ستة أشهر منطقتي التحيتة والدراهمي جنوب الحديدة، وهي خط الجبهة الأمامي في الصراع، وكان هذا ممكنا بسبب التهدئة في القتال منذ أن بدأت مفاوضات السلام في كانون الأول/ ديسمبر، ومع أن الوضع لا يزال هشا ومتوترا، إلا أن هذا يعد تحسنا".

 

ويقول لي: "عندما أقوم بزيارة المجتمعات المستفيدة من المساعدات الأسترالية أجد الترحيب والتقدير بأن حكومتي، في ذلك البلد البعيد الذي يبدو مثاليا، تقدم تلك المساعدات، إنه أمر يجب أن نكون جميعا فخورين به".

 

ويختم الكاتب مقاله بالقول: "مع أنها لا تزال أكثر من بارقة أمل، إلا أن مفاوضات السلام مؤخرا جلبت شعورا بالأمل بأن الصراع يمكن أن ينتهي قريبا، ويسمح لليمنيين ببدء إعادة بناء حياتهم من جديد، وسيتحول بكاء الأطفال إلى ضحك، ويكون مشوار التعافي الطويل قد بدأ".


التعليقات