[ غارات للتحالف استهدفت مدنيين بأحياء سكنية في اليمن ]
بالتزامن مع دخول الحرب الأهلية في اليمن عامها الخامس، ومرور أربع سنوات على عملية "عاصفة الحزم" العسكرية بقيادة السعودية والإمارات، والتي تدخل عامها الخامس أيضا، ينشر "الموقع بوست" سلسلة تقارير يسلط من خلالها الضوء على النتائج الكارثية للتدخل السعودي الإماراتي في البلاد، رغم أن ذلك كان بذريعة القضاء على الانقلاب وإعادة السلطة اليمنية الشرعية، واستئناف العملية السياسية وفقا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.
وبالرغم من الآثار الكارثية لانقلاب تحالف الحوثيين وعلي صالح على السلطة الشرعية، وتمكن التحالف العربي في بداية التدخل العسكري من إرباك الانقلابيين بفعل نجاحه في تدمير الكثير من أسلحتهم الثقيلة وتقزيم قوتهم، وأيضا دعم الجيش الوطني والمقاومة الشعبية بالأسلحة، إلا أن هذا التدخل انحرف عن مساره، بعد انكشاف خريطة الانقسامات في البلاد أمام السعودية ودولة الإمارات بشكل واضح، وظهور شخصيات انتهازية مستعدة للبيع والشراء في الثوابت الوطنية، أو بادرت إلى عرض خدماتها بعد أن برز دور المال السياسي الأجنبي كأحد أهم عوامل الاستقطاب والإغراء والتأثير في المشهد السياسي اليمني، خاصة في ظل غياب حكومة قوية وقوانين رادعة تجرم ذلك، إضافة إلى الأوضاع الاستثنائية التي تمر بها البلاد.
وبعد مرور أربع سنوات على الحرب واندلاع عملية "عاصفة الحزم" العسكرية، تبرز الكثير من التساؤلات الجوهرية، على غرار: لماذا طالت الحرب كل هذه المدة في ظل انعدام أسباب منطقية لتبرير ذلك؟ وكيف ستكون الأوضاع حاليا لو أن الحوثيين كانوا يمتلكون مثل القدرات العسكرية للسعودية والإمارات، بينما قدراتهما العسكرية كانت مثل قدرات الحوثيين؟ وما هو مستقبل السلاح السائب والجماعات المسلحة التي لا تؤمن بالدولة ولا تعترف بمقتضيات العلاقات الدولية والمصالح العامة والخاصة؟
وهناك تساؤلات أخرى ذات طبيعة سياسية، على غرار: لماذا تأثير المال السياسي في اليمن أكثر من تأثير القوة العسكرية؟ وما هي البدائل للتحالف العربي في اليمن، ولو من زاوية الحفاظ على مصالحه أو حتى إبقاء اليمن دولة هشة و"طافية"، بعد أن هدم الدولة العميقة، وهدم المجتمع العميق، وصار التشتت المرحلي لمختلف الأطراف، سواء المتصارعة أو المتصالحة أو المتحالفة، هو سيد الموقف؟
أيضا، لماذا تلاشت تحالفات قديمة قوية لتحل محلها تحالفات جديدة هشة؟ ولماذا يتراجع دور عداوات قديمة لتحل محلها مصالحات ظاهرية؟ وما هو مستقبل مختلف الأحزاب والقوى السياسية اليمنية والجماعات المسلحة الانفصالية والقبلية والمناطقية والطائفية بعد أن ترسخ "ميراث الموت" والثأرات التي تهدد بنسف المجتمع والدولة بشكل عام في حال استمرت الإدارة الفاشلة للصراع على ذات المنوال؟
وهل تعي دول التحالف العربي والمجتمع الدولي، وقبل ذلك مختلف الأطراف اليمنية، المآلات الكارثية للإدارة الفاشلة والغبية للصراع؟ وهل سيصرف العالم النظر عن مستقبل أهم موقع إستراتيجي في الكرة الأرضية على صلة بالتجارة الدولية وصادرات النفط والغاز؟ ولماذا تبدو مختلف الأزمات في بلدان الربيع العربي وكأنها شارفت على الحل أو الحسم، بينما تبدو الأزمة اليمنية وكأنها في بدايتها أو بدون أمل بنهايتها؟
والسؤال الأهم: ماذا بقي من الدولة في اليمن؟ وماذا بقي من تماسك للمجتمع اليمني بعد أن تعمقت الانقسامات المناطقية والقبلية والمذهبية والطائفية والسياسية؟
هذه الأسئلة وغيرها ستكون محور تناولات "الموقع بوست" خلال الأيام المقبلة للتداعيات والنتائج الكارثية للانقلاب والحرب والتدخل العربي في البلاد، بالإضافة إلى رؤية استشرافية لمستقبل الصراع وكيف سينتهي والسيناريوهات المحتملة وما الذي سيترتب على كل منها.